العراق يغلق أبوابه بوجه اللاجئين السوريين ويتذرع بـ«نقص الخدمات اللوجستية»

أغلق معبرا بالكتل الكونكريتية.. وناشط من القائم لـ «الشرق الأوسط»: تخلينا عن السوريين في محنتهم

سيدتان تسيران قرب بناية محروقة في معسكر اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق
TT

رفضت الحكومة العراقية استقبال اللاجئين السوريين الذين قرروا النزوح إلى العراق هربا من قصف ومطاردة قوات الرئيس السوري بشار الأسد بذريعة عدم وجود خدمات لوجستية على الحدود بين البلدين وبالتحديد وسارعت إلى إغلاق معبر البوكمال الحدودي بالكتل الكونكريتية لمنع دخول السوريين. وفي غضون ذلك وجهت انتقادات إلى الحكومة العراقية التي «تخلت» عن السوريين في محنتهم بعد أن كانوا قد استقبلوا عشرات آلاف اللاجئين العراقيين خلال السنوات الماضية وحتى إبان عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. واعتبر ناشط سياسي من أهالي القائم أن «موقف الحكومة العراقية أمر يدعو للأسف بالقياس إلى ما فعله الشعب السوري لا سيما في المناطق الحدودية أيام محنتنا كعراقيين».

وفي تصريح صحافي أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن «مؤتمر الهلال الأحمر الذي عقد اليوم (أمس) في العاصمة اللبنانية بيروت أجمع على أن العراق ليس نقطة لاستقبال اللاجئين السوريين»، عازيا سبب عدم استقبال للاجئين لـ«عدم امتلاك العراق خدمات لوجستية على الحدود بين البلدين». واعتبر الدباغ أن «نزوح هؤلاء باتجاه العراق يكاد يكون معدوما بسبب بعد المدن عن بعضها البعض ووجود الصحراء القاحلة التي تعرضهم لخطر حقيقي»، مشيرا إلى أن «السوريين يلجأون إلى لبنان لأن مدنها متقاربة مع بعضها وكذلك تركيا والأردن أيضا». وفي مقابل ذلك أعلن الدباغ أن الحكومة العراقية ستوفر الحماية للمواطنين العراقيين العائدين من سوريا في المنافذ الحدودية، مبينا أن الحكومة ليس لديها الإمكانات لحماية المواطنين الموجودين داخل الأراضي السورية.

وكان الجيش السوري الحر الذي يضم جنودا سوريين منشقين، نجح في السيطرة على معبر البوكمال بين العراق وسوريا مساء الخميس، وبعيد ذلك أغلقت السلطات العراقية الحدود.

وفي مدينة القائم العراقية أكد سكان أن أقرباءهم المقيمين في البوكمال حاولوا اللجوء إلى العراق، إلا أن القوات العراقية منعتهم من اجتياز الحدود.

وقال أحد سكان القائم طالبا عدم كشف اسمه «أقربائي وعائلات أخرى يحاولون مغادرة المدينة للذهاب إلى القائم، لكن الجيش العراقي يمنعهم من دخول العراق»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتشترك سوريا مع العراق بحدود تمتد لنحو 600 كلم، يقع أكثر من نصفها تقريبا في محافظة الأنبار التي تسكنها أغلبية سنية وكانت تعتبر في السابق مقرا لتنظيم القاعدة في العراق.

من جهته قال قاسم محمد الكربولي رئيس الحركة الوطنية لوحدة العراق ومقرها القائم في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن «الشعب السوري لا يستحق هذه المعاملة التي تعامله بها حكومتنا الآن لأننا وفي أيام المحنة ولكوننا منطقة حدودية فإن أبناء سوريا على الطرف المقابل وهم إخوة وأبناء عم لنا بسبب التداخل العشائري كانوا يجمعون التبرعات لنا وكان الفلاح السوري يجمع خضراواته ويأتي بها إلينا». وأضاف أن «المعلومات المتوفرة لدي تشير إلى أن أوضاع المواطنين السوريين الآن في غاية البؤس حيث لا يوجد ماء ولا حليب للأطفال» مشيرا إلى أنه «سبق أن أقام معسكرا للاجئين السوريين لكن جاءت القوات الحكومية ومزقت الخيم وهو أمر نحن نعتبره يتنافى مع ما قدمه الشعب السوري لنا خلال سنوات المحنة».

وحول ما إذا كانت القوات العراقية قد أغلقت المنطقة الحدودية قال الكربولي «نعم لقد جاءت قوات عسكرية ووضعت كتلا كونكريتية بهدف منع تدفق اللاجئين».

وعلى صعيد متصل وطبقا لما أعلنه «أبو جاسم» من منفذ الوليد الحدودي لـ«الشرق الأوسط» فإن «المنافذ الحدودية الثلاثة وهي البوكمال والوليد وربيعة لم تغلق بل هي نشطة الآن على صعيد استقبال العراقيين العائدين من سوريا». وأضاف أبو جاسم الذي طلب عدم الإشارة إلى هويته أن «أسعار النقل من سوريا إلى العراق تضاعفت بشكل لا مثيل له ففي الوقت الذي كان فيه إيجار السيارة نوع جي إم سي (جمسي) سابقا 400 دولار فإنه أصبح اليوم 2500 دولار».

وحول المناطق السورية الأكثر تضررا والتي بدأ العراقيون يخرجون منها قال أحمد العسافي «مواطن عراقي مقيم في دمشق» في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إنه «يقيم في منطقة لا تزال آمنة وبالتالي فإنه لا يفكر في العودة حاليا إلى العراق» مشيرا إلى أن «مناطق المزة وجرمانة والكثير من مناطق الشام لا تزال بعيدة عن الاحتكاك القوي بين الجيش الرسمي والمعارضة» مؤكدا في الوقت نفسه أن «مناطق برزة والقابون وريف دمشق والميدان واليرموك متأزمة وليست آمنة وهي التي بدأ العراقيون يهربون منها».

إلى ذلك، قال محافظ نينوى، أثيل النجيفي، إن «الحكومة المركزية تمنع دخول اللاجئين السوريين»، مشيرا إلى أن «المعابر لم تشهد تدفقا للاجئين في هذه الفترة، إنما حدث ذلك في وقت سابق، والسلطات رفضت استقبالهم». وأضاف النجيفي «هناك لاجئون دخلوا إلى إقليم كردستان ونقلوا إلى معسكر خصص لاستقبالهم».