مالي تسابق الزمن لتشكيل حكومة وحدة وتبحث بشكل دقيق الخيار العسكري

باماكو تعرض «جزرة» التفاوض ولا تخفي «عصا» تلقي المساعدات لتحرير الشمال

TT

تسارعت المفاوضات من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية في مالي التي أمهلتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) حتى نهاية الشهر الحالي لتحقيق ذلك، لا سيما بعد إعلان رئيس الوزراء شيخ موديبو ديارا عن إجراء «مشاورات مع كافة القوى الحية» في البلاد قريبا.

وألقى ديارا الذي تعرض إلى انتقادات في مالي والخارج لأنه لم يمسك بزمام الأمور منذ تعيينه في أبريل (نيسان)، مساء أول من أمس كلمة متلفزة وعد فيها بأنه سيشكل خلال الأيام القادمة «إطارا استشاريا يشمل كل القوى الحية في البلاد». وكان تشكيل حكومة وحدة وطنية من التوصيات الملحة التي نص عليها اتفاق إعادة الحكم إلى المدنيين المبرم في السادس من أبريل مع الانقلابيين الذين أطاحوا في 22 مارس (آذار) بنظام الرئيس أمادو توماني توري، كما ورد في وساطة مجموعة «الإيكواس».

وقال رئيس الوزراء في كلمته إن «الأجواء السياسية» لم تكن حينها تتسم «بالهدوء وكان الفاعلون السياسيون ينظرون إلى بعضهم بارتياب» بينما اليوم، كما أضاف «أخذت حدة التحزب تنخفض» و«بات ممكنا تشكيل حكومة وحدة وطنية». وأعلن ديارا، رئيس الوزراء الانتقالي، ذلك نزولا عند ضغوط الاتحاد الأوروبي ومجموعة «الإيكواس» اللذين طلبا بتشكيل سريع لحكومة من هذا القبيل تكون قادرة على توحيد كافة قوى البلاد من أجل استعادة شمال مالي الذي سقط بين أيدي مجموعات إسلامية مسلحة بعد الانقلاب. وأكد أن السلطات الانتقالية ما زالت منفتحة على «التفاوض» مع بعض المجموعات لكنها تعد في الأثناء «وبشكل دقيق الخيار العسكري» من أجل «إعادة تنظيم سلسلة القيادة» في جيش تكبد هزيمة من أجل «تجهيزه وتدريبه» ورفع «معنويات» جنوده. وأعرب عن تأييده لتلقي «مساعدة متعددة الأشكال» من شركاء مالي الأجانب «من أجل تحرير الشمال». وقد أعلنت مجموعة «الإيكواس» أنها مستعدة لإرسال ثلاثة آلاف رجل إلى مالي لكنها تنتظر طلبا رسميا من سلطات باماكو وتأمل في الحصول على تفويض من الأمم المتحدة لم تحصل عليه بعد. ويخضع شمال مالي الذي يمثل نصف أراضي هذا البلد الشاسع من الساحل الأفريقي، منذ نهاية مارس لحركة «أنصار الدين» وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا حليفة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

ويتعين على حكومة الوحدة الوطنية أيضا منع العديد من الانتهاكات المرتكبة في باماكو بحق شخصيات وسياسية وصحافيين من طرف مسلحين ملثمين يعتبرون مقربين من الانقلابيين العسكريين الذين كان يقودهم الكابتن حمادو هيا سانوغو الذي ما زال يتمتع بنفوذ كبير. ودان رئيس الوزراء «بأشد العبارات» الاعتداءات على الصحافيين الذين تظاهر منهم نحو 500 أمس في باماكو في «يوم بلا صحافة» نظمته جمعية المهنيين في مالي بمساعدة مراسلون بلا حدود. وغداة إلقائه كلمته المتلفزة توجه ديارا إلى واغادوغو ليلتقي الوسيط البوركينابي في الأزمة المالية ومناقشة «خريطة طريق» نحو حكومة وحدة وطنية. وأكد ديارا أن الرئيس المالي بالوكالة ديونكوندا تراوري الموجود في نقاهة بباريس منذ 23 مايو (أيار) بعد يومين من تعرضه إلى اعتداء في مكتبه في باماكو من حشد غاضب من بقائه في السلطة، أُشرك في المشاورات من أجل حكومة وحدة وطنية. وقال رئيس الوزراء الذي التقاه نهاية الأسبوع الماضي في باريس أن ديونكوندا «لديه رغبة شديدة في العودة إلى البلاد» مؤكدا أنه «على أحسن ما يرام» و«بمعنويات فولاذية»، لكن لم يتحدث عن موعد عودته.