رستم غزالي: رجل سوريا في لبنان و«كاتم أسرارها»

«أبو عبدو» تولى رئاسة جهاز المخابرات العسكرية بعد مقتل الحريري

TT

تخرج رستم غزالي المولود في قرية قرفا بدرعا، في الكلية الحربية في حمص، قبل أن يعين برتبة ملازم في كتيبة المدرعات في إحدى القطع العسكرية المقاتلة التي تم نقلها في ما بعد إلى لبنان عام 1982، ليتولى بعدها مفرزة الأمن في بلدة حمانا في جبل لبنان ثم «مفرزة الحمراء» في بيروت، قبل أن ينقل إلى ما بات يعرف بـ«قسم البوريفاج»، حيث تولى منصب مسؤول الاستخبارات السورية في بيروت، التي اشتهرت بمركز تجميع المعلومات الذي يشتمل على معتقل تمارس فيه أقسى أنواع التعذيب.

وفي عام 2002 تسلم غزالي خلفا للواء غازي كنعان، رئاسة جهاز الأمن والاستطلاع لدى قوات الأمن السورية في لبنان، حيث يعرف بـ«أبو عبدو» وسطع «نجمه المخابراتي»، وبقي في هذا الموقع الذي كان بمثابة «رجل سوريا في لبنان وكاتم أسرارها»، إلى حين خروج القوات السورية من لبنان في عام 2005 بعد مقتل رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري، لينتقل بعدها إلى سوريا ويتولى رئاسة جهاز المخابرات العسكرية، ويصبح أيضا منذ بدء الثورة السورية، رئيسا لفرع الأمن العسكري في ريف دمشق، من دون أن يبتعد عن الحلقة الضيقة للنظام السوري. وقد نقلت جريدة «لوموند» الفرنسية، أن «أبو عبدو»، استفاد من عمله في بيروت للحصول على «دكتوراه في التاريخ» من الجامعة اللبنانية، وقد تولى أحد الأساتذة المشرفين عليه كتابة الدكتوراه، لافتة إلى أن «نصف السياسيين اللبنانيين حضروا مناقشة رستم غزالي وأن مدرج الجامعة كان مليئا بباقات الزهور». كما شارك العديد من السياسيين اللبنانيين في حفل زواج ابنته، الذي تم في قريته. وقد كان كنعان واحدا من ست ضباط سوريين كبار تم استجوابهم في قضية اغتيال رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري، في محكمة فيينا، بعدما رفضوا الحضور إلى مقرها في بيروت.

ولم يقتصر عمل غزالي على «الأمن العسكري» إنما تعداه إلى المهام السياسية من خلال تنفيذه أجندة النظام السوري في ما يتعلق بالسياسة اللبنانية. وهذا ما لفت إليه، النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل»، مصطفى علوش، لـ«الشرق الأوسط»، حيث قال «كان رستم غزالي المفوض السامي في لبنان على مدى خمس سنوات، وكان أحد المنفذين الأساسيين للسياسة القمعية التي قادها بشار الأسد على المستوى اللبناني، وكان أحد المخططين لسياسة إدارة لبنان عن طريق الإرهاب على أيدي ما سمي بالنظام الأمني السوري - اللبناني، وبالتالي كان جزءا لا يتجزأ من منطق القمع الذي يرأسه بشار الأسد». ووصف علوش المرحلة التي كان فيها غزالي «حاكما عسكريا أمنيا وسياسيا» في لبنان بالقول «هي مرحلة الإرهاب السياسي والبلطجة التي كانت أهم سمات غزالي في لبنان، والذي كان نموذجا صارخا لسياسة النظام السوري على امتداد 4 عقود المبنية على التهديد وممارسة العنف واستخدام الكلمات البذيئة». ويقول علوش «لم يكن راتب غزالي في لبنان يتعدى مئات الدولارات، بينما كان يعرف ببزاته وربطات عنقه التي يفوق سعرها راتبه عشرات المرات، وهذا دليل واضح على الثروات الهائلة التي سرقها خلال وجوده وممارساته في لبنان». وعن دور غزالي في اغتيال الحريري، قال علوش «المعلومات التي تم تداولها في ما يتعلق بدور غزالي في هذه القضية، منطقية، وهي أنه ليس ممكنا تدبير عملية بهذا الحجم من دون معرفة أجهزة المخابرات السورية، وبالتالي تواطئها. لكن المعطيات التي تم التوصل إليها، انطلاقا من المطلوبين للعدالة، كشفت أن التخطيط والتنفيذ كان على أيدي حزب الله»، مضيفا «لكن مما لا شك فيه أن غزالي ساهم بشكل واضح في نقل الدسائس إلى الرئيس الأسد، موهما إياه بأنه أصبح خطرا على لبنان ويخطط لتحريره من الاحتلال السوري». وفي حين يرى علوش أن انشقاق غزالي دليل واضح على نهاية النظام السوري، يؤكد أن هذا الانشقاق لا يمحو جرائمه، أما إذا كان يريد أن يكفر عن ذنوبه، فما عليه إلا أن يبوح بالأسرار في محكمة العدل الدولية.