العراقيون يستعدون لأطول يوم رمضاني بأقسى درجات الحرارة

لجنة الطاقة النيابية لـ «الشرق الأوسط»: «الكهرباء» تكذب

عراقيون يتسوقون بعض المواد الغذائية من أكبر أسواق العراق (الشورجة) وسط بغداد أمس استعدادا لشهر رمضان، حيث يشكو العراقيون ارتفاع أسعار المواد الغذائية (رويترز)
TT

باستثناء مادة «العدس» التي أعلنت وزارة التجارة العراقية تجهيزها بموجب البطاقة التموينية خلال شهر رمضان المبارك، فإن العراقيين وهم يستعدون لاستقبال أطول يوم رمضاني (16 ساعة) وفي ظل درجة حرارة تفوق الخمسين مئوية، يجدون أنفسهم بين مطرقة الحر اللاهب وسندان وعود وزارة الكهرباء. الأمانة العامة لمجلس الوزراء قررت من جانبها تقليص الدوام الرسمي في دوائر الدولة ومؤسساتها ساعة واحدة مع منع الإفطار العلني، وهو إجراء لم يقف العراقيون عند جانبه الروتيني المعمول به في دول درجة حرارتها تقرب من الصفر المئوي، بل يقفون عند الكيفية التي يمكن لهم من خلالها تنفيذ هذه الأوامر الحكومية في وقت لم تتمكن السلطات الرسمية ذاتها من تأمين الطاقة الكهربائية لهم بعد تسع سنوات من تغيير النظام السابق وإنفاق عشرات المليارات على محطات لم تر النور بعد، بينما تغرق المدن العراقية في الظلام الدامس. كما لم تتمكن هذه السلطات من تحقيق الأمن والاستقرار بما يؤدي إلى إلغاء، أو على الأقل تقليص، أعداد السيطرات التي تقف أمامها طوابير السيارات، لا سيما عند بدء الدوام الرسمي صباحا وعند العودة من الدوام بعد الظهر.

اهتمامات العراقيين اليومية في رمضان هذا العام، الذي هو الأقسى من حيث الطقس، تتراوح بين متابعة أخبار الجو من خلال النشرة الجوية التي باتت تزاحم أخبار رأس الساعة في الفضائيات، وتحولات إمساكية رمضان لمعرفة مواعيد الإفطار والإمساك ومواقيت الصلاة. حكاية الأسعار التي التهبت هي الأخرى لم تعد الشغل الشاغل للعراقيين، لا سيما أنها ظاهرة لا حل لها، فضلا عن غياب الرقابة الاقتصادية التي كان معمولا بها في السابق، والتي كانت تضمن قدرا، ولو يسيرا، من عملية ضبط الأسعار، بما في ذلك إحالة بعض التجار الجشعين إلى المحاكم أو إيداعهم المعتقلات طوال شهر رمضان. الحكاية الوحيدة الرائجة الآن لدى العراقيين هي الجدل القائم بين وزارة الكهرباء، التي وعدت العراقيين بتأمين 9000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية لهم بدءا من رمضان، وبين لجنة الطاقة والنفط في البرلمان العراقي التي لا تتوانى عن وصف وعود وزارة الكهرباء بـ«الكاذبة».

عضو البرلمان العراقي عن التيار الصدري وعضو لجنة النفط والطاقة فيه، عدي عواد، أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدلائل والوقائع أثبتت لنا (لجنة الطاقة البرلمانية) أن كل الوعود التي أطلقتها وزارة الكهرباء لم تكن صحيحة، بل أستطيع القول إنها كذب في كذب». وأضاف أن «الوزارة وعدت بأن يكون إنتاجها من الطاقة الكهربائية بين 8 آلاف و9 آلاف ميغاواط بدءا من شهر يوليو (تموز)، لكن واقع الحال ومن خلال التقارير التي قمنا بإعدادها كلجنة طاقة فإن إنتاجنا من الكهرباء لم يتعد حتى الآن الـ5500 ميغاواط فقط»، مشيرا إلى أن «مسألة الوعود شبع منها المواطن العراقي، حيث إن كل وزراء الكهرباء ومسؤولي الطاقة في البلاد كانوا منذ عام 2007 يقولون إن هذا العام سيكون نهاية مأساة الكهرباء، بينما نحن الآن في عام 2012 وندخل شهر رمضان والناس لم تلمس أي تغيير إن لم تكن الأمور نحو الأسوأ».

وكشف عواد عن أن «المحطات التي تم الإعلان عن افتتاحها مؤخرا في كربلاء وميسان وغيرها لا تعمل بطاقتها التي أعلن عنها في وسائل الإعلام، وهذا بحد ذاته مغالطة واضحة». من جانبه أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، مصعب المدرس، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الإنتاج الفعلي للوزارة من الكهرباء بلغ حتى يوم أمس 8150 ميغاواط، ومن المتوقع أن يبلغ 9000 ميغاواط خلال أيام قليلة بعد دخول وحدة توليد جديدة»، مشيرا إلى أن «ساعات التجهيز كان من المفترض أن تزيد، إلا أنها في النهاية تعتمد على كمية الأحمال، حيث إن الحاجة الفعلية لنا للكهرباء تتعدى الـ16 ألف ميغاواط، وهو ما يؤثر كثيرا على ساعات التجهيز في ظل عدم استعداد المواطنين لترشيد الاستهلاك». وبشأن معدل ساعات التجهيز خلال شهر رمضان قال المدرس إن «ساعات التجهيز ستتراوح في كل العراق، ما عدا إقليم كردستان، بين 9 إلى 12 ساعة باليوم».