محاكم مصر تعيش أجواء الصراع بين الإسلاميين والقوى المدنية والمجلس العسكري

مخاوف من ان تؤدي المسيرات والمظاهرات إلىصدام

ألوف المحتجين امام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة امس يطالبون بإلغاء قرار للمحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب والطعن على التشكيل الثاني للجمعية التأسيسية للدستور وحل مجلس الشورى ( رويترز)
TT

تعيش محاكم مصر أجواء «صراع السلطة» بين الإسلاميين من جانب؛ والمجلس العسكري والقوى المدنية من جانب آخر. وفي بلد يعاني من تدهور اقتصادي وترد أمني وتراجع في الخدمات الاجتماعية، نقلت الأطراف السياسية تناحرها إلى ساحات المحاكم.. وحاصر ألوف من الإسلاميين مقر محكمة كانت تنظر دعاوى من شأنها تقليص نفوذهم المتصاعد، مما دفع القاضي لرفع الجلسة ووصف ما يجري بأنه «إرهاب».

وتوجد دعاوى قضائية عديدة أمام محاكم مختلفة تطعن في الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتطالب أيضا بإلغاء قرار للمحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب، وغيرها، وكان من بينها جلسة أمس عقدتها محكمة القضاء الإداري بالقاهرة وسط وجود ألوف المحتجين، حيث قررت المحكمة تأجيل الفصل في الدعاوى المحالة إليها إلى يوم غد الخميس، ومنها الطعن على التشكيل الثاني للجمعية التأسيسية للدستور واحالة طلب حل الى هئية مفوضي الدولة لكتابة رايها القانوني فيه». وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، لـ«الشرق الأوسط» إن ما يحدث في ساحات المحاكم من تنازع هو أحد الانعكاسات للخلاف الأساسي بين «الإخوان» والمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وأضاف السيد: «عندما تكون هناك شكوى في المحاكم ضد بعض المؤسسات أو الممارسات التي قام بها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، يتصور الإخوان المسلمون أن هذه مؤامرة ضدهم، وبالتالي يحشدون أنصارهم لمواجهة هذا».

واستبعد الدكتور مصطفى كامل السيد أن يكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة وراء جميع الدعاوى القضائية المرفوعة أمام مجلس الدولة، وقال: «لا شك أن كثيرا من هذه القضايا يرفعها مواطنون لا يوافقون على توجهات حزب الحرية والعدالة ولا يوافقون على استئثار حزب الحرية والعدالة بكل السلطات في الدولة».

وتابع كامل السيد قائلا إن «(الإخوان) يصورون أن هؤلاء (الذين يرفعون دعاوى قضائية تتعارض مع مصالح الجماعة) أدوات، واعية أو غير واعية، يحركها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وفي كل الحالات، مثل هذه الشكاوى تؤدي إلى تقويض سيطرة الإخوان المسلمين على عدد من مؤسسات الدولة، ولهذا السبب، فإنهم ينشطون في مقاومة مثل هذه الشكاوى ويعبئون أنصارهم باعتبار أن هذه التعبئة تظهر قوتهم من ناحية؛ وربما ترهب القضاة الذين قد يحكمون بعكس ما يتفق مع مصالح الإخوان المسلمين».

وخلال الأسابيع القليلة الماضية وحتى أمس، كانت المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض ومحكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا، تنظر دعاوى من مختلف الألوان، وكان بعض أطرافها الرئيس مرسي نفسه الذي لجأ محامون من جماعته (الإخوان) للمحاكم أيضا لإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الصادر عن «العسكري» الذي ينظم المرحلة الانتقالية في مصر التي تعيش من دون دستور منذ نحو عام ونصف العام.

ولا يمر أسبوع دون أن يحتشد ألوف الإسلاميين في الميادين للاحتجاج ضد قرار من القضاء أو من المجلس العسكري، أو للاحتفال بقرار للرئيس الإسلامي، وهو أمر جعل العديد من المراقبين يتخوفون من أن تقوم جماعة «الإخوان» بجر المجلس العسكري للصدام، في حال تقليص نفوذها بأحكام قضائية مع الصلاحيات المتواضعة للرئيس مرسي.

وقال السيد إنه متوقع أن يخرج «الإخوان» إلى الميادين أيا كان قرار القضاء بشأن القضايا المنظورة أمامه سواء احتجاجا أو احتفالا، و«حتى الآن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يلتزم بالصبر، ولا أظن أن النية (لدى الإخوان) هي الدخول في صدام مباشر، مثل الهجوم على أفراد القوات المسلحة أو مبانيها.. ولكن هم يريدون إظهار قوتهم بوصف ذلك نوعا من الضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة».

وفي العديد من المظاهرات التي نظمها «الإخوان» والسلفيون في القاهرة والإسكندرية، كانت هناك دعوات من شبان متحمسين للتوجه إلى المقرات الرئيسية لمباني الجيش المركزية في القاهرة والإسكندرية، مما أدى للتخوف من تكرار تجربة التظاهر عند مقر وزارة الدفاع بالقاهرة قبل شهرين.

وأوضح السيد: «مع أن جماعة (الإخوان) جماعة منظمة، إلا أن الذين ينضمون للحشود ليسوا جميعا من الإخوان المسلمين، وبعض أفراد (الإخوان) قد يدفعهم الانفعال إلى التحرك إلى بعض مؤسسات القوات المسلحة مثل القيادة الشمالية في الإسكندرية، وكانت هناك (في السابق) دعوات للزحف على مقر وزارة الدفاع في القاهرة.. نلاحظ أن الذي يشترك في هذه الاحتجاجات، إلى جانب (الإخوان)، جماعات مغامرة مثل أنصار حازم صلاح أبو إسماعيل.. هؤلاء يمكن أن يدفعوا الأمور في وجهة الصدام مع المجلس العسكري بالتعدي على بعض مؤسسات القوات المسلحة، وفي هذه الحالة، أعتقد أنه سيكون هناك رد فعل من القوات المسلحة، ولكنه سوف يقتصر على الذين يشتركون في مثل هذه الأعمال».

وعما إذا كان يتوقع قيام «الإخوان» والرئيس مرسي بالتصعيد بأكثر من حشد الأنصار في الميادين، والقيام بمغامرة لانتزاع سلطات من المجلس العسكري، في حالة ما إذا أصبحت الجماعة محاصرة؛ رئيسا أو نوابا، قال الدكتور السيد: «هناك تخمينات في هذا الاتجاه جرت على أعمدة بعض الصحف، ولكن هذا ليس مستبعدا تماما، ولكن ما فاعلية مثل هذه القرارات.. لو تصورنا أن الرئيس محمد مرسي أصدر قرارا، كما جاء في بعض مقالات الصحافة (المحلية)، بعزل جميع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فهل يملك تنفيذ مثل هذا القرار؟».

وتساءل كامل السيد قائلا: «إذا توجه المشير حسين طنطاوي إلى وزارة الدفاع، هل لدى رئيس الجمهورية من القوات التي تمكنه من الحيلولة دون دخول المشير طنطاوي وزارة الدفاع؟ لا بد أنه ستكون له حساباته، ولا أظن أن الشرطة المدنية سوف تلتزم بأوامر رئيس الجمهورية في هذه الحالة.. أعتقد أن الشرطة المدنية أضعف من أن تدخل في مواجهة مع القوات المسلحة، لذلك أعتقد أن هذا من شأنه أن يضعف من مصداقية رئيس الجمهورية».