العاهل الأردني يدعو الأسد لاغتنام الفرصة الأخيرة والخروج من المشهد

قال إن سبب التصلب الروسي ما حدث في ليبيا

الملك عبد الله الثاني
TT

حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من أن بوادر اندلاع حرب أهلية في سوريا باتت تلوح في الأفق. وقال في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية أذيعت أمس: «إن الأوضاع في سوريا باتت فوضوية، وخطر اندلاع حرب أهلية أصبح أقرب»، محذرا من أن «ذلك يعد أسوأ سيناريو يمكن أن تشهده المنطقة، لا سيما أن تركيبة المجتمع السوري أكثر تعقيدا من تركيبة المجتمع العراقي وباقي دول المنطقة».

وشدد على أنه في حال اندلاع حرب أهلية في سوريا سيتطلب ذلك عدة سنوات للتعافي من آثارها، معربا عن اقتناعه بأن ذلك يمكن تجنبه إذا اغتنم الرئيس السوري بشار الأسد وأركان نظامه الفرصة الأخيرة المتاحة لهم حاليا والخروج من المشهد.

وحول ما يتردد عن عزم نظام الأسد استخدام أسلحة كيماوية للسيطرة على الأوضاع في البلاد، استبعد العاهل الأردني أن يرتكب مثل هذا الخطأ، مضيفا «سأندهش بشدة إذا أقدم النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيميائية.. وسيكون ذلك بمثابة سوء تقدير كبير منه».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان الأردن سيؤيد فكرة التدخل الأجنبي في سوريا، التي طالما رفضها في الماضي، إذا أقدم النظام السوري على استخدام الأسلحة الكيماوية، قال الملك عبد الله «إنه في حال استخدام الأسلحة الكيميائية سيكون من الصعب على روسيا أو أي دولة أخرى معارضة مثل هذا القرار».

وأوضح أن الخطر الأكبر يكمن في إمكانية سقوط هذه النوعية من الأسلحة في يد المعارضة، خاصة أنه لا يوجد جهة تعلم جيدا توجهات من يقفون في صفوف المعارضة، فضلا عن وجود معلومات تفيد بوجود عناصر من تنظيم القاعدة في بعض المناطق السورية. وأضاف: «بالتأكيد في حال حدوث ذلك سيتم على الفور عقد اجتماعات سريعة يشارك فيها أعضاء المجتمع الدولي، لبحث إمكانية عبور الحدود».

واعتبر عبد الله الثاني تفجير مبنى الأمن القومي، ضربة قوية للنظام ويظهر بالتأكيد بعض التصدعات في النظام، «ولكني أعتقد أننا يجب ألا نتسرع في الاستنتاج».

وردا على سؤال حول تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، قال الملك عبد الله الثاني: «ما كنت أقوله هو أن القضية لا تتعلق ببشار. وما كنا نحاول توضيحه هو أننا بحاجة لصيغة انتقالية تشعر النظام بأن له مساهمة في المستقبل، وأن تشعر الطائفة العلوية، وهي طائفة مهمة في سوريا، بأن لديها مستقبلا وحياة تعيشها. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي من خلال الانتقال السياسي للسلطة». ودعا إلى الاستمرار «في إعطاء السياسة فرصة، ولكن إن لم نكن تجاوزنا تلك الفرصة بعد، فإننا على وشك أن نتجاوزها».

وأشار الملك عبد الله إلى أن الجدل القائم الآن هو حول كيفية وقف العنف، وهناك نقاط جدل أخرى في المجتمع الدولي.. «ما أقصده هو أننا نود أن نرى وقفا للعنف بالسرعة الممكنة، وإحلال السلام، والبدء بعملية انتقال سياسي للسلطة. وهذا أقل الشرور. وكما أعتقد، لو أن مغادرة بشار للمشهد وخروجه من سوريا يوقف العنف، ويمهد لعملية انتقال سياسي، فهذا أخف الشرور، لكن هل تجاوزنا هذه المرحلة حتى فات الأوان؟ هذا سؤال لا أملك له إجابة. الظروف الملائمة للانتقال السياسي الذي نتحدث عنه؟ لذلك، فإن الأمر لا يتعلق كليا بالشخص، بل بالنظام. وهل سيسمح النظام بالانتقال السياسي؟».

وقال عبد الله الثاني: «إن لروسيا أهدافا استراتيجية في سوريا، وهي تشعر بأن القوى الغربية تجاهلتها تماما في ليبيا، بعد أن كان الروس يملكون مصالح هناك منذ زمن بعيد جدا. وعندما حدث التغيير، استطاعت القوى الغربية بكل يسر أن تستبعد روسيا والصين، مما ترك طعم المرارة لدى هاتين الدولتين. وبالتالي، فإن بعضا من التصلب الروسي سببه ما حدث في ليبيا.

ولذا، فإن سوريا لها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا. وقد شاهدنا الروس يحضرون كل اجتماع، ويسعون للوصول إلى حلول سياسية. ومن الواضح أن تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لفتت أنظارنا مؤخرا. وعلينا انتظار ما سيحدث في الأمم المتحدة».

وحول انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر، قال الملك: «لقد قدمنا التهنئة للرئيس وللشعب المصري. ومما لا شك فيه أن هذه الانتخابات مهمة جدا للشعب في مصر. أما بالنسبة لنا في الأردن، فإن مصر دولة مهمة جدا في المنطقة، وأحد أركان شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية. مصر بالنسبة لنا لبنة أساسية في الشرق الأوسط. ونحن بحاجة إليها كأحد الأطراف الرئيسية في العملية السلمية، ولمواجهة التحديات الكثيرة في المنطقة. وما نتمناه الآن هو أن تستطيع مصر، بدلا من الانشغال فقط بشؤونها الداخلية كما هو حال دول الربيع العربي، الانخراط في القضايا الدولية. ونحن نتطلع إلى العمل مع الحكومة المصرية وتنسيق مواقفنا تجاه قضايا مختلفة مثل عملية السلام والوضع في سوريا».

وقال عبد الله الثاني في رده على سؤال حول الجمود الأميركي في عملية السلام: «إن هناك فرقا بين الفترة الرئاسية الأولى والثانية لأي رئيس أميركي يتعامل مع هذه القضية الجوهرية. فالرئيس في فترته الثانية يكون في وضع مريح أكثر للتعامل مع عملية السلام في الشرق الأوسط. وبلا شك، فإن الرئيس في فترته الأولى يميل لأن يكون أقل رغبة في التعامل مع هذه القضية الصعبة، على الأقل في أول سنتين من رئاسته، وهذا شيء اعتدناه خلال عقود كثيرة». وأضاف «ولكن، أقول مرة أخرى إن المرشح الرئاسي رومني مدرك تماما للقضايا، وقد تبادلنا الآراء حولها قبل عام. وبغض النظر عمن سيكون الرئيس، أنا واثق بأن كليهما يتفهمان ما يحدث في الشرق الأوسط، حيث لا تزال القضية الأساسية تتمثل في حل الدولتين والتحديات التي تواجه الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي».