غضب بعد اعتبار المستشار القانوني لحكومة نتنياهو الأقصى «تراثا» إسرائيليا

الفلسطينيون يحذرون من حرب دينية

الحرم القدسي
TT

فجرت تصريحات المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، التي اعتبر فيها المسجد الأقصى جزءا لا يتجزأ من أراضي إسرائيل ينطبق عليه القانون الإسرائيلي، بما فيه قانون الآثار وقانون التنظيم والبناء، غضبا فلسطينيا كبيرا وجدلا دينيا وقانونيا أيضا.

وحذرت منظمة التحرير الفلسطينية أمس، من صراع ديني شامل في المنطقة إذا ما مست إسرائيل المقدسات في القدس. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد قريع (أبو علاء)، أن تصريحات فاينشتاين، وهو محام خبير في قانون العقوبات، «تستهدف المسجد الأقصى المبارك وإخضاعه للقوانين الإسرائيلية». وأضاف «هذا الأمر سيطلق العنان للجمعيات الاستيطانية ولسلطة الآثار الإسرائيلية ولبلدية الاحتلال لتعيث فسادا وتدميرا لما تبقى من مقدساتنا، وستشرع لسلطة الآثار ولبلدية الاحتلال ليكون لهما اليد الطولى في مواصلة تشويه وتغيير معالم المدينة المقدسة، وللتمهيد لإقامة الهيكل المزعوم ليحل مكان المسجد الأقصى المبارك». ووصف أبو علاء الأمر بمثابة «إعلان حرب وجودية وتاريخية من أجل تغيير مدينة القدس وبلدتها القديمة بمساجدها وكنائسها وفصلها عن واقعها ومحيطها العربي والإسلامي». ويتعاطى الفلسطينيون بحساسية كبيرة مع المسجد الأقصى، ويعتقدون أن ثمة خططا إسرائيلية للتخلص منه بكارثة طبيعية.

وطالما فجرت محاولات اقتحام الأقصى، مواجهات كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وانطلقت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في نهاية سبتمبر (أيلول) عام 2000 بمجرد زيارة رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون للمكان، وأطلق عليها انتفاضة الأقصى. ومع كل هذه الحساسية، وما يمثله الأقصى من رمزية كبيرة لجميع المسلمين، بدا المستشار القانوني للحكومة كمن يمهد لجعله أحد الآثار اليهودية، فأرسل إلى نظرائه في سلطة الآثار وبلدية القدس والشرطة، كما أوردت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية، قائلا: إنه يجب على الجهات المكلفة بتطبيق القانون إجراء مراقبة منتظمة في محيط الحرم القدسي للوقوف عن كثب على الأعمال الجارية فيه للتأكد من سلامة الآثار فيه.

وجاء في التعليمات التي بثتها الإذاعة الإسرائيلية، أن على سلطة الآثار إحالة تقاريرها عما يجري في محيط الحرم إلى مجلس الأمن القومي وسكرتير الحكومة. ولم يغفل فاينشتاين حساسية الأمر، واكتفى بالقول: «إنه نظرا للطبيعة الخاصة للموقع يجب تطبيق القانون فيه بمنتهى الحساسية مع الأخذ بالحسبان اعتبارات براغماتية».

وحذرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، من تداعيات تصريحات فاينشتاين، قائلة إنها «تعطي لإسرائيل مطلق الحرية والتصرف في الحرم القدسي وبما يلائم مخططاتها التهويدية من عمليات هدم، وتدمير وتغيير للمعالم، بما يلائم تحقيق هدفها المنشود بإقامة الهيكل المزعوم، على أنقاض المسجد الأقصى المبارك».

وأضافت الهيئة في بيان أن «هذه الخطوة التهويدية تمثل إعلانا واضحا وصريحا لاحتلال المسجد وسلخه وبكل تعنت وعنجهية وعلى مرأى من العالم أجمع عن واقعه العربي الإسلامي».

ولم يتوقف الأمر عند تحذيرات من حرب «دينية» وسيطرة إسرائيلية على أولى القبلتين وثالث الحرمين، بل رفض القانونيون الفلسطينيون تصريحات المستشار الإسرائيلي.

وقال الدكتور حنا عيسى، أستاذ القانون الدولي، في بيان، «إن هذه الأقوال تتناقض مع مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، إذ أن المسجد الأقصى تنطبق عليه أحكام اتفاق لاهاي لعام 1899. و1907. كما تنطبق عليه أحكام اتفاق جنيف الرابع 1949. والبروتوكولات التابعة له، بصفته جزءا من القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، إضافة إلى انطباق معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة لعام 1954 عليه».

وأضاف أن «القدس القديمة مسجلة رسميا ضمن لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وشجبت المنظمة، في أكثر من مرة الاعتداءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأماكن التاريخية والمقدسة في القدس، كما سبق أن أدانت الحفريات وأعمال التنقيب التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في محيط المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، ودعت جميع قراراتها، التي كان آخرها تقرير بعثة اليونيسكو التي زارت القدس العام الماضي، دعت جميعها إسرائيل إلى التوقف الفوري عن هذه الحفريات لمخالفتها القوانين الدولية، بما في ذلك الاتفاق الدولي الخاص بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972». وتابع القول: «ليس ذلك فحسب، بل إن مجلس الأمن ذاته أصدر قرارات عدة، تؤكد إدانة وإبطال جميع ما قامت به إسرائيل من أعمال التهويد في القدس، بما في ذلك إبطال جميع الإجراءات التشريعية والإدارية والديموغرافية التي اتخذتها حكومة إسرائيل، وتؤكد عدم شرعية الاحتلال، فضلا عن مطالبتها إسرائيل بالجلاء عن القدس، كونها جزءا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967».