كلينتون: تحريك عملية السلام يحتاج إلى مبادرة إسرائيلية شجاعة

التقت بيريس ودعاها إلى «عدم إهمال ملف السلام في الشرق الأوسط»

الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال لقائهما في القدس (أ.ب)
TT

دعا الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إلى بذل كل جهد ممكن لوقف حالة الجمود في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال بيريس لها، خلال استقباله لها في مقره في القدس الغربية، أمس، إن «إهمال ملف السلام في الشرق الأوسط يلحق الضرر ليس بالمنطقة ومصالح دولها وشعوبها فحسب، بل بمصالح إسرائيل والولايات المتحدة».

وجاءت أقوال بيريس هذه بروح انتقادية للسياسة التي تتبعها حكومته برئاسة بنيامين نتنياهو، وكذلك للسياسة الأميركية في المنطقة، وفقا لتقديرات المعلق السياسي للإذاعة الإسرائيلية العبرية. وقد ردت كلينتون على انتقاد بيريس برده إلى الحكومة الإسرائيلية، قائلة إن «تحريك عملية السلام يحتاج اليوم إلى مبادرة إسرائيلية شجاعة».

وكانت كلينتون قد وصلت إلى إسرائيل لتسجل ثالث زيارة لمسؤولين أميركيين كبار في غضون عشرة أيام، بدأت بزيارة وفد كبير بقيادة نائب وزير الدفاع، بيل بيرنز، حيث أجرى اللقاءات الدورية في الشؤون الاستراتيجية بين البلدين (ترأسها من الجانب الإسرائيلي، نائب وزير الخارجية، داني أيلون)، واستمرت بزيارة سرية لمستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، توم دونيلون، التي انتهت في يوم زيارة كلينتون نفسه.

وقالت الوزيرة كلينتون إن التطورات في المنطقة تحمل في طياتها الأخطار، ولكنها تحمل أيضا الفرص، مشيرة إلى أن ما تمر به المنطقة من تغييرات مناسب لتحقيق الأهداف الإسرائيلية - الأميركية المشتركة.

وقال بيريس في ختام لقائه مع كلينتون: «في الوقت الذي نواجه فيه (التهديد) الإيراني، لا ينبغي أن نتوقف عن محاولاتنا لتحقيق السلام مع الفلسطينيين». وحث وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، على ما سماه «وقف المجازر في سوريا»، وقال: «أنا بوصفي إسرائيليا لا أريد رؤية أطفال أبرياء يتعرضون للذبح على يد نظام ديكتاتوري في سوريا». وبشأن العلاقات مع مصر قال الرئيس الإسرائيلي: «إسرائيل تشاطر الولايات المتحدة رؤيتها حول ضرورة الحفاظ على السلام مع مصر، وتحترم نتائج الانتخابات فيها»، مضيفا: «السلام بين الشعوب أنقذ حياة الكثيرين». بدورها أثنت كلينتون على «النصائح» التي قدمها لها بيريس خلال اللقاء، واعتبرت أن المنطقة تمر بتغيرات تنطوي على حالة عدم استقرار، إلا أنها تحمل في الوقت ذاته «الفرص».

وأضافت كلينتون: «هذا هو الوقت المناسب لتحقيق الأهداف المشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل، السلام والازدهار للملايين التي تقطن هذه المنطقة والذين ينتظرون مستقبلا أفضل».

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، وصلت إلى تل أبيب الليلة قبل الماضية، مقبلة من مصر، في زيارة قصيرة تلتقي خلالها عددا من المسؤولين الإسرائيليين، وعلى جدول أعمالها تحسين الأجواء بين إسرائيل ومصر بعد الثورة. وتوقعت مصادر إسرائيلية أن تحمل كلينتون رسائل طمأنة لقادة تل أبيب بشأن العلاقات مع مصر، في حين توقعت الإذاعة الإسرائيلية أن يكون الملف النووي الإيراني في صلب أهداف الزيارة. وقال وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، سيلفان شالوم، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن هدف زيارة كلينتون هو تحسين العلاقة بين مصر وإسرائيل: «لا شك أن الولايات المتحدة تبذل الجهود لردم الفجوات، ودفع التعاون المشترك بين إسرائيل ومصر». وأضاف شالوم، إن «صعود مرسي للحكم خلق الكثير من المخاوف، لكننا نريد الحفاظ على علاقتنا الجيدة بمصر، لدينا الكثير من المصالح والحفاظ عليها في غاية الأهمية».

وقال مصدر رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، إن كلينتون نقلت معها «رسالة مطمئنة جدا»، وإنها قالت للإسرائيليين إنها تقدر أن «تكون أجندة مصر (وبالتأكيد أجندة الرئيس محمد مرسي) في المستقبل المنظور، أجندة داخلية، حيث إن على الرئيس المصري أن يعيد إصلاح الاقتصاد في بلاده، وأن يواجه التحديات الداخلية التي ينبغي أن تحتل أهمية قصوى». وقالت إنها طرحت على الرئيس محمد مرسي إمكانية أن يلتقي أحد زعماء إسرائيل، بيريس أو نتنياهو.

ولمحت وزيرة الخارجية الأميركية، كلينتون، في تصريح صحافي أدلت به في نهاية اجتماعها بالرئيس الإسرائيلي، إلى وجود خلافات إسرائيلية - أميركية تتعلق بسبل معالجة الملف النووي الإيراني، وقالت: «نحن في مرحلة يسودها عدم اليقين والاستقرار، لكنها تحمل في ثناياها بعض الفرص، وبمثل هذه اللحظات يعمل الأصدقاء معا وبطريقة ذكية وإبداعية وشجاعة».

وعلى الرغم من هذه التصريحات، فإن مصادر إسرائيلية قالت، أمس، إن الهدف الحقيقي لهذه الزيارات المكثفة من المسؤولين الأميركيين سياسي، فقد شعر الرئيس باراك أوباما بالضغط جراء وصول منافسه الجمهوري، ميت رومني، إلى إسرائيل، نهاية الشهر، فقرر أن يرسل مسؤوليه إلى إسرائيل من أجل التوازن.

إلى ذلك، التقت وزيرة الخارجية الأميركية، في مقر إقامتها في القدس، أمس، رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وقال مصدر فلسطيني مطلع، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن اللقاء الذي عقد بعيدا عن وسائل الإعلام، بحث تطورات جهود دفع استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وذكر المصدر أن فياض طالب بتدخل أميركي جاد لإلزام إسرائيل بوقف البناء الاستيطاني والالتزام باستحقاقات عملية السلام؛ من أجل المضي قدما باتجاه استئناف مفاوضات السلام. وأضاف أن فياض أكد لكلينتون ضرورة تفعيل الدور الأميركي في ما يخص رعاية عملية السلام خاصة في ظل انشغال واشنطن بانتخابات الرئاسة المقررة نهاية العام الجاري. وأشار المصدر عينه إلى أن فياض بحث مع كلينتون الأزمة المالية الحادة التي تواجهها السلطة الفلسطينية، وطالبها بالتدخل لدى الدول المانحة من أجل إلزامها بالوفاء باستحقاقات المالية.