مصر تدخل جولة جديدة من الصراع حول «تأسيسية الدستور» الجديد للبلاد

«العسكري»: لا نريد فكرا متخلفا يرهب المجتمع ويحاول إعادته للخلف

المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، يرحب بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في وزارة الدفاع بالقاهرة أمس (أ.ب)
TT

باتت القاهرة أمس ساحة للسجالات الإعلامية بين أطراف اللعبة السياسية في البلاد. وخيمت ظلال أزمة «الدستور» الجديد على المشهد المرتبك أصلا، قبل يوم واحد من نظر المحكمة الإدارية العليا قضية بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور.

وبينما قال أدمن المجلس العسكري في رسالة له أمس في صفحته على «فيس بوك» إننا «لا نريد فكرا متخلفا ومزايدا يرهب المجتمع المصري ويحاول إعاقته وإعادته للخلف»، موجها انتقادات لاذعة لمن وصفهم بـ«الأقزام والمتحولين» من مروجي الإشاعات، نافيا ما نسب إلى أحد قياداته بشأن قرار بحل «التأسيسية»؛ فجر المستشار القانوني للرئيس مرسي مفاجأة بكشفه عن أن الرئيس صدق على قانون أصدره البرلمان قبيل حله بحكم من المحكمة الدستورية، لتحصين تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.

وانتخب البرلمان (المنحل) في أبريل (نيسان) الماضي جمعية تأسيسية جديدة لكتابة الدستور، بعد أن صدر حكم قضائي بحل الجمعية الأولى، لكن مصير الجمعية الثانية قد لا يكون أفضل حالا من مثيلتها.

وبكرت المحكمة الإدارية العليا موعد نظر قضية بطلان تشكيل «التأسيسية» إلى جلسة غد (الثلاثاء)، بعد أن كان مقررا نظرها في شهر سبتمبر (أيلول) القادم، مما أثار حفيظة القوى الإسلامية التي تملك الأغلبية في التشكيل الحالي للجمعية.

وقال محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني للرئيس مرسي، إن الرئيس صدق على قانون معايير انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية، الذي أعده البرلمان بالتنسيق مع المجلس العسكري قبل الحكم بحله الشهر الماضي.

وظل القانون حبيس الأدراج ولم يصدق المجلس العسكري عليه منذ إقراره في البرلمان المنحل.

من جانبه، أضاف جاد الله في تصريحات نقلتها عنه صحيفة «الشروق» المحلية أمس أن «المحكمة (المنوط بها نظر قضية بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية) يجب أن يكون هذا القانون تحت بصرها، فتشكيل الجمعية تم بموجب هذا القانون، بالإضافة إلى المادة (60 مكرر) من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس (آذار) 2011، وتأخير إصداره لا يعني إلغاءه أو إهماله».

وبموجب القانون الجديد الذي صدق عليه الدكتور مرسي تصبح المحكمة الإدارية العليا غير مختصة بنظر إجراءات تشكيل الجمعية التأسيسية، حيث تحدد المادة الأولى من القانون الذي وقعه الرئيس مرسي قبل نحو أسبوع، المحكمة الدستورية كجهة اختصاص لنظر قرارات الهيئة الناخبة للجمعية التأسيسية (الأعضاء المنتخبون في البرلمان).

وفي مسعى جديد لتحصين الجمعية التأسيسية قبل نظر قضية بطلانها، استقال من عضوية الجمعية أمس نائبان بمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) عن حزب «الإخوان». وجاء حكم بطلان الجمعية التأسيسية الأولى بسبب ضمها نوابا بالبرلمان مثلوا نصف عدد أعضائها، وهو الأمر الذي تكرر في التشكيل الجديد لها وإن بنسبة أقل. وفقد نواب مجلس الشعب صفتهم النيابية بعد حل المجلس.

وبينما لم تتضح بعد الآثار القانونية المترتبة على صدور القانون الجديد، نفى مصدر عسكري صحة التصريحات الصحافية المنسوبة للواء ممدوح شاهين عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة بشأن حل الجمعية التأسيسية للدستور، مؤكدا استمرار الجمعية التأسيسية الحالية في عملها.

وفي رسالة هي الأولى منذ أن تولى الدكتور مرسي سلطاته كرئيس جديد للبلاد مطلع الشهر الجاري، شن أدمن الصفحة الرسمية للمجلس العسكري على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، هجوما عنيفا على من وصفهم بالمشككين والمزايدين والمتحولين والأقزام و«حدف البحر»، قائلا أمس: «ما زال البعض يواصل هوايته التي سئمناها جميعا.. تارة بتسريب معلومات غير حقيقية أو بمعنى أدق تحمل معنى الخبث والكذب معا، وتارة أخرى بترديد شائعات يتبناها هواتها ومطلقوها لتحقيق أهداف باتت واضحة للجميع.. لقد صبرنا وثابرنا طويلا على مثل هؤلاء المتسلقين والمتحولين الذين ظهروا فجأة، ولكن لكل شيء نهاية.. لتضعوا مصر نصب أعينكم وفي قلوبكم، فالمنصب زائل والمقعد لا يدوم والتاريخ لا يذكر الأقزام».

وتابع: «يحاول البعض (...) الزج باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو رئيسه في صراعات وحروب وهمية من نسج خيالهم وما هي إلا مشاكلهم التي صنعوها بأنفسهم للإيحاء للرأي العام بأن هناك صراعات على السلطة تدور في الخفاء، والحقيقة هي أنها صراعاتهم الداخلية والشخصية والتي ليس لنا أي علاقة بها».

وأضافت الرسالة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لم ولن يعمل إلا لصالح مصر، وما يتردد عن تصريحات ذكرت على لسان أعضائه خلال هذه الفترة عار تماما عن الصحة، فلم يتحدث أي عضو من المجلس منذ تسليم السلطة تقديرا واحتراما للسلطة الشرعية التي تدير البلاد إلا ما هو واضح وقاطع بالصوت والصورة.. «لقد كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال مراحل الفترة الانتقالية توافقيا على قدر جهده ولم يكن تصادميا على الإطلاق ولن يكون.. نحن الآن لسنا طرفا في أي صراع ولن نكون، بل سنكون داعمين ومؤيدين لكل الخطوات التي تسحب قاطرة مصر للأمام».

وقالت رسالة أدمن «العسكري»: «آن الأوان لبذل الجهد والعرق ونبذ الخلافات والتوحد ومراعاة المصلحة العليا للوطن الغالي.. هناك رئيس يريد أن يحقق أهدافه وأن يفي بوعوده (...)، وهناك شعب ثائر لا يهدأ يريد أحلامه المشروعة (...) لا نريد فكرا متخلفا ومزايدا يرهب المجتمع المصري ويحاول إعاقته وإعادته للخلف». وخلال مراسم تسليم وتسلم قيادة الجيش الثاني الميداني، أمس، قال المشير حسين طنطاوي في كلمته إن «القوات المسلحة تحترم جميع السلطات القائمة، وسوف نعمل على أن تصل مصر إلى بر الأمان وألا تسقط أبدا، فمصر لكل المصريين.