الحكومة اللبنانية تبرر وقف تغطية تكاليف الرعاية الصحية للنازحين السوريين لتحولها لـ«سياحة استشفائية»

نفت وجود أي خلفيات سياسية للموضوع والمجلس الوطني السوري يطالبها بالرجوع عن القرار

TT

أثار قرار الحكومة اللبنانية مطلع الأسبوع الحالي بالتوقف عن تغطية تكاليف الرعاية الصحية الثانوية للنازحين السوريين بسبب نقص التمويل، جملة من ردود الفعل الداخلية والخارجية بعدما أثير عن خلفيات سياسية للموضوع.

وبينما توقعت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان أن يكون للقرار «تأثيرات حادة»، بحسب ما قالت المتحدثة باسم المفوضية دانا سليمان لـ«الشرق الأوسط»، طالب عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري فاروق طيفور الحكومة اللبنانية بالرجوع عن القرار والسعي لتأمين التمويل اللازم وبأسرع وقت ممكن.

وبالتزامن مع القرار الحكومي اللبناني، كشف رئيس مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري رضوان زيادة بعد اجتماعه بالمفوض الأعلى في الاتحاد الأوروبي، أنه سيتم صرف 5 ملايين يورو من المساعدات الأوروبية للاجئين السوريين في لبنان بسبب أوضاعهم السيئة عبر المفوضية العليا للاجئين، وبحدود 4.5 مليون يورو للاجئين في الأردن.

ولدى سؤال وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور عن خلفيات القرار الحكومي اللبناني، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لم تتم مناقشة الموضوع في مجلس الوزراء بل تم إبلاغنا رسميا بالموضوع من قبل رئيس الحكومة خلال الجلسة التي عقدت يوم الاثنين الماضي»، مشددا على أن «القرار لا يقضي بوقف تغطية تكاليف الرعاية الصحية الثانوية بل بتجميدها بانتظار الخروج بآلية واضحة تمنع عملية الاستغلال»، وأضاف: «مسألة الاستمرار بتغطية النفقات محسومة ونحن كما الحكومة مجتمعة ملتزمون بالموضوع ونسعى مع الرئيس نجيب ميقاتي إلى أن يتم وضع آلية تضع الضوابط اللازمة لمنع الاستغلال بأسرع وقت ممكن بعدما لمسنا نوعا من الخفة والارتجال بالتعاطي مع الموضوع فاستوجب تصويب الأمور».

بدوره، ردّ أمين عام الهيئة العليا للإغاثة العميد إبراهيم بشير سبب تعليق دفع التكاليف لتحول الموضوع لما يشبه «السياحة الاستشفائية» لافتا إلى أن «أعدادا كبيرة من السوريين باتوا يقصدون لبنان بهدف إجراء عمليات جراحية أو الإنجاب».

وأوضح بشير أن 1147 مريضا وجريحا سوريا استفادوا من التغطية الطبية حتى الآن، لافتا إلى أن هناك الكثير من الجرحى بالإضافة إلى حالات أمراض السرطان والقلب المفتوح والولادة. وأضاف «هناك حالات بسيطة يمكن أن تتم معالجتها في الداخل السوري وهناك حالات بعيدة تأتي لعندنا. فأصبح الموضوع برمته وكأن لدينا سياحة استشفائية حتى إن أعدادا كبيرة من السوريين باتوا يقصدون لبنان بهدف إجراء عمليات جراحية أو الإنجاب»، لافتا إلى أن «ذلك أصبح يشكل عبئا ماديا علينا خاصة أن الوضع الاقتصادي صعب».

وأشار بشير إلى أن «نفقات العلاج باتت تبلغ شهريا مليون دولار في الفترة الأخيرة مما دفع الحكومة إلى أن تأخذ القرار بالوقف لأن المبالغ أصبحت رهيبة. في البداية كنا ندفع مائة ألف دولار ثم 120 ألفا ثم 200 ألف دولار، وكانت الأرقام مقبولة ولكن عندما وصل المبلغ شهريا إلى المليون دولار صار هذا مؤذيا».

وأوضح بشير أن «ما أوقفته الحكومة هو العمليات الطبية فقط وليس الدواء والغذاء»، وتساءل «لماذا يأتي الجريح السوري من حلب ودرعا إلى لبنان للمعالجة؟ لماذا لا يذهب إلى تركيا أو إلى الأردن؟ لقد أسعفنا الكثير من الحالات تحت شعار الواجب الإنساني علما أن العديد من اللبنانيين بحاجة أيضا إلى المساعدة».

وكانت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق أن الهيئة العليا للإغاثة «توقفت عن تغطية تكاليف الرعاية الصحية الثانوية بسبب نقص التمويل»، موضحة أنها «تقوم حاليا مع الهيئة الطبية الدولية بتغطية تكاليف الرعاية الطبية والخدمات الاستشفائية للنازحين السوريين المسجلين» متحدثة عن «أكثر من 30 ألف نازح سوري يتلقون المساعدة في لبنان معظمهم في مناطق الشمال من بينهم نحو 27 ألفا مسجلون لدى الهيئات الرسمية المعنية».

وتوقعت المتحدثة باسم المفوضية دانا سليمان أن يكون للقرار الحكومي الأخير «تأثيرات حادة» على وضع النازحين السوريين في لبنان مؤكدة أن المفوضية وشركاءها سيستمرون بتغطية نفقات المساعدات الإنسانية للنازحين في لبنان أن كان بما يتعلق بالإيواء أو المساعدات العينية. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نغطي 85 في المائة من تكاليف الرعاية الصحية الأولية فيما تتولى الهيئة العليا للإغاثة تغطية تكاليف الرعاية الصحية الثانوية كاملة، وبالتالي مستوى التمويل الذي لدينا لا يسمح لنا بتحمل العبء الكبير الذي كانت تتكبده الحكومة اللبنانية علما أننا حاليا نغطي بعض الحالات التي هي بحاجة ماسة للمساعدة الصحية». وبينما نفت مصادر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفي وقت سابق نفيا قاطعا أن يكون للقرار الحكومي الأخير خلفيات سياسية مؤكدة أن «ما يحكى عن أن تمويل المحكمة الدولية تم في مقابل وقف المساعدات الاستشفائية للنازحين ليس صحيحا»، طالب عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري فاروق طيفور الحكومة اللبنانية بالتراجع عن القرار معتبرا أنه كان عليها أن تستنفد كل السبل المتاحة لتأمين التمويل قبل الخروج بقرار مماثل. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نتمنى أن يكون الموضوع محصورا بمشكلة مادية وألا يتعدى ذلك ونعتقد أنّه يجب على لبنان تكثيف الجهود لتأمين تمويل خليجي أو أوروبي أو من قبل الأمم المتحدة وبالتالي تدارك الأمر قبل تفاقم الأوضاع».

وردا على سؤال، أعلن طيفور جهوزية المجلس الوطني السوري لتأمين النفقات اللازمة من صناديق دولية أو عربية كما يحصل في بعض الساحات الأخرى، مشددا على أن «ذلك يبقى أولا مسؤولية الحكومة اللبنانية»، مذكرا بأن «الشعب السوري وقف إلى جانب أشقائه اللبنانيين في حرب يوليو (تموز) 2006 وبالتالي حان الوقت ليُعامل بالمثل».