مجلس الأمن يؤجل التصويت على قرار ضد سوريا بعد طلب من كوفي أنان

هرولة دبلوماسية للتوصل إلى صيغة قرار ترضي روسيا

ألسنة اللهب تغطي مبنى يحترق في حمص أمس (رويترز)
TT

أكد عدد من الدبلوماسيين الغربيين تأجيل التصويت في مجلس الأمن حول مشروع قرار قدمته الدول الغربية وينص على تمديد عمل المراقبين الدوليين 45 يوما وفرض عقوبات على سوريا تحت الفصل السابع في حال عدم وقف إطلاق النار. وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن التأجيل سيكون حتى الخميس لإعطاء فرصة للدول الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن لمزيد من التشاور على خلفية الأحداث المتسارعة في سوريا والتفجير الانتحاري الذي أسفر عن مقتل كبار المسؤولين السوريين في العاصمة دمشق.

وأشار أحمد فوزي المتحدث باسم المبعوث الدولي كوفي أنان إلى أنه يقوم منذ مساء الثلاثاء الماضي باتصالات مع عدد من الحكومات «لحث أعضاء مجلس الأمن على الوحدة واتخاذ إجراءات متضافرة وقوية من شأنها أن تساعد في وقف إراقة الدماء في سوريا وبناء قوة دافعة لعملية الانتقال السياسي».

وقال فوزي في بيان أصدره من جنيف مساء أمس، إن «المبعوث الخاص كوفي أنان يدين جميع أشكال العنف ويعتقد أن الحادث العنيف (في دمشق صباح الأربعاء) يؤكد فقط على الضرورة الملحة لاتخاذ مجلس الأمن قرارا حاسما».

وأوضح الدبلوماسيون أن التأجيل تم قبل ساعات قليلة من انعقاد جلسة مجلس الأمن التي كان من المقرر انعقادها في الثالثة مساء بتوقيت نيويورك في محاولة لإفساح المجال لمزيد من المشاورات مع روسيا للتوصل إلى اتفاق حول صيغة قرار حول سوريا.

وأعلن السفير الروسي فيتالي تشوركين للصحافيين بعد اجتماع لمبعوثين من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن «لقد تم تأجيل التصويت حتى صباح الغد (اليوم)» وأكد أن مبعوثي الدول الخمس سيعقدون مزيدا من المحادثات والمشاورات بشكل الوضع في سوريا.

وأشار الدبلوماسيون أن المشاورات تجري حول الرفض الروسي والصيني للجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح في نهاية الأمر باستخدام القوة لإنهاء الصراع، خاصة أن المادة 42 من الفصل السابع تنص على أن لمجلس الأمن اتخاذ إجراء عسكري عن طريق الجو والبحر والبر الذي قد يكون ضروريا للحفاظ على أو استعادة السلم والأمن الدوليين، كما تنص المادة 43 من الفصل السابع على دعوة الأعضاء في مجلس الأمن إلى توفير القوات العسكرية في خدمة الأمم المتحدة. وتعارض روسيا بشدة أي ذكر للعقوبات أو للجوء إلى الفصل السابع وتعارض بشدة احتمالات التدخل الأجنبي، رغم أن الدول الغربية لديها رغبة كبيرة في فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية والتلويح باستخدام القوة.

وتجري في أروقة مجلس الأمن الكثير من الهرولة الدبلوماسية في محاولة لتوحيد أصوات الدول الأعضاء في مجلس الأمن بهدف إرسال رسالة قوية لسوريا. فيما أشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى محادثة تليفونية قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول تطورات الأوضاع في سوريا بعد الحادث الانفجاري في دمشق.

وأعلن دبلوماسيون بريطانيون أن المبعوث الدولي للأمم المتحدة كوفي أنان طلب من مجلس الأمن الدولي تأجيل التصويت وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة مارك ليال غرانت في حسابه بـ«تويتر»: «المبعوث الخاص أنان طلب منا تأجيل تصويت مشروع القرار حول سوريا ونحن ندرس هذا الطلب». وقال دبلوماسي بريطاني «إن أنان يشعر أنه ما زال من الممكن التوصل إلى تسوية مع روسيا حول القرار».

كانت روسيا قد أعلنت بوضوح أنها ستستخدم حق النقض ضد مشروع القرار الغربي الذي قدمته بريطانيا وتسانده كل من فرنسا وألمانيا والبرتغال والولايات المتحدة ويتضمن عقوبات ضد دمشق. وأكد عدد من الدبلوماسيين الروس بالأمم المتحدة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث مع نظيره الصيني هو جينتاو واتفقا على معارضة القرار الذي يدعو إلى فرض عقوبات جديدة على دمشق.

وأبدى الوفد الروسي لدى الأمم المتحدة اعتراضا كبيرا ضد القرار الغربي مؤكدا أنه سيؤدي إلى تفاقم العنف فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف «هناك معركة حاسمة تجري حاليا في سوريا». وانتقد توجهات مجلس الأمن ومشروع القرار الغربي محذرا من تمرير عقوبات ضد دمشق في مجلس الأمن واعتبرها ستقدم دعما مباشرا للمعارضة وتقود إلى حرب أهلية، وقال: «إنها سياسة تمضي إلى طريق مسدود لدعم المعارضة، وتبني قرار سيكون بمثابة دعم مباشر للمعارضين»، وأضاف: «الأسد لن يمضي من تلقاء نفسه وشركاؤنا الغربيون لا يعرفون ما الذي يمكن عمله حيال ذلك، وبدلا من تهدئة المعارضة فإن بعض الشركاء يشجعون على مزيد من التصعيد».

ويعتقد لافروف أن «الضغط على طرف واحد يعني التورط في نشوب حرب أهلية والتدخل في الشؤون الداخلية للدولة» وأكد «أن وثيقة جنيف هي أساس مشروع القرار الذي قدمناه لمجلس الأمن لأنه يعكس الواقع الحالي في حين أن مشروع القرار الغربي يحاول تحريف جميع هده النتائج لمصلحة جانب واحد». وكانت الصين الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن استخدمت مرتين مع روسيا حق النقض لوقف مشروعي قرار في مجلس الأمن ينددان بالنظام السوري.

من جانبه، طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من الرئيس الصيني هو جينتاو دعم بكين في مجلس الأمن على مشروع القرار الغربي، واستخدام نفوذها لفرض تنفيذ خطة المبعوث الدولي كوفي أنان ونتائج اجتماع مجموعة العمل حول سوريا.

وقال بان كي مون بعد لقائه مع الرئيس الصيني «آمل بصدق أن يكون أعضاء مجلس الأمن متحدين وأن يتحركوا» وأضاف «شرحت مدى خطورة الوضع الآن وشاطرني كل القادة في الصين وجهة نظري بأن الوضع خطير للغاية». وقال مون للصحافيين «لا يمكننا المضي على هذا النحو» مضيفا «لقد قضى الكثير من الناس خلال هذه الفترة الطويلة».

وتابع «آمل أن يتمكن أعضاء مجلس الأمن من إجراء مباحثات بشكل يأخذ بالاعتبار الوضع الملح، والقيام بعمل جماعي يظهر وحدة الصف». وعبر بان كي مون خلال محادثاته في الصين عن أمله في أن يوافق المجلس على سبيل للمضي قدما يوقف العنف ويتيح للسوريين بدء حوار سياسي يؤدي إلى انتقال بقيادة السوريين أنفسهم»، لكن رغم دعوات كي مون لم تبد الصين أي إشارة إلى تغيير موقفها. وتأتي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى الصين في وقت أعلن فيه الجيش السوري الحر أنه بدأ «معركة تحرير دمشق». في الوقت نفسه يعقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الوضع في سوريا حيث يسعى أردوغان لإقناع بوتين بتشديد الموقف الروسي من سوريا فيما ترفض موسكو دعم قرار صارم ضد النظام السوري، فيما رأى محللون أن التفجير ومقتل كبار المسؤولين سيضعف معنويات الأسد وربما يؤدي إلى زيادة الانشقاقات لكنه ليس مؤشرا على سقوط وشيك للرئيس السوري.

من جانبها تعهدت المعارضة السورية بأنها ستبحث عن سبل أخرى لمواجهة الرئيس بشار الأسد في حال فشل مجلس الأمن الدولي في تبني عقوبات حول النزاع في سوريا.