تونس: خلافات تمدد مؤتمر حركة النهضة والغنوشي الأوفر حظا بين 8 مرشحين لرئاستها

مواصلة حبس والدة البوعزيزي بعد ساعة من التحقيقات

TT

مدد حزب النهضة الحاكم في تونس أمس مؤتمره يوما إضافيا بعدما كان مقررا اختتامه في نهاية يومه الرابع أول من أمس وسط خلافات حول الدستور المقبل للبلاد الذي يشكل قضية أساسية. وأجرى المندوبون البالغ عددهم 1103 طوال الليلة قبل الماضية مناقشات أفضت إلى لائحة سياسية التزمت الحركة بموجبها النهج السياسي «الوسطي» و«المعتدل» ونبذ «التطرف» وكذلك حول البرنامج الاقتصادي.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية تعثرت المناقشات التي جرت في جلسات مغلقة عند موقف حزب النهضة من القانون الأساسي الجديد لتونس الذي تجري صياغته. وحتى الآن، سعى الحزب الذي يشكل أكبر قوة سياسية في تونس، من أجل نظام محض برلماني لكنه قد يضطر لإعادة النظر في موقفه في غياب أغلبية كافية في الجمعية الوطنية التأسيسية. وفي الواقع، يرفض الحزبان اليساريان المتحالفان مع الإسلاميين في الحكومة، بشكل قاطع هذا الموقف ويؤكدان على نظام مشترك يبقي بعض الصلاحيات لرئيس الدولة. وقال أحد المندوبين طالبا عدم كشف هويته «بقينا (نتناقش طوال الليل) وتأخرنا بسبب هذه النقطة بالتحديد»، موضحا أن القضية لم تحسم بعد ويمكن أن تؤجل إلى وقت لاحق.

ويفترض أن يتوصل المجلس التأسيسي إلى مشروع دستور في الخريف من أجل إجراء انتخابات عامة في مارس (آذار). والنهضة الذي حقق فوزا كبيرا في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول)، هو الحزب الرئيسي فيه لكنه لا يملك أغلبية لفرض وجهات نظره.

وتحدث مندوبون في المؤتمر طلبوا عدم كشف هوياتهم عن مناقشات حادة بين القدامى والجيل الجديد لكنهم رفضوا تحديد طبيعتها وحجم الخلافات. ويفترض أن ينتخب المندوبون البالغ عددهم نحو ألف الاثنين قيادتهم وخصوصا رئيس الحزب، المنصب الذي يتوقع أن يحتفظ به راشد الغنوشي أحد مؤسسي الحركة وزعيمها التاريخي الذي اضطر للإقامة في المنفى 20 عاما في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال مندوبون إن ثمانية مرشحين يتنافسون على المنصب هم شخصيات تاريخية في الحركة. وبين هؤلاء وزير الداخلية علي العريض وصادق شورو وصلاح كركر اللذان ساهما في تأسيس النهضة وكذلك عبد الفتاح مورو الذي استبعد من الحركة في بداية التسعينات وتصالح مع الغنوشي خلال المؤتمر.

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي يسخر تونسيون من المؤتمر الذي يتم إرجاء اختتامه ويقارنه بعضهم باجتماع الكرادلة لانتخاب البابا. وكتب أحدهم «هل ما زلنا ننتظر الدخان الأبيض؟». وتشكل حركة النهضة تحالفا حاكما مع حزبي «المؤتمر» و«التكتل» (يسار الوسط). وأعلنت الحركة في مارس 2012 التخلي عن مطلبها بتضمين الدستور الجديد فقرة تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد، والذي قوبل بارتياح كبير خاصة في صفوف النخب العلمانية. وكانت حركة النهضة نظمت خمسة مؤتمرات سرية داخل تونس في 1979 و1981 و1984 و1986 و1988 وثلاثة مؤتمرات في المهجر في 1995 و2001 و2007.

ويرأس الغنوشي حركة النهضة منذ سنة 1991. ويصفه مراقبون بأنه رجل «الوفاق» بين الجناحين المعتدل والمتشدد داخل الحزب.

من ناحية ثانية، واصلت السلطات التونسية أمس احتجاز منوبية البوعزيزي والدة محمد البوعزيزي الذي فجر انتحاره حرقا الثورة التونسية وذلك بعد أكثر من ساعة قضتها في التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد. ولم يصدر أي حكم قضائي ضدها بعد أربعة أيام من الإيقاف بسبب ما قيل هضم جانب موظف عمومي بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد (300 كلم وسط تونس). وحضرت مجموعة من المحامين التونسيين الجلسة ودافعت عن والدة البوعزيزي كما حضرت جمعيات حقوقية جلسة الاستماع الأولى، وكان في انتظارها بالمحكمة القريبة من مكان إحراق محمد البوعزيزي نفسه ابنها سالم البوعزيزي إضافة إلى البعض من أقاربها. وصرح سالم البوعزيزي شقيق الشهيد محمد البوعزيزي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يطلق سراح والدتي إلى حد الآن ونحن كعائلة تحترم القانون الذي قامت من أجله الثورة التونسية ما زلنا نتعامل بالطرق السلمية وسنعمل لاحقا على إطلاق حملة حقوقية لإطلاق سراحها وقد ساندتنا في ذلك كثير المنظمات والجمعيات الحقوقية». وقد انقسم الحاضرون في المحاكمة بين مؤيدين لتطبيق القانون والابتعاد عن المحسوبية مهما كان مصدرها، وبين رافض للإبقاء على والدة مفجر الثورة التونسية رهن الإيقاف معتبرا أن الاستمرار في حبسها اعتداء على الثورة ورموزها الأساسية.