تونس: محاكمة 43 من كبار القادة الأمنيين في النظام السابق

السجن مدى الحياة ضد بن علي و20 سنة للسرياطي و15 سنة لرفيق الحاج قاسم والبراءة لفريعة

TT

أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بتونس بعد ظهر أمس أحكاما قضائية ضد 43 متهما أغلبهم من القادة الأمنيين من درجات مختلفة، وذلك فيما بات يعرف بـ«قضية شهداء وجرحى الثورة». وتراوحت الأحكام بين السجن المؤبد والبراءة.

وقضت المحكمة غيابيا بالسجن المؤبد على الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وسجن وزير الداخلية الأسبق، رفيق بلحاج قاسم مدة 15 سنة، ومدير الأمن الرئاسي، علي السرياطي مدة 20 عاما بشأن مقتل محتجين في تونس العاصمة وبلدات سوسة ونابل وبنزرت وزغوان بعد أن عمت الانتفاضة الشعبية أنحاء البلاد أوائل العام الماضي.

ونال عادل التوريري، المدير العام السابق للأمن الوطني، ومحمد الأمين العابد، آمر الحرس الوطني، وجلال بودريقة مدير عام وحدات التدخل، ولطفي الزواوي، المدير العام للأمن العمومي، أحكاما بالسجن مدتها 10 سنوات.

وأدانت المحكمة أيضا عبد الباسط المبروك، الضابط في وحدات التدخل، وقضت بسجنه مدة 12 سنة، وهي نفس المدة التي قضت بها ضد رئيس الأمن الوطني في منطقة رأس الجبل في ولاية بنزرت (شمال تونس).

ونال أحد المتهمين بقتل متظاهر في حي التضامن القريب من العاصمة عقوبة بالسجن مدتها 20 سنة. بينما حكم بالسجن مدة عام في حق كادرين من الشرطة.

وكان أحمد فريعة، الذي عين وزيرا للداخلية بعد فرار بن علي في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 بفترة قصيرة، من ضمن مجموعة من المسؤولين الذين تم إسقاط الاتهامات عنهم، ويتعلق الأمر برشيد عيد، مدير عام المصالح المختصة، والشاذلي الساحلي، مدير عام الشرطة الفنية، والعربي الكريمي، مدير القاعة المركزية للعمليات.

وبعد صدور الحكم سادت حالة من الغضب والفوضى قاعة المحكمة ووقعت حالات إغماء في صفوف أهالي القتلى.

وصاحت امرأة اسمها سيدة الصيفي في قاعة المحكمة «هل انتظرناك عاما ونصفا لتصدر هذه الأحكام الهزيلة».

وقالت سيدة وهي تحمل صورة لولدها الذي مات في الكرم برصاص الشرطة في 13 يناير متحدثة لمراسل «رويترز»: «سنأخذ حقنا بأيدينا. سنشعل حربا ولن نسلم في حق أبنائنا ما دام القضاء لم ينصفنا».

وقال شاب اسمه لطفي بن محمود لـ«رويترز» إنه «حكم غير عادل والعسكر والداخلية تواطأوا ضد حق الشهداء. سنقتص بأنفسنا لشهدائنا».

وخارج قاعة المحكمة اشتبك أهالي قتلى بالأيدي مع عائلتين للمتهمين، واضطرت قوات الجيش لتفريقهم والوقوف بينهم لمنع مزيد الاشتباكات.

وقالت المحامية ليلى حداد عن عائلات الشهداء «سنستأنف الأحكام لأنها لا ترضي وتنصف شهداء الثورة».

من جهته، قال شرف الدين خليل، محامي مجموعة من العائلات المتضررة لـ«الشرق الأوسط» إن عائلات شهداء الثورة حرمت من حقها في التقاضي لمدة ستة أشهر. واعتبر أن القضاء العسكري يبقى قضاء استثنائيا مثلما تنص على ذلك هياكل الأمم المتحدة المهتمة بحقوق الإنسان، وهي على حد تعبيره تحرم الضحية من مواكبة قضيته العائلية، ولا تسمح له بالاستئناف.

وقال إن المدة التي بقيت فيها الملفات دون تحقيق ودراسة جدية منحت المتهمين فرصة «إعدام أدلة الإدانة» مثل إتلاف وإعدام مجموعة من التسجيلات والمكالمات الهاتفية.

وانتقد خليل تصرف المحكمة العسكرية مع الدفاع، وقال إن ترسانة من الطلبات لم تأخذ بها على الرغم من تأثيرها المباشر على ملف القضية. وأضاف أن عائلات شهداء وجرحى الثورة ستبقى على استيائها طالما أن هناك إحساسا بعدم جدية التحقيقات والتغافل عن سماع الشهود وبعض المسؤولين على الأمن خلال أيام الثورة.

من ناحيتها، قالت راوية بن جمالة، (استشهد زوجها برصاص القناصة في بنزرت شمال تونس العاصمة) لـ«الشرق الأوسط» إن ملف زوجها كان فارغا تماما من أي وثيقة بعد مرور نحو سنة ونصف السنة من وفاته. وأضافت أن إدانة القادة الأمنيين تحقق جانبا من العدالة ولكنها لا تكفي لإرجاع كامل حقوق الشهداء والجرحى إلى عائلاتهم. وعبرت راوية عن استغرابها من عدم توجيه تهم إلى القناصة الذين تؤكد كل الدلائل على أن السلط الأمنية ألقت القبض عليهم ولكنها لا تنوي محاسبة البعض منهم لأسباب غير مفهومة.