تونس: والدة محمد البوعزيزي أمام القضاء اليوم

انقسام في سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية حول إيقافها

منوبية البوعزيزي والدة محمد البوعزيزي تعاين ملصقا عليه صورة ابنها مؤجج الثورة التونسية (رويترز)
TT

من المنتظر، حسب دوائر قضائية تونسية، أن تمثل منوبية البوعزيزي، والدة محمد البوعزيزي، الذي أطلق انتحاره حرقا الثورة التونسية، أمام المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بعد ثلاثة أيام من احتجازها في السجن المدني بقفصة (نحو 500كلم جنوب غربي تونس) على خلفية اعتدائها اللفظي على أحد الموظفين داخل أروقة المحكمة الابتدائية بمدينة سيدي بوزيد.

واللافت في ملف والدة البوعزيزي أن إيقافها لم يحظ بالاهتمام الكافي على المستوى المحلي، باستثناء مدينة سيدي بوزيد حيث تعيش عائلة محمد البوعزيزي منذ عقود من الزمن. ولم تصدر تبعا لذلك إلا تعليقات طفيفة على ما جد من معطيات عن عملية إيقافها، ولم يثر الأمر فضول التونسيين وسط مجموعة كبرى من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تبعت الثورة التونسية. وقد أصدر حزب «حركة وفاء» الذي يقوده الناشط الحقوقي عبد الرؤوف العيادي أول من أمس بيانا أدان فيه العملية، واستنكر طريقة الإيقاف، بينما تجاوزت بقية الأطراف السياسية المسألة ولم تكن ضمن أولويات اهتمامها.

أما في مدينة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، فإن انقساما قد طرأ على أهالي المدينة حول هذه الحادثة، واعتبر البعض منهم أن والدة البوعزيزي من حقها أن تعتز بابنها الذي أهدى للعالم مصطلح «الربيع العربي»، ومن واجب جميع التونسيين أن يمكنوها من حظوة خاصة تكون محل تقدير وتبجيل، وقالت أطراف أخرى إن كونها والدة مؤجج الثورة لا يمنحها «جواز سفر» لمخالفة القانون. وفي هذا السياق نادى عبد السلام الحيدوري (ناشط نقابي) بضرورة التخلص من مظاهر استغلال النفوذ والتباطؤ في قضاء شؤون التونسيين حتى يحس المواطن العادي بحدوث الثورة، وأن يكون في وضع من يقطف ثمار ما أقدم عليه الشاب محمد البوعزيزي شتاء عام 2010. وأضاف أن كل التونسيين في حاجة لاحترام القانون حتى لا تعيد الديمقراطية الفتية الظلم والاستبداد تحت أي مسمى كان.

وانتقد بعض أهالي مدينة سيدي بوزيد عملية الإيقاف التحفظي لوالدة البوعزيزي، وفي هذا الصدد قال عطية العثموني (ناشط سياسي) إنه من حيث المبدأ لا يوافق البتة على إيداعها السجن، وذلك بالنظر إلى أنها لم ترتكب جرما كبيرا ترتب عنه إخلال كبير داخل المحكمة، واعتبر أن مثل تلك المشادات الكلامية تكاد تمثل الخبز اليومي بين التونسيين وموظفي الإدارة التونسية، التي لا تخلو من عناصر الروتين والبطء في قضاء الشؤون، على حد قوله. إلا أنه استدرك ليتناول الموضوع من وجهه الثاني، معتبرا أن التعدي على القضاة قد يكون مسألة مثيرة للجدل ومن حق القضاء الاحتجاج ضد ذلك، إلا أن والدة البوعزيزي التي أصبحت شخصية عامة وامرأة صبورة بعد فقدان ابنها في الظروف التي يعلمها الجميع، قد يباح لها القليل من الهوامش السلوكية الإضافية وما على الدوائر الإدارية إلا مراعاة هذا الجانب الذي يتداخل فيه السياسي مع الاجتماعي.