الدول الغربية: الحادث يؤكد الحاجة لاستصدار قرار أكثر صرامة داخل الأمم المتحدة

البيت الأبيض: الأسد يفقد السيطرة على سوريا

عناصر تابعة للجيش النظامي تقوم بدورية عسكرية في أحد شوارع دمشق أمس (أ.ب)
TT

طغت أخبار مقتل كبار المسؤولين العسكريين في مقر الأمن القومي بالعاصمة السورية على المناقشات السياسية بين عواصم العالم والمناقشات الدبلوماسية في مجلس الأمن. وخرجت التصريحات من معظم الدول الغربية بأن التفجير الانتحاري الذي أدى إلى مقتل أعضاء في الدائرة المقربة من الرئيس الأسد يؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة داخل الأمم المتحدة.

وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أنه من الواضح أن الرئيس السوري بشار الأسد يفقد السيطرة على سوريا. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي تومي فيتور «إن الحاجة الآن ملحة للقيام بعملية انتقال سياسي لتجنب حرب أهلية طائفية طويلة ودامية».

قال البيت الأبيض إنه لا يملك معلومات عن مكان وجود الرئيس السوري بشار الأسد، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني: «إن الولايات المتحدة تراقب الوضع في سوريا عن كثب، وتراقب المنشآت العسكرية السورية، وتعتقد أن المخزون السوري من الأسلحة الكيماوية لا يزال تحت السيطرة».

وقال كارني، خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء، إن نافدة التوصل إلى حل سلمي للعنف في سوريا بدأت تغلق، وأضاف: «الفرصة للقيام بعملية سلمية انتقالية بدأت تضيق، ولكن الفرصة ما زالت موجودة أمام المجتمع الدولي أن يؤكد أن الانتقال يجب أن يحدث في سوريا، وأنه لا يشمل الأسد، لأنه فقد كل مصداقية لدى شعبه». وأوضح كارني أن على شركاء الولايات المتحدة والمجتمع الدولي التأكد من أن الأسد لن يكون جزءا من مستقبل سوريا، وأضاف: «من مصلحة كل دولة في الإقليم أن تتحد لمساندة الشعب السوري ودعم عملية انتقال سلمية».

وأبدى وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا قلق بلاده من تصاعد العنف في سوريا، مشيرا إلى أن الوضع خرج بسرعة عن نطاق السيطرة. وقال بانيتا في مؤتمر صحافي بالبنتاغون صباح الأربعاء مع نظيره البريطاني فيليب هاموند «من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن تعمل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي والشروع في التحول السلمي».

وأبدى وزيرا الدفاع الأميركي والبريطاني قلقا كبيرا من مخزون الأسلحة الكيماوية لدى سوريا وأكدا أنه لا تسامح إذا ما استخدم النظام السوري تلك الأسلحة الكيماوية وقال بانيتا «أوضحنا لهم كثيرا أن عليهم مسؤولية تأمين مواقعهم الكيميائية وأننا سنحملهم المسؤولية إذا حدث أي شيء في هذه المواقع». وأضاف أن الولايات المتحدة تعمل عن قرب مع حلفائها بشأن القضية.

وبدا أن هاموند يوجه إشارة مغلفة إلى روسيا والصين حين قال: إن نظام الأسد ما زال قائما بسبب الدعم المستتر الذي يتلقاه من «قوى أخرى في العالم»، وأضاف «لذا يجب أن تركز دبلوماسيتنا على حمل أصحاب النفوذ الأقوى لدى النظام على ضمان أن يتعامل بمسؤولية فيما يتعلق بالأسلحة الكيميائية».

في الوقت نفسه، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة شملت عشرات المسؤولين السوريين. وأعلنت وزارة الخزينة عن فرض عقوبات على 29 من عناصر النظام من بينهم وزراء المالية والاقتصاد والعدل والإعلام والزراعة والإسكان والصحة والتعليم والبيئة والثقافة والنفط.

من جانبها، شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة استصدار قرار عاجل حول سوريا عن مجلس الأمن الدولي بعد الإعلان عن تفجير انتحاري في دمشق. وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مع رئيسة وزراء تايلاند ينغلوك شيناواترا «هذا يثبت أن تبني الأمم المتحدة قرارا جديدا ضرورة عاجلة».

وأفادت ميركل أنها «قرأت معلومات» حول الهجوم من دون تأكيد القتلى مباشرة في المؤتمر الصحافي في برلين. وقالت «أدعو جميع الأطراف في مجلس الأمن الدولي إلى الاتفاق على قرار مشترك».

وحذر وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ من أن سوريا تنزلق نحو مرحلة فوضى وانهيار ومن الضروري التوصل إلى موقف حازم في مجلس الأمن الدولي لتشكيل حكومة انتقالية. وصرح هيغ للصحافيين خلال زيارة لليتوانيا «من الواضح أن الوضع يتدهور بسرعة» في سوريا. وأضاف أن «حدة الاشتباكات تتكثف وهناك تقارير عن معارك تدور كل ليلة في دمشق والدليل على ذلك ارتفاع عدد اللاجئين» السوريين.

وتابع: «إن سوريا مهددة بحالة من الفوضى والانهيار أسوأ من الوضع الذي كانت عليه في الأشهر الماضية». وأكد أن «على جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي مسؤولية وضع ثقلها وراء تطبيق خطة مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة المشترك كوفي أنان لإنهاء العنف». وأضاف «ندعو جميع الأحزاب إلى التوقف عن العنف، كما ندعو مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته». وأوضح «لهذا السبب من الملح ليس فقط إصدار قرار في مجلس الأمن بل قرار تحت الفصل السابع يفضي إلى حل للمشكلة للتقدم نحو عملية سياسية وتشكيل حكومة انتقالية في سوريا».

وفي باريس، أدان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «الإرهاب» بعد تفجير دمشق الذي قتل فيه وزير الدفاع ونائبه صهر الرئيس السوري، داعيا إلى «ضرورة حصول انتقال سياسي» في سوريا.

وقال فابيوس أمام أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسيين إن «الحكومة الفرنسية ومن دون معرفة ظروف هذا الهجوم، لطالما أدانت الإرهاب. ونظرا إلى درجة العنف يبدو ضروريا وماسا حصول انتقال سياسي يجيز للشعب السوري أن يكون لديه حكومة تعبر عن تطلعاته العميقة». وأضاف «لا نعرف بعد الظروف الدقيقة لوقوع الانفجار. إنه عمل في غاية الأهمية ويدل على مستوى العنف الذي وصلت إليه دمشق حتى».

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أعلن الأربعاء أن باريس تعتبر أن تشبث الرئيس السوري بشار الأسد بالسلطة «غير مجد» ودعت آخر جهات داعمة للنظام السوري «إلى أن تنأى بنفسها عن القمع».

وقال فاليرو ردا على سؤال عن المعارك العنيفة الدائرة في دمشق «على بشار الأسد أن يدرك أن تشبثه بالسلطة غير مجد وأن لا شيء سيوقف مسيرة الشعب السوري نحو مستقبل ديمقراطي يتماشى مع تطلعاته. وعلى آخر الجهات الداعمة للنظام أن تدرك أن القمع لا يؤدي إلى نتيجة وندعوها إلى أن تأخذ مسافة من القمع الدامي المستمر منذ 16 شهرا».

وفي طهران، أدانت إيران الهجوم الذي شهدته العاصمة السورية دمشق باعتباره «عملا إرهابيا». وذكرت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء أن وزير الخارجية علي أكبر صالحي اتصل هاتفيا بنظيره السوري وليد المعلم، وأدان التفجيرات باعتبارها هجوما إرهابيا، معربا عن تعاطفه مع الحكومة والشعب في سوريا.