النظام ينفي مجزرة التريمسة.. والمعارضة تتهمه بـ«التناقض» في تصريحاته

مقدسي قال إنها «اشتباكات» بين الجيش السوري و«جماعات إرهابية».. والمراقبون يزورونها ثانية

سيدة سورية تحمل طفلها وتجلس أمام منزلها الذي تم تدميره في التريمسة (أ.ب)
TT

نفت وزارة الخارجية السورية وقوع مجزرة في بلدة التريمسة في ريف حماه، وعلل المتحدث باسمها جهاد مقدسي الأحداث في القرية بأنها «ليس مجزرة أو هجوما من الجيش على مواطنين»، بل «اشتباك بين الجيش السوري وجماعات إرهابية مسلحة لا تؤمن بالحل السياسي»، وجاء ذلك في وقت زار فريق من المراقبين الدوليين لليوم الثاني على التوالي أمس التريمسة لمواصلة التحقيق في أحداث الخميس الماضي التي ذهب ضحيتها أكثر من 150 قتيلا بحسب ناشطين.

وأشار مقدسي، في مؤتمر صحافي عقده في دمشق، إلى أنه «لو كان ما حصل في التريمسة مجزرة لما سمحنا للمراقبين الدوليين بالتوجه إلى المنطقة»، لافتا إلى أن الأضرار المادية أتت على خمسة مبانٍ فقط تابعة للمجموعات المسلحة وتتضمن أسلحة». وقال إن «من يستخدم الصواريخ هو الطرف الآخر وليس نحن لأننا في حالة الدفاع عن النفس»، مشددا على أنه «لو كانت المعارضة تؤمن بالحل السياسي لكانت شاركت في المبادرات الروسية والصينية، وتصرفها صبياني».

وكشف مقدسي عن تسلم الخارجية السورية رسالة من المبعوث الأممي إلى دمشق كوفي أنان تتعلق بما حصل في قرية التريمسة، ورأى أن «أقل ما توصف به هذه الرسالة أنها لم تستند إلى حقائق ما جرى في هذه القرية وبدبلوماسية شديدة نقول إنها رسالة متسرعة إلى أبعد الحدود».

وأوضح مقدسي أن «الاشتباكات استمرت بضع ساعات ولم تستخدم خلالها قوات الحكومة لا الطائرات ولا المروحيات ولا الدبابات ولا المدفعية، وكل ما قيل عن استخدام أسلحة ثقيلة للهجوم على قرية مساحتها كيلومتر مربع واحد، عارٍ عن الصحة». وتابع: «ما استخدمناه في هذا الهجوم أسلحة خفيفة، وأقواها كان قذائف (آر بي جي)، وما تم العثور عليه في التريمسة هو كميات كبيرة من الأسلحة وعبوات نازفة».

في موازاة ذلك، دخلت بعثة المراقبين الدوليين مجددا إلى التريمسة أمس، وذكرت المتحدثة باسم البعثة سوسن غوشة أن «فريق الأمم المتحدة عاين أمس عدة منازل وبقع الدم الظاهرة والمنتشرة في بعض الغرف، إضافة إلى رصاصات فارغة»، وبينما أكدت وقوع عملية عسكرية الخميس الماضي، قالت إن «الفريق وجد مجموعة كبيرة من الأسلحة الثقيلة وأسلحة صغيرة وقذائف هاون».

واتهم عمر إدلبي، عضو المجلس الوطني السوري وأحد الناطقين الرسميين باسم لجان التنسيق المحلية في سوريا النظام السوري بـ«تأخير وصول بعثة المراقبين، ما أتاح له الوقت الكافي لإخفاء الأدلة والإثباتات على ارتكاب المجزرة»، موضحا أنه «تم تأخير دخول المراقبين 14 ساعة بعدما تسنى له الوقت الكافي لمحو آثار المجزرة».

وقال إدلبي لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم ما حاول النظام إخفاءه فإن بعثة المراقبين تمكنت من معاينة آثار الأسلحة الثقيلة التي استخدمها النظام وادعاءاته لم تعد تنطلي على أحد واعتدنا عليها»، معتبرا أن «تصريح المتحدثة باسم بعثة المراقبين عن عملية عسكرية ما هو إلا تأكيد لما أورده إعلام الثورة عن عملية عسكرية واسعة النطاق على التريمسة صباح المجزرة واستخدمت فيها الطائرات والمدافع قبل دخول قوات الأمن والشبيحة».

وكانت بعثة المراقبين أعلنت في بيان أول من أمس أن الهجوم على التريمسة «استهدف على ما يبدو مجموعات ومنازل محددة، بشكل رئيسي للجنود المنشقين والناشطين»، مشيرة إلى «برك من الدماء وبقع دماء في غرف عدد من المنازل، إضافة إلى مظاريف رصاص».

وأعرب إدلبي عن اعتقاده بأنه «لم تتوفر الظروف الموضوعية لتكتشف بعثة المراقبين ما حدث، كما أن مرافقتهم من النظام حالت دون إمكانية لقائهم مع الناشطين في البلدة، رغم خروج مظاهرة دحضت مزاعم النظام لناحية استدعائه للقضاء على مجموعات مسلحة».

واعتبر إدلبي أن «في تصريح مقدسي مسألتين مثيرتين للانتباه، حيث افتقرت ادعاءاته إلى المنطق عندما تحدث عن مجزرة ارتكبها إرهابيون في اليوم الأول، ثم عاد أمس ليتحدث عن عملية عسكرية استهدفت منشقين، عدا عن إسفافه أخلاقيا لدى حديثه عن أن معظم القتلى من الملتحين، وهذا لا يبرر أنهم من الإرهابيين».

وشدد إدلبي على أن «اعتراف النظام بقيامه بعملية عسكرية في المنطقة دليل على أن من سقطوا في المجزرة سقطوا على أيدي قواته»، ولفت إلى تضارب في الروايات حول من هم المستهدفون، فهل هم إرهابيون استهدفهم النظام كما يدعي أم هم منشقون؟ ولقي مدنيون حتفهم بسبب عدم دقة النظام في تحديد أهدافه، مذكرا بـ«أننا طالبنا مرارا بإرسال بعثات تحقيق دولية للفصل في هذا الاختلاف في الروايات، وقلنا إننا لا نمانع وجودها، لكن النظام هو من يعرقلها».

وكان عدد من أهالي التريمسة قالوا في روايتهم لملابسات المذبحة إن «جنودا ومسلحين يعتقد أنهم من قرى علوية مجاورة موالية للنظام شاركوا في الهجوم، وقتلوا مدنيين حاولوا الهرب من القصف، وقتلوا آخرين ذبحا ورميا بالرصاص، وأحرقوا البعض الآخر داخل بيوتهم.

وتحدث ناشطون عن مقتل أكثر من 220 شخصا في القرية، وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عددا كبيرا من القتلى أعدموا جماعيا، مشيرا إلى مقتل 17 شخصا بينهم أطفال ونساء لدى محاولتهم الفرار من القصف الجوي والمدفعي الذي تعرضت له القرية.