البحرين: صدور أول تقرير يقيم تنفيذ توصيات «لجنة بسيوني»

استعرض إعادة المفصولين وتسوية قضايا القتل وحل مشكلة دور العبادة

محمود بسيوني
TT

كشفت البحرين أمس عن أول تقرير مرحلي لتنفيذها توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المعروفة باسم «لجنة بسيوني»، بإعادة 92 في المائة من الموظفين المفصولين من القطاع الخاص، كما تم تخصيص 500 ألف دولار لبرامج المصالحة الوطنية من قبل وزارة التنمية الاجتماعية.

ومعلوم أن لجنة بسيوني حققت في الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين في الفترة بين 14 فبراير (شباط) و16 مارس (آذار) عام 2011.

وصدر التقرير عن جهاز متابعة تنفيذ التوصيات الذي استعرض جهود الحكومة في إعادة المفصولين من أعمالهم، وكذلك التسوية المدنية لحالات القتل التي حدثت إبان الأحداث، كما استعرض التقرير الجهود الحكومية في حل مسألة دور العبادة وترشيد الخطاب الديني ليكون رافدا من روافد المصالحة الوطنية التي تولتها وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع مؤسسة أسكوتلندية غير ربحية متخصصة في قضايا الشباب.

وأكد التقرير أن مكتب التسوية بوزارة العدل خصص مبلغ مليون و20 ألف دينار لـ17 حالة وفاة، وإعادة بناء 5 مساجد وتصحيح أوضاع 8 دور عبادة أخرى.

وأضاف الجهاز أنه وضع ضوابط للخطب الدينية تحترم المواطنة والتعددية والتعايش والخصوصية المذهبية، إلى جانب وضع برامج دورات للأئمة والخطباء لتأصيل الوسطية واحترام الآخر ومقاومة الفكر المتطرف تنفذ خلال عامي 2012 و2013، لافتا إلى أن الحكومة تعمل مع جهات دولية لسن تشريع يجرم التحريض على الكراهية والطائفية.

وقالت دانة الزياني، رئيسة جهاز المتابعة، إن التقرير شمل مواضيع إعادة المفصولين، المصالحة الوطنية، الأجهزة الأمنية، والإعلام والقطاع التعليمي، وأضافت أنه، طبقا للإحصاءات المحدثة لوزارة العمل، عاد معظم المفصولين إلى وظائفهم الأصلية، وأخذت الحكومة على عاتقها مسؤولية إرجاع العامل إلى وظيفة تعادل وظيفته السابقة من ناحية الدرجة والأجر والاستحقاقات نفسها، وقالت إن هذه الخطوة تأتي التزاما من الحكومة بإعادة الأمور إلى طبيعتها، وفي روح من المصالحة الوطنية، وجهت الحكومة جميع الشركات الخاصة لإعادة 2462 من العمال المفصولين، حيث عاد نحو 92 في المائة من الموظفين إلى وظائفهم.

ولفتت الزياني إلى أن 1765 من المفصولين يعملون في الشركات الخاصة المملوكة جزئيا للدولة، وأعيد حتى الآن معظم تلك الحالات، ورفض إعادة 12 عاملا فقط من قبل بعض الشركات، ورفعوا بدورهم دعاوى قضائية. وقالت إن الحكومة سعت إلى إعادة 697 عاملا في شركات القطاع الخاص غير الحكومية، وأعيد حتى الآن 160 إلى أعمالهم السابقة، في حين عين 370 في شركات أخرى.

وأشارت الزياني إلى رفض إعادة 42 عاملا من قبل بعض الشركات، ورفع العمال دعاوى عمالية على أصحاب العمل منظورة حاليا أمام المحاكم البحرينية.

وفي جانب برامج المصالحة الوطنية قالت رئيسة الجهاز إنه بعد الاطلاع على خطط الجهات المعنية بموضوع المصالحة الوطنية ومتابعة مدى تنفيذ الخطط الموضوعة، جرى وضع عدة برامج تستهدف المصالحة الوطنية في عدد من الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والاستعانة بخبرات دولية في هذا الشأن، ويأتي في إطار الالتزام التام بالعمل على حلحلة المشاكل التي نتجت عن الأزمة السابقة، ووضعت خططا وبرامج لمعالجتها وتعزيز مبدأ المصالحة الوطنية، بهدف التقليل من آثار الأزمة التي عصفت بالبحرين، وتعزيز الثقة بين مكونات الشعب الواحد.

وأضافت أن هذه الخطوات شملت مبادرة وزارة التنمية الاجتماعية عبر تخصيص 500 ألف دولار لمنظمات المجتمع المدني التي تساهم في برامج المصالحة الاجتماعية، وتدشين مبادرات للمصالحة الاجتماعية الأخرى التي تعنى بدعم اللحمة الوطنية بين أفراد المجتمع البحريني، معتمدة على تعزيز فكرة المواطنة والتعايش.

وقالت الزياني إنه انطلاقا من حرص وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على تعزيز مبدأ المصالحة الوطنية، وإدراكا للدور المؤثر الذي يلعبه الخطاب الديني في سلوكيات الناس، ظهرت الحاجة الملحة في هذه المرحلة إلى أن يكون الخطاب الديني ذا دور إيجابي يشجع على الوحدة وينبذ العنف والتطرف والطائفية ولا يدعو للكراهية.

وفي هذا الإطار فعلت وزارة العدل والشؤون الإسلامية آداب الخطاب الديني الذي يضم مجموعة من الضوابط يجب اتباعها عند إلقاء الخطب والدروس والمحاضرات الدينية، أساسها احترام مبدأ المواطنة الصالحة والتعايش المشترك، مع وجوب مراعاة الخصوصية المذهبية واحترام التعددية وتجنب الخوض في كل ما يثير النعرات الطائفية.

وكانت اللجنة الوطنية طلبت إبان فترة عملها توفير التعريفات المطابقة للمعايير الدولية لمصطلح «التحريض على الكراهية والطائفية»، وأشارت الزياني إلى أن الحكومة تعمل مع عدة جهات ذات خبرة دولية في مجال حقوق الإنسان لوضع تشريع يجرم هذا المضمون.

ووضعت وزارة العدل لتنفيذ التوصية برنامج دورات للأئمة والخطباء ليتم تنفيذه على مدى السنة الحالية والمقبلة 2012 - 2013، وتهدف الوزارة من خلال هذه الدورات والورش إلى الارتقاء بالمستوى العلمي والعملي للخطاب الديني لدى الدعاة، وزيادة وعي الدعاة بضرورة مواكبة الخطاب لمستجدات العصر ومتغيراته، ودعم حوار الحضارات، وتأصيل مبدأ الوسطية واحترام الآخر، ومقاومة الفكر المتطرف والخطاب المتشدد ونبذ الكراهية والعنف، والتأكيد على مبدأ المساواة والمواطنة.

وتشمل الدورات الدعاة من الجنسين، المتصدرين للفتوى وإرشاد الناس، الأئمة والخطباء، مدرسي العلوم الشرعية في المعاهد والحوزات والمراكز الدعوية، وطلبة العلم الشرعي، حيث حرصت وزارة العدل على أن تراعي مناهج التعليم بالمعاهد الدينية والحوزات قيم التعددية والعيش المشترك. وشارك في تنفيذ وتصميم الدورات عدة جهات، بينها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وإدارتا الأوقاف السنية والجعفرية، والمجلس الأعلى للمرأة، ووزارة التربية والتعليم، والعلماء والدعاة والخطباء من جميع المذاهب، ومفكرون ومثقفون من الداخل والخارج، وممثلون عن جامعة الدول العربية، والمنظمات والهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.

وفي السياق ذاته وبالتعاون مع مؤسسة غير ربحية متخصصة في شؤون الشباب بأسكوتلندا، حيث تجري دراسة تنفيذ عدد من الأنشطة المندرجة تحت مظلة المصالحة الوطنية للشباب، ويتم التركيز على إشراك الشباب في عدد من الفعاليات والأنشطة تحت إشراف مختصين في مجالات عدة، حيث تقوم فكرة المؤسسة على تحفيز الشباب للخروج بأفكار ومقترحات مفيدة وفعالة في شتى المجالات ضمن بيئة نقاشية جيدة.

وألقى التقرير الضوء على تسوية أوضاع المتضررين بأسرع إجراءات ممكنة، واللجوء إلى تبني مبادرة التسوية المدنية من قبل مجلس الوزراء بناء على اقتراح اللجنة الوطنية المشكلة لمتابعة تنفيذ التوصيات.

وقالت رئيسة جهاز المتابعة إن مكتب التسوية المدنية بوزارة العدل تلقى عددا من طلبات التعويض، وقرر تقديم تعويضات لـ17 حالة كمرحلة أولى، وبلغ إجمالي التسويات مليونا و20 ألف دينار «2.6 مليون دولار»، وجار صرف التسويات لمستحقيها دون المساس بأي مساءلة جنائية.

وفي جانب إعادة تأهيل دور العبادة بناء على توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق، تم تحديده 5 مواقع لدور العبادة، قالت الزياني إنه تمت مباشرة العمل على بناء 5 مواقع، وشارف العمل فيها الانتهاء. وأضافت أن العمل جار لتصحيح وضع 8 مواقع أخرى وتسويرها، كما يجري العمل على تخصيص 9 مواقع لدور العبادة، ليصبح الإجمالي 22 موقعا، ويبقى قيد الدراسة تبعا لوضعية الملكيات ومتطلبات التخطيط 8 مواقع.

وقالت الزياني إن الإجراءات المتخذة تأتي في إطار الحرص المستمر على دراسة وتغطية احتياجات جميع المناطق من دور العبادة وتوفير الأراضي وتخصيصها لإقامة دور العبادة في مختلف مناطق ومحافظات البحرين، بما يفي باحتياجات كل منطقة تبعا للتخطيط المعتمد، وبالشكل القانوني السليم الذي يحفظ لدور العبادة قدسيتها ومكانتها وأداء رسالتها.