ابن كيران يوصي في خطاب مؤثر حزبه بالتمسك بالثوابت.. وينوه بدور الملكية في المجال السياسي

«العدالة والتنمية» أعاد انتخابه أمينا عاما بأغلبية كاسحة.. واثنان من المتشددين خارج القيادة

TT

هنأ العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، بإعادة انتخابه أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية. وجاء في برقية التهنئة التي بعث بها الملك إلى ابن كيران: «إن تجديد الثقة في شخصك ليعكس مدى التقدير الذي تحظى به لدى أعضاء الحزب اعتبارا لمسارك النضالي المتميز ولما تتحلى به من غيرة وطنية صادقة».

‎وألقى ابن كيران عقب انتخابه خطابا مؤثرا جمع فيه بين الوعظ والخطاب السياسي، وضمنه عددا من الوصايا وذكر فيه «باقتراب الفراق»، لدرجة أن بعض المؤتمرين وصفوه «بخطبة وداع». واعتبر ابن كيران في كلمته أن الثقة التي وضعها فيه الحزب ستكون محفزا له للقيام بواجبه في تسيير الحزب والقيام بالمهام الأخرى الموكلة إليه (في إشارة إلى رئاسة الحكومة) بحماسة أكبر وبثقة أكبر. وقال: «إن تجديد الثقة هو بمثابة انطلاق مرحلة جديدة بالنسبة للحزب. أعلم أنني رئيس الحكومة ولكن تأكدوا أن مسؤولية رئاسة الحزب مهمة جدا، ولا أريد أن أفاضل بينهما، لأقول إن الحزب ضمانة من ضمانات الوطن للاستمرار في الطريق الصحيح الذي يسير إلى الإصلاح ».

وأوصى ابن كيران أعضاء حزبه بالتمسك بثوابت الحزب: المرجعية الإسلامية، والوحدة الترابية للمغرب، والمؤسسة الملكية. وأضاف: «الملكية ثابت من ثوابت أمتنا. يجب أن تحافظوا عليها مهما كانت ظروفنا وأوضاعنا، لأن الملكية هي لحمة المغرب، فيجب أن نحافظ عليها. ليس هناك حرج في أن نجتهد جميعا مع ملوكنا في تطوير أوضاعنا وتطوير دساتيرنا وتطوير قوانيننا لما هو أكثر عدلا وأكثر استجابة لمنطق العصر».

وفي سياق وصيته أشار ابن كيران إلى «اقتراب الفراق»، وقال: «تأكدوا من حقيقة، لا يمكن أن نبقى معكم إلى الأبد. بدأنا معكم صغارا، انظروا إلى إخوانكم، قل أن تجدوا رأسا ما زال يعلوه السواد، ابيضت الرؤوس واللحى واقترب الفراق، إما بطريقة طبيعية وإما بطريقة أخرى، ولقاؤنا عند الله».

ورد ابن كيران خلال لقاء صحافي عقب انتهاء أشغال المؤتمر على انتقادات حول قدرته على التوفيق بين مسؤولياته كرئيس للحكومة ومهامه كأمين عام للحزب، بأنه لا مجال لطرح مثل هذه الأسئلة؛ إذ إن اشتغاله في الحزب هو الذي حمله إلى قيادة الحكومة. وأشار إلى أن مبدأ تفويض المهام كأسلوب للتدبير العصري، وأن التعديلات التي أدخلها المؤتمر على النظام الأساسي من قبيل إنشاء إدارة عامة للحزب تسير في هذا الاتجاه.

وكان المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية قد جدد أول من أمس للثنائي ابن كيران وسعد الدين العثماني، الأول كأمين عام للحزب، والثاني كرئيس للمجلس الوطني الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر.

وشكل المؤتمر مناسبة لعرض الانضباط الحزبي، فعلى الرغم من الحشد الكبير الذي حضر المؤتمر فإنه تميز بجودة التنظيم واحترام المواعيد والجدول الزمني لأشغاله.

وتم الترشيح للأمانة العامة للحزب خلال اجتماع أعضاء المجلس الوطني الجديد، الذي تم انتخابه خلال المؤتمر، وأعضاء المجلس الوطني السابق تحت رئاسة عبد الله بها، الرجل الثاني في الحزب ورئيس المؤتمر. واقترح كل واحد من الأعضاء الحاضرين بشكل سري اسمين أو ثلاثة الأسماء التي يرشحها للأمانة العامة. وأسفرت هذه العملية عن ترشيح المجلس الوطني أربعة أسماء هي: عبد الإله ابن كيران (51 في المائة من الأصوات) وسعد الدين العثماني (35 في المائة) ومصطفى الرميد (14 في المائة) وعبد العزيز الرباح (14 في المائة). غير أن انسحاب مصطفى الرميد (وزير العدل) وعبد العزيز الرباح (وزير الأشغال) حصر المنافسة بين القائدين التاريخيين للحزب، ابن كيران والعثماني، حيث حسمها تصويت المؤتمرين بنسبة 85 في المائة لصالح ابن كيران.

ومباشرة بعد انتخابه قدم ابن كيران اقتراحاته للمجلس الوطني الجديد للحزب فيما يخص نواب الأمين العام والمدير العام للحزب. وصادق المجلس الوطني للحزب بأغلبية ساحقة على مقترحات ابن كيران، ليصبح رفيق دربه وذراعه الأيمن عبد الله بها نائبا أول للأمين العام، وسليمان العمراني نائبا ثانيا، فيما أسندت الإدارة العامة للحزب لعبد العزيز العماري، البرلماني من الدار البيضاء وأحد القياديين الشباب من الجيل الجديد للحزب.

وفي ساعة متأخرة من ليلة الأحد أعيد انتخاب سعد الدين العثماني رئيسا للمجلس الوطني للحزب بحصوله على 73 في المائة من أصوات أعضاء المجلس البالغ عددهم 199، منهم 160 عضوا تم انتخابهم من طرف المؤتمر والباقي بالصفة كوزراء الحزب. والجديد خلال هذا المؤتمر هو انتخاب أعضاء المجلس الوطني، وهو بمثابة برلمان الحزب، على أساس جهوي، إذ انتخب ممثلو كل منطقة من مناطق المغرب في المؤتمر ممثليهم في المجلس الوطني وفق نسبة تعكس الوزن الديموغرافي لمنطقتهم. وشكلت النساء نسبة 39.4 في المائة من أعضاء المجلس الوطني الجديد للحزب، فيما بلغت نسبة الشباب الذين يقل عمرهم عن أربعين سنة 26 في المائة.

وفي سياق ذي صلة، انتخب المجلس الوطني للحزب، عبد العالي حامي الدين، نائبا لرئيس المجلس الوطني للحزب، وعبد الصمد السكال، وصباح بوشام، وبديعة بناني، أعضاء في مكتب المجلس الوطني للحزب. ولوحظ أن اللائحة الجديدة للأمانة العامة عرفت خروج قياديين بارزين في الحزب من أبرزهم عبد العزيز أفتاتي، وهو من المتشددين، والمقرئ أبو زيد الإدريسي، وهو كذلك من المتشددين، وجامع المعتصم الذي يشغل مدير مكتب عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة.