رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد لندن يطمح في تكرار نجاحه لاعبا

رياضي وسياسي سابق يأمل إنجاح الفعالية العالمية وتجنب مفاجآت الأمطار والأمن والمرور

كو سباستيان حاملا شعلة الأولمبياد في مدينة شيفيلد الإنجليزية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

بحكم كونه بارونا، كان كو عضوا معينا في مجلس اللوردات، يرتدي زي المناسبات الفخم المميز لأعضاء هذا المجلس. لكن وضعه الحالي يتناقض بشكل تام مع اليوم الذي كان عليه قبل 30 عاما تقريبا في لوس أنجليس عندما تمكن سباستيان كو من إنجاز شيء ما، لم يتمكن شخص آخر من القيام به، والفوز بالميدالية الذهبية في سباق 1500 متر لدورتين أولمبيتين متتاليتين وكسر أحد عشر رقما عالميا.

لكن مواجهة تحديات المضمار بالنسبة له، لا تماثل تحديات المهمة التي يواجهها الآن كرئيس للجنة المنظمة للألعاب الأولمبية التي ستبدأ فعالياتها الجمعة المقبلة. هناك مساحة محدودة للشكليات الآن وهو يجوب أنحاء الحديقة الأولمبية شرق لندن والبالغ مساحتها 500 فدان، يزين المضمار في عامه الخامس والخمسين مرتديا سرواله المصنع من قماش الكينو، وهو يميل إلى تصحيح أخطاء اللحظات الأخيرة، مشيرا إلى أن كل شيء سيتم تصويبه خلال اليوم.

وعلى الرغم من حرصه على عدم الظهور بمظهر الرضا عن نفسه (قال: «لا تسيئوا فهمي، أنا لا أجلس في ركن الغرفة، بالسيغار وأداعب القط»)، والحرص على إخفاء تفاؤله، مع الاعتراف بأنه لا يزال هناك مجال كبير كي يتغير مسار الأمور - فإنه يستحضر ذلك التحدي الذي واجه المنافسين في السابق على المضمار، مشيرا إلى أنه لم يندم على تولي مسؤولية تحديات الألعاب الأولمبية.

وقال في مقابلة في الحديقة الأولمبية: «أنا لا أستيقظ كل صباح لأصدر أحكاما دقيقة بشأن ما إذا كان هذا هو الأمر الصائب للقيام به». وعلى أي حال، كانت تلك دعوة شخصية، بقدر تلك الأيام العنيفة في المنافسات الأولمبية. وقال: «بطبيعة الحال، هذا هو الأمر الصائب الذي يمكن القيام به. ولم يكن ممكنا أن أمتنع عن المشاركة في ذلك».

كانت استضافة الألعاب الأولمبية الجهد الأكبر الذي بذلته بريطانيا منذ الحشد لدورة الألعاب الأولمبية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، بتكلفة بلغت 15 مليار دولار لبناء استادات ومنشآت أخرى، وتحديث خطوط المواصلات لتمديد أراضي المستنقعات السابقة والفقر الصناعي في ستراتفود، موقع الحديقة الأولمبية، وتجميع قوة عمل تصل إلى 200.000 شخص مسجلين الآن في الكشوف الأولمبية. وقد شاركت أكثر من 1.500 شركة بريطانية ويشير المسؤولون إلى أن ثلاثة أرباع الإنفاق الإجمالي أنفق على «تجديد»، وهو ما يعني التحول الدائم للمناطق التي كانت منهكة في السابق مثل ستراتفورد، التي اشتهرت على مدى قرون بأنها إحدى أكثر مقاطعات لندن المنكوبة.

تعرض كو للكثير من الانتقادات، وقال أصدقاؤه إن نجاح دورة الألعاب الأولمبية سيضمن له مكانة بين عظماء الرياضة، لكن فشلها يعني أن يصبح تاريخه ملطخا لدى أكثر من 60 مليون بريطاني، ينتظرون رؤية ما إذا كانت الألعاب الأولمبية ستشكل دفعة بالغة الأهمية في معنويات البلاد أم ستكون فصلا من الأخطاء الإدارية التي ستشكل نوعا من الإحراج الوطني.

فهل ستكون هذه الألعاب «أولمبياد الحصار»، حيث ستذكر بالتوافر الأمني الكثيف في أماكن الرياضة؟ أم «أولمبياد الأمطار الغزيرة»، مع استمرار هطول أمطار الصيف على إنجلترا التي وصلت إلى معدلات قياسية، ومئات الآلاف من التذاكر التي لم تبع حتى الآن والمتاحة للأشخاص الذين يصلون في وقت متأخر؟ أم هل ستكون «أولمبياد الطريق المسدود»، نتيجة الأزمة المرورية الخانقة التي قد تفوت على المشاهدين - وربما حتى على الرياضيين أعمالهم؟

ومع بقاء أقل من أسبوع على انطلاق الألعاب الأولمبية، تأتي البشائر متوازنة إلى حد بعيد. فمبيعات التذاكر في تصاعد، وتوقعات الطقس تتحسن والاستادات مستعدة. ويملأ رياضيون من 200 دولة وإقليم القرية الأولمبية. وتغص الحديقة الأولمبية بالمسؤولين والمتنافسين والصحافيين الذين يحاولون التأقلم مع هذه - لكن، كما يأمل المسؤولون، وقاية من الإرهاب - الاحتياطات الأمنية التي تميز الحديقة.

عاد كو إلى إدارة الرياضات من غزوة محبطة في السياسة، حيث قضى خمس سنوات عضوا للبرلمان عن حزب المحافظين في التسعينات، ثم عمل مساعدا كبيرا لأحد قادة الحزب بعد أن فقد المحافظون قوتهم. وتركته التجربة بنوع من الشكوك حول السياسيين، وهو ما كان بمثابة واق له وهو يواجه فسخ اللجنة المنظمة عقدا بنصف مليار دولار مع شركة «جي فور إس» الأمنية البريطانية.

سعي الحكومة لنشر آلاف من الجنود الإضافيين، بعد اعتراف شركة «جي فور إس» الأسبوع الماضي بأنها لن تتمكن سوى من توفير نصف 10.400 حارس تم التعاقد عليهم، كان واضحا في الحديقة الأولمبية، حيث نشرت الحكومة الجنود الاسكوتلنديين ذوي القبعات المزينة بالريش والقوات المظلية الذين عادوا لتوهم من نقاط التفتيش في أفغانستان ذوي إحاطة جيدة الطبيعة التي أكسبتهم الثناء من الأشخاص الذين قدموا باكرا. ووصف كو الازدراء الذي انهال على شركة «جي فور إس» بأنه نوع من محاولة سياسية لإعطاء انطباع جيد. خارج الحديقة، كان يقول لـ«جي فور إس» الذين شاركوا في تأمين الموقع: «أنا لن أدافع عن إدارتكم، لكنكم بصورة شخصية لم تخذلوا بلدكم. أنا سعيد حقا لأنكم هنا».

وعما إذا كانت الألعاب الأولمبية ستكون آمنة، أبدى كو لامبالاة مماثلة. وقال: «يجب أن نعلم أن الفعاليات العالمية الكبرى خلال العقد الأخير باتت تشكل مصدر جذب لأفراد مرحب بهم وآخرين ليسوا كذلك، لكني على يقين بأننا سنبذل قصارى جهدنا لجعل هذه الألعاب سلمية وآمنة». وإضافة إلى ذلك، فإن كل المدن الرئيسية الأخرى التي تنافست على استضافة ألعاب 2012 لديها تجارب مريرة مع الإرهاب، ودلل على ذلك بمدريد وباريس وموسكو ونيويورك. وقال: «إذا كنت أحد سكان لندن، فسوف تعتادها. إنها طبيعة الحياة».

وبالنسبة للمصاعب التي واجهها في فوز لندن بتنظيم الأولمبياد للمرة الأولى من عام 1948، حيث أدت صعوبات ما بعد الحرب إلى وصفها بأولمبياد التقشف، اعترف بأنه واجه بعض اللحظات التي تساءل فيها هو وفريقه: «يا إلهي، ما الذي فعلناه؟»، وربما بعد مشاهدة ما أنجزته الصين بميزانية غير محدودة وصلاحيات عامة لمنظمي أولمبياد 2008. لكنه أشار إلى أنه ما إن بدأ البناء الحقيقي في لندن حتى ارتفعت الروح المعنوية، إلى حد أنه ظهر ليمثل دوره مرتين في مسلسل السيت كوم الشهير «تونتي تويلف» على قناة «بي بي سي» التي سخرت من منظمة الألعاب الأولمبية بأنهم مشوشون وميؤوس منهم.

حدث أيضا أن ضلّ الوفد البرازيلي طريقه لساعات عندما لم يتمكن سائق الحافلة المكلف إيصالهم إلى الحديقة الأولمبية من تشغيل نظام التموضع العالمي أو استخدام الخريطة، وهو بالضبط ما حدث خلال الأسبوع الحالي من سائق حافلة تقلّ لاعبين أميركيين من مطار هيثرو. وأضحكت هذه المواقف التي تؤكد مقولة أن ما يحدث في الواقع يحاكي ما تقدمه الأعمال الفنية - كو ومساعديه كثيرا. إذا كانت دورة الألعاب الأولمبية ستحقق نجاحا سهلا، فمن المؤكد أن هذا سيعود إلى النهج، الذي يعتمد على التماشي مع أي شيء، والذي يمثل دليلا على حسّ دعابته الذي يتسم بقربه من الواقع والذي ربما يكون ثمرة لأصله الهجين، فقد كانت والدته، تينا أنجيلا لال، ابنة لرجل من ولاية البنجاب وسيدة إنجليزية، ويقيم الكثير من أقاربه بنيودلهي، بينما أخوه الأصغر، نيك كو، رجل أعمال ناجح يتنقل خلال عمله بين نيويورك وكولومبوس وأوهايو.

وزار كو خلال أسفاره بصفته رئيسا للجنة المنظمة لأولمبياد لندن عددا كبيرا من الدول التي ستشارك في البطولة، وكان يحرص على الركض، حيث كان يغادر الفنادق التي كان يقيم بها، غالبا في وقت متأخر من الليل، من أجل الركض لمدة ساعة أو أكثر في الشوارع حتى يتمتع بمذاق الطابع المحلي للحياة في تلك البلاد. وكان هذا بدوره يذكره بالدروس التي تعلمها كرياضي، ومن بينها أهمية تقبل تحديات الحياة كما هي بما في ذلك أحوال الطقس في لندن. وقال: «أنا أمارس رياضة تتقبل فيها طوال العام ما يقابلك من عواصف وأمطار غزيرة وأمواج ساخنة».

* خدمة «نيويورك تايمز»