إسرائيلي يشعل النار في جسده احتجاجا على سياسة حكومة نتنياهو

20 ألفا تظاهروا في القدس وتل أبيب وحيفا

متظاهر يشعل النار في نفسه احتجاجا خلال مظاهرة في تل أبيب طالبت بالعدالة الاجتماعية (رويترز)
TT

أشعل إسرائيلي النار في جسده خلال مظاهرة كبيرة أقيمت في تل أبيب، الليلة قبل الماضية، احتجاجا على السياسة الاقتصادية الاجتماعية للحكومة التي يرأسها بنيامين نتنياهو. وقد أصيب الرجل بحروق بليغة أتت على 80 في المائة من جسمه، لكن حياته، على الرغم من الإصابة الخطيرة، ليست في خطر.

فقد بدأ الشاب يهتف «عدالة اجتماعية»، في الساحة المقابلة لوزارة الدفاع، بينما كان يسكب الوقود على جسده ويشعل النار. وقد حاول المحيطون به إطفاء الحريق بالماء وبقطع الملابس، ثم نقلوه في حالة خطرة إلى المستشفى. وقبل أن يسقط أرضا ألقى للمحيطين حوله برسالة جاء فيها: «دولة إسرائيل سرقتني، سطت علي. تركتي بلا شيء. حتى المساهمة في أجرة البيت لم تعطني. إنهم يأخذون من الفقراء ويعطون الأغنياء والموظفين». وأضاف الرجل في رسالته: «إنني أتهم دولة إسرائيل وبنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء) ويوفال شتاينتس (وزير المالية) الحقيرين بإذلال المواطنين في كل يوم. أنا خدمت في الجيش الإسرائيلي خدمة إجبارية، وبقيت أخدم في جيش الاحتياط حتى سن 46 عاما. ومع ذلك فأنا لا أملك النقود لشراء الأدوية ولا لأجرة البيت. وقد قررت أن لا أسمح لنفسي بالعودة للنوم في الشارع بلا بيت، ووجدت الطريق الوحيد هو أن أحرق نفسي أمام عدسات الكاميرات، حتى يراني العالم أجمع».

وكان الرجل قد شارك مع 20 ألف إسرائيلي في مظاهرات بمناسبة مرور سنة على انطلاق الهبة الاحتجاجية الكبيرة التي اجتاحت إسرائيل في الصيف الماضي، معلنين أن الحكومة لم تغير شيئا جوهريا في سياستها الاقتصادية الاجتماعية، وما زالت احتياجات المواطن الأساسية تقع في مكان بعيد في قاع سلم اهتماماتها. وسارت المظاهرات في كل من تل أبيب وحيفا والقدس الغربية والعفولة. وارتفع فيها شعار موحد: «الشعب يريد العدالة الاجتماعية». وارتفعت شعارات أخرى عينية، بينها شعار صارخ: «لدينا حكومة كذب وخداع».

ولكن قيام أحد المتظاهرين في تل أبيب بإحراق نفسه، غطى على المظاهرات. وقد تبين أن الرجل يسكن، حاليا، في حيفا. وكان قد عمل في تل أبيب وسكن فيها، حيث أقام شركة نقليات محلية في المدينة. وقد فشلت مصلحته التجارية هذه نتيجة لدخوله في مصاعب مالية. فترك المهنة وراح يعمل سائق سيارة أجرة. ولكنه خلال عمله أصيب بشلل دماغي، وأصبح معوقا بنسبة 100 في المائة، واضطر إلى ترك عمله والعيش على مخصصات مؤسسة التأمين الوطني. ولكي يوفر في مصروفاته، انتقل للسكن في حيفا، حيث الأجور تبلغ نصف قيمتها في تل أبيب، وتكاليف المعيشة فيها أرخص.

ويروي أحد أصدقائه في حيفا قائلا: «لقد خفنا عليه حقا؛ فالرجل مقهور، ويشعر بأن الدنيا أغلقت في وجهه. وقد استدرجناه فعرفنا أنه ينوي إحراق نفسه، فقررنا أن نحرسه طيلة الوقت، عندما يصل إلى المظاهرة. توقعنا أن يقدم على هذا العمل خلال المظاهرة، فهو يتحدث في الآونة الأخيرة عن الشاب التونسي الذي أحرق نفسه، وكان حريقه الشرارة التي أشعلت الهبات الشعبية في تونس، ثم في عدة دول في العالم العربي. وقد فوجئنا بأنه لم يأت إلى مظاهرة حيفا، إذ أحس بحراستنا على ما يبدو، وسافر إلى تل أبيب ليشارك في المظاهرة هناك».

يذكر أن هذه هي المرة الثانية التي تجري فيها محاولة انتحار كهذه في إطار عملية احتجاج إسرائيلية. وكانت المرة الأولى في سنة 2005، عندما أقدمت امرأة تبلغ الخامسة والأربعين تدعى ييلينا بوسينوفا على إحراق نفسها، احتجاجا على قرار حكومة أرئيل شارون تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة وبعض مناطق الضفة الغربية (خطة الفصل). ولكنها المرة الأولى في الاحتجاج على سياسة الحكومة الاقتصادية الاجتماعية.

وتجدر الإشارة إلى أن انقساما حصل في قيادة هبة الاحتجاج في تل أبيب، حيث انشقت مجموعة ونظمت مظاهرة مستقلة. وادعت أنها انسحبت لأنها تريد شعارات أكثر وضوحا وحدة في مقارعة سياسة الحكومة ومهاجمة رئيسها. لكن المظاهرة الكبرى، التي شارك فيها 10 آلاف، كانت تلك التي حافظت على شعارات وأهداف مظاهرات السنة الماضية.