لبنان: جهود رسمية وشعبية لاستقبال ومساعدة اللاجئين السوريين

المجلس الوطني: 400 ألف لاجئ ومليونا نازح

TT

لا تزال قضية النازحين السوريين الذين زادت أعدادهم بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية تأخذ حيزا واسعا من الاهتمام اللبناني على الصعيدين الشعبي والرسمي، رغم تراجع حركة عبورهم إلى لبنان خلال الـ24 ساعة الأخيرة، وذلك بعدما كانت قد وصلت إلى أقصاها بين يومي الخميس والجمعة الماضيين، إذ عبر إلى لبنان بحسب مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة 30 ألف لاجئ.

وفي حين ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن فنادق محطة بحمدون في منطقة الشوف، وعددا من الشقق السكنية، تشهد زحمة نازحين سوريين أتوا بسياراتهم من دمشق، لافتة إلى أن الحركة في مدينة عالية أيضا مزدهرة ولكن بنسبة أقل، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية اللبنانية وائل أبو فاعور أن العائلات التي دخلت إلى لبنان خلال اليومين الأخيرين توزعت على قرى البقاع وبعض مناطق جبل لبنان وبيروت، وفتحت أمامهم مدارس رسمية وأخرى خاصة تابعة لدار الإفتاء، إضافة إلى استقبال آخرين في منازل خاصة وضعتها البلديات في تصرفهم.

وأكد فاعور أن «رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعطى توجيهاته للهيئة العليا للإغاثة ووزارة الشؤون الاجتماعية لتقديم الدعم إلى النازحين السورين، وبدأت الأعمال اليوم (أمس)، وهذا ما يجب أن تستمر به لأن قضية النازحين السوريين هي قضية أخلاقية وإنسانية». وأشار أيضا إلى أن الحكومة اللبنانية بدأت البحث عن آليات للتعامل مع هذا الملف وتأمين التمويل، لافتا إلى أن «هناك عددا لا بأس به من الدول والمؤسسات الدولية مستعدة لتقديم الدعم في هذا الشأن والحكومة تبذل جهدها لتأمين هذه المساعدات».

ورغم عدم توافر الإمكانات الكافية لدى وزارة الشؤون الاجتماعية لتقديم المساعدات كما هو الحال بالنسبة إلى الهيئة العليا للإغاثة، بحسب فاعور، فإن المفوضية العليا للاجئين وبعض المؤسسات الدولية، من بينها المجلس الدنماركي لشؤون اللاجئين، تتولى الأمور المتعلقة بالإنفاق المالي، بينما تتولى راهنا مهمة التنسيق إلى حين وضع آلية من الدولة. بدوره، أعلن وزير شؤون المهجرين اللبناني علاء الدين ترو أن زيادة عدد النازحين السوريين إلى لبنان في ظل ازدياد حدة العنف في سوريا، دفعته والوزير وائل أبو فاعور، بتكليف من رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، إلى زيارة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي والطلب إليه بفتح المدارس في البقاع والشمال لإيواء النازحين، والإيعاز للهيئة العليا للإغاثة بالمساعدة العاجلة لهؤلاء، مشيرا إلى أنه بحسب الإحصاءات الرسمية بلغ عدد النازحين اثنين وعشرين ألفا، متوقعا ازدياد العدد في الأيام المقبلة. وعن احتمال إنشاء مخيمات لهؤلاء إذا طالت مدة وجودهم في لبنان، قال «في البداية سنستقبلهم في المدارس، لكن إذا ازداد عددهم سنطرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، فهو المخول بالموافقة على إقامة المخيمات وليس أي جهة سياسية أو حزبية».

وعلى الصعيد الشعبي اللبناني، فإن الجهود تبذل على خط مساعدة النازحين السوريين في مختلف المناطق اللبنانية، وهي بعدما تركزت في الشمال والبقاع في الأشهر الأولى للثورة، امتدت في اليومين الأخيرين إلى جبل لبنان الجنوبي والشوف بشكل خاص. وفي هذا الإطار أيضا، كانت خطوة شباب لبنانيين بإطلاق «الحملة الوطنية اللبنانية لاحتضان النازحين السوريين»، عبر «فيس بوك» لينضم إليها خلال 3 ساعات أكثر من 300 شاب وفتاة لبنانيين أبدوا استعدادهم لتقديم المساعدات للعائلات السورية لا سيما الفقيرة منها، وفي حين لفتت أحد القيمين على المجموعة، رنا فرحات، لـ«الشرق الأوسط» أن عمل المجموعة سيتوسع خلال الأيام القليلة المقبلة وفقا لخطّة يتفق عليها أعضاء المجموعة والشباب المتطوعون في الحملة، أشارت إلى أن التجاوب مع هذه الحملة منذ الساعات الأولى لإطلاقها كان مشجعا ونجح الشباب في البقاع من تأمين افتتاح مدرسة في البقاع لإيواء عدد من العائلات. وبدا واضحا من خلال هذه المجموعة تفاعل ليس فقط اللبنانيين الذين أبدى عدد كبير منهم استعدادهم لاستقبال السوريين في منازلهم، وإنما تفاعل السوريين أيضا الذين تواصلوا مع اللبنانيين وأبدوا استعدادهم لتنسيق العمل بين الطرفين بهدف تسهيل الأمور على العائلات النازحة.

وكان المجلس الوطني السوري قد أصدر بيانا دعا فيه الأمم المتحدة لتقديم الدعم إلى اللاجئين السوريين وإنشاء صندوق دولي خاص لهم، وتوفير الرعاية الصحية والطبية للجرحى والمصابين منهم. وأشار البيان إلى أن عدد اللاجئين السوريين في كل من تركيا ولبنان والأردن تخطى الـ400 ألف لاجئ، لم يتم تسجيل سوى نصفهم في سجلات الأمم المتحدة، وقد دخل الأراضي اللبنانية خلال 24 ساعة قرابة 20 ألف لاجئ، إضافة إلى وجود قرابة مليوني نازح ومهجّر داخل الأراضي السورية، جزء كبير منهم من أهالي مدينة حمص وريفها.

ولفت المجلس في بيانه إلى أن اللاجئين السوريين في لبنان يواجهون ظروفا خاصة، حيث لا تتوافر لديهم الإمكانيات المطلوبة، محملا السلطات اللبنانية مسؤولية توفير الحماية اللازمة نتيجة التهديدات التي يتعرضون لها من قبل جماعات مؤيدة للنظام، وتأمين الاحتياجات الطبية والإغاثية والإنسانية، وإقامة المخيمات اللازمة لإيوائهم، وعدم تعرضهم لأي مضايقات من قبل بعض العناصر والأجهزة الأمنية، ومنح الهيئات والجمعيات الأهلية التسهيلات اللازمة.