ثرية أميركية قادت حملة أوباما عام 2008 تعود إلى الصفوف الأخيرة

بعد أن أصبح التزامها للرئيس مثار غموض وذعر بين أنصاره

بيني بريتزكر تريد أن تعرف بإنجازاتها لا بثروتها التي ورثتها عن عائلتها (واشنطن بوست)
TT

للوهلة الأولى، يعتقد حضور الحفل الذي أقامته بيني بريتزكر الشهر الماضي في شيكاغو أنه مؤشر على عودتها مرة أخرى للحاق بمعسكر الرئيس أوباما، فطالما كان منزلها العصري وحديقتها الحافلة بالأعمال الفنية المكان الأمثل لإقامة حفلات جمع التبرعات على مدى سنوات. كما ضم الحفل مؤيدين للرئيس مثل رام إيمانويل، كبير موظفي البيت الأبيض السابق الذي فاز في انتخابات حاكم ولاية شيكاغو، ووارين بافت.

غير أن الحفل كان موجها لدعم حملة برنامج المشاريع الصغيرة الذي يرعاه مصرف غولدمان ساكس، لا لدعم أوباما. تركزت كل الأحاديث السياسية على إيمانويل. وبنهاية الحفل تساءل بعض الضيوف: هل تحولت أهم داعمة لباراك أوباما وأكثر الشخصيات إيمانا به، والتي ساعده دعمها في الوصول إلى مجلس الشيوخ ثم البيت الأبيض، عن دعمها له؟

أصبح التزام بريتزكر تجاه أوباما مثار غموض وذعر بين أنصار أوباما الذين يناضلون لتكرار نجاح فريق جمع التبرعات في عام 2008 الذي قادته كرئيسة له. وعلى الرغم من مساهمتها في حملة إعادة انتخاب أوباما بطرق عدة، كانت بريتزكر التي تمتلك عائلتها سلسلة فنادق «هيات» والناشطة في القضايا الخيرية واليهودية، أقل ظهورا من الحملة السابقة وخفضت من نشاطها في جمع التبرعات وقالت لأصدقائها إنها فعلت ذلك عن قصد.

فسر بعض المانحين ذلك بأنه إشارة أو استخدمت كعذر على أنها ستقلص جهودها، بحسب الأشخاص العاملين في حملة جمع التبرعات، على الرغم من التراجع الذي تشهده حملة جمع التبرعات لأوباما أمام حملة منافسه الجمهوري ميت رومني.

ويقول آندي سباهن، المستشار الديمقراطي في لوس أنجليس الذي عمل مع الداعمين البارزين في هوليوود: «المتبرعون يتساءلون: أين بيني؟ لقد اتصلنا بها ولم نتلق ردا».

يقول متبرعون لحملة أوباما، إن بريتزكر ترتبط بعدد من الأعمال الجديدة، وإنها لن تكرر الجهود الدؤوبة التي بذلتها في عام 2008، لكن المقابلات التي أجريت مع عشرات من المتبرعين والأصدقاء وأعضاء الحملة ومسؤولين سابقين في البيت الأبيض يؤكدون على أنه منذ اللحظة التي انتخب فيها أوباما بدأت العلاقة بين الاثنين تتجه إلى مزيد من التعقيد.

تكبدت بريتزكر جراء دعمها القوي لأوباما ثمنا مريرا بصورة غير متوقعة، فقد جعلتها هذه العلاقة في مرمى نيران الحركة العمالية التي استهدفتها لما وصفه مسؤولو النقابات بالممارسات الاستغلالية للعاملين في سلسلة فنادق «هيات».

تخلت بريتزكر عن أعمالها والقادة اليهود لدعم أوباما، لكن عندما تحول الكثيرون منهم إلى عداء الرئيس بسبب سياساته، وجه البعض جام غضبهم تجاهها، على الرغم من انتقاداتها هي أيضا.

ويقول ويليام ديلي، الذي خلف رام إيمانويل ككبير موظفي البيت الأبيض: «بلغ الغضب مداه، حتى وصل إلى ثلاثة اعتداءات على بريتزكر، وتحملت لهيب هذا الغضب كثيرا».

وقالت بريتزكر في مقابلة أجريت معها عبر الهاتف: «في الغالب لا تفهم الصورة الكبيرة بشأن الوجهة التي ينوي الرئيس التوجه إليها، وهذا عادة ما يكون مثار إحباط».

تمثل ثروة بريتزكر وخبرتها في الأعمال بالنسبة لأوباما أصولا ضخمة، لكنها خصوم متوقعة أيضا. فقد فكر أوباما في ترشيحها لحمل حقيبة وزارة التجارة، لكنه تراجع عن ذلك خشية أن تتسبب ثروتها في الكثير من الانتقادات. وقد أعدت خطة للحاق به في مسار الحملة هذا الشهر، لكن ذلك قد يشكل مثار حرج بالنسبة له، بالنظر إلى الانتقادات التي وجهها الرئيس لرومني بشأن نفس الممارسات التي تتهم بها بريتزكر وعائلتها من توظيف ثروات طائلة في مؤسسات خارجية ومعاملة العاملين في فنادقهم بصورة رديئة.

لا تزال بريتزكر على ولائها، لكن لا يزال يحدوها بعض القلق، بحسب مقربين منها، فقد تعلمت درسا صعبا، في أنه من الصعوبة بمكان على الرئيس الأميركي أن يكون صديقا جيدا.

ويقول آندي ستيرن، الزعيم العمالي: «هناك جملة من القضايا التي لم تحل في الحزب الديمقراطي بين الأثرياء والعاملين. وبيني مثال حي على ذلك».

جدير بالذكر أنه لولا دعم بيني بريتزكر، ربما كان من غير المتوقع أن يفوز باراك أوباما بعضوية مجلس الشيوخ أو رئاسة الولايات المتحدة. عندما دعمته للمرة الأولى في عام 2004 كانت رقم 152 على قائمة «فوربس» لأغنى السيدات في الولايات المتحدة. كان مرشحا غير متوقع بحاجة إلى دعمها ومساندتها. نشأت علاقة قوية بين أوباما وبريتزكر وأحيانا ما كانوا يقضون العطلات الأسبوعية مع عائلتيهما في منزلها الصيفي.

يقول أصدقاؤها إن بريتزكر (53 عاما)، تريد أن تعرف بإنجازاتها لا بالثروة التي ورثتها عن عائلتها. حصلت بيني على شهادات في الحقوق وإدارة الأعمال من جامعة ستانفورد. وقادت فندق عائلتها وعقاراتها وشركاتها المالية في الوقت الذي بدأت فيه إنشاء مشاريع جديدة، وشاركت في الكثير من الجمعيات الخيرية المدنية.

في عام 2008 وجهت كل هذه الطاقة نحو هدف واحد هو الوصول بباراك أوباما إلى البيت الأبيض. وعادة ما كان الديمقراطيون يتعاملون بنوع من الحدة مع مصالح الشركات، لكن بريتزكر ساعدت في تأسيس رابط غير متوقع بين أوباما الناشط المجتمعي السابق والمصرفيين وأصحاب الشركات والرؤساء التنفيذيين. على مدى عام 2007 كان أوباما متأخرا عن هيلاري كلينتون في استطلاعات الرأي، بيد أن تمكن من التفوق عليها بفضل الأموال التي جمعتها بريتزكر وفريقها.

يقول الأصدقاء، إنها كانت ترغب في الحصول على منصب وزيرة التجارة، لكن خلال جمعها الأموال لأوباما - أكثر من 53 مليون دولار ليوم التنصيب زيادة على 745 مليون دولار جمعتها من أجل الحملة - انسحبت من الترشيح (تقول هي ومسؤولو الحملة إن ذلك كان بناء على طلبها، في حين يقول آخرون إن الرئيس لم يكن يرغب في مزيد من الصراع في وقت كان الغضب الشعبي فيه مشتعلا على المميزات التي يحظى بها أصحاب الثروات).

المصرف الذي تمتلك عائلتها نصيبا منه كان متورطا في القروض العقارية السامة حتى إن بريتزكر والمالكين الآخرين دفعوا في النهاية 460 مليون دولار تسوية لشركة التأمين على الودائع الفيدرالية. وتقوم باستثمار ثروتها التي تصل إلى ما يقرب من ملياري دولار في شبكة من الشركات بما في ذلك بعضها الموجود في الخارجة لخفض التزاماتها الضريبية.

وتقول لورا دي أندريا تايسون، كبيرة الاقتصاديين السابقة في حكومة الرئيس الأسبق بيل كلينتون: «بيني واقعية، وتدرك حقائق السياسة».

وعلى الرغم من ذلك لا تزال بريتزكر متلهفة على المشاركة في الحملة، فسافرت إلى واشنطن للمشاركة في بعض الفعاليات الثانوية وعملت في لجنتين استشاريتين، لكن أكثر مساهماتها نجاحا كانت في تعزيز الشراكة بين كليات المجتمع والشركات.

لكن بعض المشاريع التي تولت إدارتها جعلتها «مخيبة للآمال بصورة تفوق المتوقع»، بحسب أحد أصدقائها.

فيقول ديلي: «مرت بيني بما يمر به غالبية الأفراد عندما يقدمون من الخارج، فإن لم تنشأ في البيت الأبيض أو في مكان ما خارج الحكومة فسوف يكون هناك نفور تجاهها».

ولمواجهة الاتهامات بأن أوباما لم يكن ودودا تجاه الشركات، سألت مسؤولي البيت الأبيض إطلاعها بآخر التحديثات والإحصاءات. ويقول مارتي نسبت، الصديق المقرب من أوباما الذي بدأ شركة بريتزكر: «بيني تسيطر على الوقائع».

وعلى الرغم من عملها كمبعوثة، عبرت عن إحباطها الشخصي بما وصفته ضعف استجابة البيت الأبيض والنبرة الحادة بشأن الثروة وشره الشركات، بحسب أصحابها.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»