اليمن: القبض على خلية تجسس إيرانية.. وهادي: إلى هنا وكفى

المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء: طهران تتدخل شمالا وجنوبا وسيتم الإعلان للرأي العام عن حجم التدخلات

يمنيون يتسوقون في أحدى اسواق صنعاء القديمة أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلنت السلطات اليمنية أمس عن اعتقال أفراد شبكة تجسس إيرانية يقودها ضابط في الحرس الثوري، حسب بيان لوزارة الداخلية، فيما دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران إلى الكف عن تدخلاتها في الشؤون اليمنية، في وقت نددت فيه فعاليات سياسية يمنية بتصريحات الناطق باسم الحوثيين المؤيدة لانفصال جنوب البلاد.

ودعا الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، دولة إيران إلى عدم التدخل في الشؤون اليمنية الداخلية، وذلك بالتزامن مع إلقاء القبض على أفراد خلية تجسس تعمل لصالح إيران في اليمن. في حين قال مصدر حكومي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده ستتعامل بجدية مع التدخلات السافرة والسلبية التي تضر بمصالحها، سواء من قبل إيران أو ممارسات بعض الأطراف الداخلية التي تتعامل مع أطراف دولية.

وقال هادي، في كلمة له في الكلية الحربية بصنعاء، أمس: «آمل من أشقائنا في إيران عدم التدخل بأي شكل في شؤون اليمن، ومراعاة الظروف الدقيقة التي تمر بها اليمن في هذا الظرف الدقيق والحساس، واليمن لم يتدخل يوما في شؤون أي دولة قريبة أو بعيدة، ونقول للجميع من هنا من الكلية الحربية: اتركوا اليمن وشأنه، وإلى هنا وكفى».

وانتقد الرئيس اليمني من ينتقدون بطء العملية السياسية، وقال إنهم لا يفهمون وضع اليمن ويعيشون في كوكب آخر، ودعا إلى تكاتف كل القوى السياسية لأن «الفترة استثنائية للرئاسة والتحول السياسي والديمقراطي في البلد». وقال هادي إن اليمن تعرض لثلاث أزمات في وقت واحد كانت كفيلة بانهيار البلاد، وهي أزمة سياسية وأخرى أمنية وثالثة اقتصادية، وأضاف أن «هذه الأزمات إذا حدثت في وقت واحد في أي دولة فإنها كفيلة بانهيارها، وقد تعرضنا لتلك الأزمات إلى حد الخطر، بعد أن اتفقت القوى السياسية على الحل السلمي والديمقراطي في ظل التسوية السياسية التاريخية في اليمن والمرتكزة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن 2014 وبما أمكن تجنب الحرب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر، وكانت المبادرة الخليجية هي الحل الأمثل والأنسب لخروج اليمن من الظروف المعقدة والصعبة إلى بر الأمان»، مشيرا إلى أن «اليمن يحتفل بمناسبة مرور 50 عاما على قيام الثورة اليمنية سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) ونحن ما زلنا في صراع وترحيل أزمات، أزمة تلو الأخرى».

وأعرب الرئيس هادي عن ثقته الكبيرة «في أن اليمن قد خرج من عنق الزجاجة ولن يذهب إلى حرب أهلية»، وقال إن «هناك من كان ولا يزال يرغب في حدوث الحرب، لكن الدول الشقيقة والصديقة وقفت جميعا مع اليمن بعد أن أقرت بأن اليمن إذا ذهب إلى حرب أهلية سيتأثر ويؤثر على المنطقة والعالم أجمع كون الموقع الجغرافي يمثل نقطة وصل حساسة بين الشرق والغرب وستتأثر المصالح العالمية جراء أي مخاطر تتهدد اليمن». وأضاف هادي أن اليمن مقبل على مرحلة تغييرات كبرى، وأن «التغييرات القادمة عميقة وكبيرة، وعلى كل الشباب وكل أطياف المجتمع اليمني والجيش والأمن الاستعداد العملي والذهني لخوض معترك التغيير نحو المستقبل الأفضل، والكل يتحمل مسؤولية وطنية كبيرة في هذه الظروف والمرحلة الانتقالية»، مؤكدا، مجددا، أن الحرب على الإرهاب لم تبدأ بعد، وقال «سنطهر كل مكان من هذه العناصر الإجرامية الإرهابية».

وفي السياق ذاته، قال راجح بادي، مستشار رئيس الوزراء اليمني للشؤون الإعلامية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن «كون هذه الرسائل الواضحة تأتي من الرئيس هادي الذي عرف عنه التحلي بالصبر وعدم الإكثار من الكلام، فهذا دليل واضح على أن معلومات كثيرة مؤكدة توافرت لرئاسة الجمهورية عن حجم التدخلات الإيرانية في الشأن اليمن». وذكر بادي أن وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي سبق أن حذر من هذه التدخلات، وقال «سبق أن كشف وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي مرتين خلال أقل من أسبوعين عن هذه التدخلات وحذر منها» وأضاف بادي «المعلومات المتوافرة أن التدخلات الإيرانية لم تعد مقصورة على مناطق الشمال خاصة في صعدة، بل هناك معلومات مؤكدة عن امتداد هذه التدخلات إلى مناطق في المحافظات الجنوبية، خاصة عدن التي تعني الكثير لمستقبل البلاد الاقتصادي». وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن نوعية هذه المعلومات وحجمها اكتفى بادي بالقول «أتوقع أن يتم الإعلان خلال الأيام القادمة عن معلومات تفصيلية للرأي العام المحلي والخارجي عن حجم التدخلات الإيرانية». وقال «تم اليوم (أمس) إلقاء القبض على خلية تجسس إيرانية يرأسها ضابط سابق في حرس الثورة الإيراني، وسيتم الكشف عن المزيد من المعلومات لاحقا لتساعد القيادة اليمنية في صياغة رأي عام يمني ودولي إزاء قضية التدخلات الإيرانية في البلاد».

وقال مصدر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن تصريحات هادي تشير إلى أن المرحلة الراهنة تختلف عن المراحل السابقة، وأن النظام في اليمن يريد الانتباه إلى أوضاعه الداخلية وإعادة بناء البلاد وإبعادها عن التدخلات السافرة والسلبية. وعلق المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، بأنه على كل الأطراف أن تفهم الرسالة التي جاءت من أعلى سلطة في البلاد، وهو رئيس الجمهورية، وهذه الأطراف هي إيران على وجه الخصوص، والأطراف اليمنية الداخلية «التي ما فتئت تظهر أنها تتعامل مع أطراف دولية بصورة تضر بمصالح البلاد وبما يحقق مصالح شخصية وفئوية». وأكد المصدر اليمني أن «الدولة ستتعامل بجدية مع كل ما يضر بمصالح الوطن والشعب سواء من قبل أطراف خارجية أو داخلية».

وجاءت تصريحات هادي بالتزامن مع إعلان الداخلية اليمنية إلقاء القبض على أفراد خلية تجسس تتبع جمهورية إيران الإسلامية، وقالت وزارة الدفاع اليمنية على موقعها على شبكة الإنترنت إن «شبكة التجسس التي تم ضبطها يديرها قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني وتدير عمليات تجسس باليمن والقرن الأفريقي».

إلى ذلك، شهدت الساحة اليمنية، أمس، ردود فعل غاضبة جراء تصريحات الناطق باسم جماعة عبد الملك الحوثي، محمد عبد السلام، عضو اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن، والتي أكد فيها تأييد الجماعة لانفصال جنوب اليمن عن شماله. وقال عبد السلام إن جماعته مع انفصال الجنوب، في سياق مقابلة نشرتها إحدى الصحف الموالية للحوثي.

وقد عبر سياسيون يمنيون في وسائل الإعلام المحلية عن استياء كبير من هذه التصريحات، خاصة أنها صدرت بعد أيام من صدور قرار جمهوري بتشكيل اللجنة الفنية للإعداد والتحضير للحوار الوطني والتي يعد عبد السلام أحد أعضائها ضمن 5 من ممثلي جماعة الحوثي في اللجنة.