حركة النهضة التونسية تثبت آلية الشورى داخلها.. وتعد بتجميع القوى الوسطية

أنهت أول مؤتمر علني تعقده في تونس دام 4 أيام

TT

كشفت فريدة العبيدي، الناطقة الرسمية باسم المؤتمر التاسع لحركة النهضة التونسية الذي أنهى أعماله أمس بالعاصمة التونسية، عن أن قيادات الحركة تعرضت أثناء مناقشتها للتقرير الأدبي إلى تفعيل العفو العام التشريعي العام، والتعويض لفائدة المتضررين من النظام الاستبدادي السابق، بالإضافة إلى ضحايا الثورة التونسية من القتلى والجرحى.

وأكدت العبيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المشاركين في المؤتمر من القيادات أكدوا على خيار الشورى داخل حركة النهضة وهي تسعى إلى تثبيت هذه الآلية في طريقة تعاملها مع الملفات العالقة.

وكانت حركة النهضة قد أنهت أشغال مؤتمرها التاسع الذي انطلق لأول مرة في العلن الخميس الماضي في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية وهي تنتظر بعد 40 سنة من الوجود قيادة جديدة تستمد شرعيتها من القاعدة الانتخابية الواسعة للحركة. وتتوقع كل الدوائر السياسية القريبة من الحركة أن يتم ترشيح راشد الغنوشي الزعيم التاريخي للحركة لمنصب الرئاسة من جديد في ظل عدم وجود منافسين بإمكانهم المراهنة على قيادة الحركة خلال المرحلة القادمة.

وكان حمادي الجبالي، الرئيس الحالي للحكومة والأمين العام لحركة النهضة، قد ربط بين نجاح المؤتمر في تحقيق مجموعة من الأهداف وتكريس التوجهات التي تؤمن للحركة مواصلة إدارة المرحلة الانتقالية وصرح بأن «الأولوية الكبرى هي النجاح في الانتخابات المقبلة (الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها خلال النصف الأول من سنة 2013) بنتائج مريحة تعزز إمكانيات الحركة في تشكيل المشهد السياسي».

من ناحيتها، تنظر الأقلية المعارضة من زاوية نظر مختلفة فهي تنتظر ما سيسفر عنه مؤتمر حركة النهضة وخاصة ما يتعلق بدعوة الحركة إلى التوافق وكذلك إلى توسيع دائرة الائتلاف الحكومي من خلال إجراء تعديل حكومي مباشرة بعد الانتهاء من المؤتمر. وانقسمت القيادات المعارضة بين اعتبار المؤتمر مسألة داخلية تهم الحركة في المقام الأول وبين الدعوة إلى الابتعاد عن الغرور الذي قد يعيد في تونس خلق نفس المنظومة الاستبدادية السابقة. واعتبرت أطراف أخرى أن الحديث عن الوسطية والتوافق والاعتدال في خطاب حركة النهضة طوال فترة المؤتمر بمثابة «الحملة الانتخابية السابقة لأوانها». وبعد أربعة أيام من المناقشات يبدو من خلال مجموعة من التحاليل التي تناولت في تونس مستقبل حركة النهضة أنها مقدمة على ثلاثة رهانات أساسية أولها الحفاظ على وحدة الحركة وتطويق الخلافات الداخلية قبل الموعد الانتخابي المقبل، وبالتالي المحافظة على «وسطية الحركة واعتدالها وقدراتها على إنجاح سياسة الائتلاف». والرهان الثاني يتمثل في مزيد من الفصل بين العمل السياسي والعمل الديني الدعوي بهدف طمأنة الأطراف السياسية الداخلية والرأي العام الدولي المتابع للتجربة التونسية حول مدنية الدولة واحترامها لكافة الحقوق والحريات.

أما الرهان الثالث حسب المتابعين للمشهد السياسي التونسي فيتمثل في التأكيد على الائتلاف والوفاق بين التيارات الإسلامية وبقية التيارات السياسية والانتقال بها من مرحلة التحالف الوقتي إلى وضع التحالف الاستراتيجي. وفي هذا السياق، قال عبد اللطيف المكي رئيس المؤتمر، إن النهضة تعمل على تأكيد «النهج الوسطي المميز لها وهي حريصة على تجميع كل القوى الوسطية»، على حد قوله، وطمأن التونسيين بأن حركة النهضة مثلت ولا تزال «قوة متوازنة لم تجنح يمينا أو يسارا وهي تسير خلال المرحلة المقبلة نحو مزيد من تحصين المجتمع التونسي ضد كل أنواع التطرف، وهي تهدف إلى إنجاز جذع مشترك تتمثل في بناء دولة المؤسسات ودولة ديمقراطية وهذا يتطلب تجميع كل القوى الوسطية».