«حرب الأفكار».. أميركا رائدة من دون منازع

فرنسا تأخرت لعقود وأوروبا في المرتبة الثالثة

TT

حرب من نوع جديد تلوح في الأفق، لا تستعمل فيها الدبابات ولا الغازات السامة، بل أفكار وتقارير وأبحاث، لتغيير واقع المجتمعات إلى الأفضل، وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وثقافية. إنها «حرب الأفكار» التي تتنافس فيها الدول الغربية على مركز الريادة، لتفرض بها رؤيتها الخاصة عن العالم.

أسلحة هذه الحرب الجديدة مؤسسات فكرية تضم باحثين من فضاءات معرفية مختلفة: سياسة، ثقافة، اقتصاد، وعلم اجتماع.. ينشطون بانتظام لإنتاج دراسات وتقارير وأبحاث تستفيد منها جهات معينة كالأحزاب السياسية والحكومات والإدارات العامة. هذا التقليد الجديد الذي ظهر منذ بدايات القرن الماضي في الدول الغربية جعل الساسة وأصحاب القرار يلجأون لخدمات النخبة والمثقفين من خبراء ومحللين لمساعدتهم على التخطيط للمستقبل وإدارة المشاكل. على أن «مراكز الفكر» تختلف عن «مراكز البحوث والدراسات» من حيث الغاية. فبينما تهدف الأخيرة إلى تحقيق غايات أكاديمية معرفية بحتة ملتزمة الحياد، ترمي الأولى إلى الانخراط في صنع القرار السياسي العام والوصول لأهداف استراتيجية.

البعض يطلق عليها تسمية «خزانات الأفكار»، وهي الترجمة الحرفية للمصطلح الإنجليزي «ثينك ثانك»، أو «ثنك فاكتوري» والبعض الآخر يسميها «مراكز التفكير» أو «مختبرات الأفكار»، وهي الترجمة العربية للمصطلح الفرنسي «سنتر دو ريفرلكسيون» أو «لابوراتوار ديه زيديه».

وقد تتخذ أحيانا شكل حلقات دراسية ونوادي تشاور للدفاع عن قضايا معينة أو ورشات تفكير وتأمل حول مشاريع مستقبلية فتسمى «نوادي التأمل»، أو «ورشات عمل». عدد هذه المراكز أو الحلقات اليوم يفوق الخمسة آلاف مركز، معظمها في الولايات المتحدة (1800) والصين (425) وأوروبا (1200)، ودورها المتنامي خلق ديناميكية جديدة و«سوقا للأفكار» تتسابق فيها أقوى المؤسسات لعرض تصوراتها واقتراحاتها لحلّ المشاكل المجتمعية.