حرب في شوارع حلب.. وقوات النظام تفشل في استعادة حي صلاح الدين

رئيس أركان «الجيش الحر» لـ «الشرق الأوسط»: النظام قمعها قبل الثورة واشترى ولاء البعض بالمال

TT

دخلت مدينة حلب ساحة الصدام المباشر بين النظام والمعارضة أول من أمس، لأول مرة منذ بدء النزاع المسلح في سوريا، حيث شهدت معارك عنيفة بين الجيش السوري الحر والجيش النظامي، مما حول منطقتي صلاح الدين وطريق الباب إلى «ساحة حرب حقيقية ومفتوحة».

ووصف رئيس الأركان في «الجيش الحر»، العقيد أحمد حجازي، ما يجري في حلب بأنه «ساحة حرب حقيقية تجري في شوارع المدينة»، مشيرا في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أمس، إلى أن القوات النظامية «استخدمت كل الأسلحة، منها القذائف والصواريخ ورشاشات الطيران المروحي، في محاولة منها لاستعادة حي صلاح الدين بعد أن أعلن (الجيش الحر) سيطرته عليه»، مشددا على أن «مقاتلينا يرفضون الاستسلام، ومستعدون للقتال حتى آخر رمق».

وبدأت المعارك بين «الجيش الحر» وقوات النظام صباح الجمعة الماضي، بعد هدوء لازم المدينة منذ انطلاق الثورة السورية قبل 16 شهرا، حيث لم تشهد خلال تلك الفترة معارك مباشرة بين الجيش النظامي والمعارضين. وبقيت المدينة لفترة طويلة في منأى عن الاضطرابات في البلاد، إلى أن تصاعدت فيها حركة الاحتجاجات ضد النظام قبل أشهر، لا سيما في جامعة حلب التي شهدت مداهمات عدة لقوات النظام وحملات اعتقال وإطلاق نار. ودخلت المدينة التي تعتبر ثاني كبرى مدن سوريا بعد دمشق من ناحية عدد السكان، خط المواجهة المباشرة مع النظام بعد إعلان «الجيش الحر» سيطرته على منطقة منبج ومناطق أخرى من ريف حلب. في هذا الوقت، أكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن الاشتباكات امتدت «إلى شارع هنانو الذي ظهرت فيه دبابات وآليات عسكرية ثقيلة لأول مرة منذ انطلاق الثورة، كما حاصرت دبابات النظام شارع الشعار الذي خرج للقتال أمس»، مؤكدة أن حي صلاح الدين «تعرض لقصف مدفعي ورشقات كثيفة من الرشاشات الحربية الثقيلة».

وقالت المصادر إن الحي «نزحت منه أعداد كبيرة من السكان والنازحين الذين وصلوا إليه في شهر فبراير (شباط) الماضي قادمين من إدلب وجسر الشغور».

من جهته، قال حجازي لـ«الشرق الأوسط» إن حلب «خرجت من قمقمها، والآن خرج المارد الحلبي ليغير في المعادلة الوطنية الشاملة، وينضم إلى سائر المدن المنتفضة التي ستجعل نهاية النظام حتمية وقريبة». وعن أسباب تأخر انتفاضة أبناء المدينة على النظام، قال حجازي إن حلب «قمعها النظام قبل انطلاق الثورة، حين زارها (الرئيس) بشار الأسد وزرع شبيحة له ومقاتلين وآلافا من رجال الاستخبارات للإبقاء على المدينة نائمة»، لافتا إلى أن النظام «دفع عدة مليارات لبعض زعماء العشائر وبعض الخونة النافذين، لشراء ولائهم، مما تسبب في تأخير انتفاضة المدينة».

وعن وصول المعارك إلى حي «طريق الباب» الذي يعتبر واحدا من أشهر الأحياء الحلبية الموالية للنظام، قال حجازي إن «النظام ضرب كل مؤيديه، فانقلبوا ضده، والآن تأخذ الثورة مسارها الصحيح باتجاه تحقيق الهدف».

وتشهد بعض أحياء مدينة حلب للمرة الأولى معارك عنيفة بين الجيش النظامي والمقاتلين المعارضين، بدأت صباح الجمعة الماضية وشملت أحياء صلاح الدين والأعظمية والأكرمية وأرض الصباغ، وتركزت في حي صلاح الدين، الذي أشارت لجان التنسيق المحلية إلى «نزوح للأهالي منه تخوفا من قصف النظام واقتحام الحي». وبث ناشطون صورا لنزوح سكان الحي، تظهر عددا من الأهالي وهم يفرون إلى أحياء آمنة. وكان الحي قد احتضن النازحين من إدلب ومناطق أخرى منذ بداية الثورة، ويشهد الآن مظاهرات مناوئة للنظام بشكل متكرر.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن الاشتباكات «لا تزال مستمرة منذ صباح الجمعة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في حي صلاح الدين في حلب»، وقد أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين والمقاتلين. وأعلن الناشطون في مواقع الثورة على الإنترنت أن حي صلاح الدين هزه انفجار ضخم فجر أمس، تبعته اشتباكات عنيفة تخللها استخدام الرشاشات الثقيلة، وتحليق للطيران المروحي. وجاءت تلك التطورات بعد يوم دام قضى فيه 40 شخصا في مدينة حلب، بحسب ما أعلنت لجان التنسيق المحلية أمس.

إلى ذلك، اعتبر رئيس أركان «الجيش الحر»، أحمد حجازي، أن «الدول العربية والإسلامية تشارك في ذبح الشعب السوري، لكونها لا تضغط لتدخل دولي يوقف النظام عن قتلنا وذبحنا»، مؤكدا أن «دول العالم العربي والإسلامي لم يقدموا لنا شيئا، لا مالا ولا سلاحا»، مشيرا إلى «أننا نشتري السلاح من ضباط من الجيش النظامي يبيعوننا الذخائر والأسلحة، وبعضهم افتضح أمره وموجود الآن في السجن، كما نحصل على سلاحنا من المنشقين».