فتاوى وتمويل وبحث عن «زوجة صالحة» في رسائل العولقي إلى الرائد نضال حسن

كشف رسائل إلكترونية في محاكمة المتهم بقتل جنود أميركيين في قاعدة «فورت هود»

الرائد نضال حسن و أنور العولقي
TT

كشفت رسائل إلكترونية تبادلها أنور العولقي، الأميركي - اليمني الذي قتلته طائرة أميركية في اليمن السنة الماضية، مع الرائد نضال حسن، الضابط الفلسطيني - الأميركي المتهم بقتل وجرح جنود أميركيين قبل ثلاث سنوات في قاعدة عسكرية بولاية تكساس، عن تبادلهما فتاوى، وطلبات دعم مالي، وبحث عن زوجة.

قدمت الرسائل خلال إجراءات محاكمة حسن في قاعدة «فورت هود» بولاية تكساس، وحصل عليها تلفزيون «سي إن إن»، وفيها رسالة من حسن إلى العولقي في سنة 2008، قبل سنة من هجوم حسن، تقول: «قام كثير من المسلمين الذين انضموا إلى الجيش الأميركي بقتل جنود أميركيين، أو محاولة قتلهم باسم الإسلام، مثل أكبر».

تشير هذه الرسالة إلى الباكستاني - الأميركي حسن أكبر الذي قتل اثنين من رفاقه، وجرح آخرين في هجوم عليهم في الكويت، عند بداية غزو العراق سنة 2003. وكان أكبر كتب في يومياته: «لم أقتل مسلما (عراقيا) حتى الآن، لكن انضمامي إلى الجيش الأميركي مثل ذلك. لهذا، علي أن أحدد سريعا هوية من يجب قتله».

وسأل نضال العولقي إذا كان ما فعله أكبر يندرج تحت قائمة «الجهاد»، وإذا كان فاعله سيعتبر من «الشهداء».. حسب قائمة المراسلات، لم يجب العولقي عن هذه الرسالة، لكن واصل نضال حسن مراسلته.. مرة طلب تحديد بعض القضايا المتعلقة بالفلسطينيين والإسرائيليين، ومرة سأل ما إذا كان يجب على المسلم تحديد مذهبه، مثل أن يكون سنيا أو شيعيا، ومرة سأل عن مبدأ «العين بالعين» في القرآن الكريم، ومرة عن أفضل الطرق لقبول التبرعات بطريقة يحافظ فيه الشخص على خصوصياته، ومرة عرض جائزة خمسة آلاف دولار لصاحب أفضل مقال عن نشاطات العولقي في مجال الدعوة للإسلام.

وفي رسالة أخرى، كتب حسن أنه قابل العولقي لفترة قصيرة، عندما كان العولقي إماما لمسجد «دار الهجرة» في فولز جيرج (ولاية فيرجينيا، من ضواحي واشنطن العاصمة). ورد العولقي برسالة جمع فيها مواضيع كثيرة، منها: «أسأل الله أن تصل إليكم هذه الرسالة وأنتم بأفضل حالات الإيمان والصحة. جزاكم الله خيرا لحسن ظنكم بي. أنا لا أسافر، ولذلك لن أتمكن شخصيا من تسلم الجائزة. وأنا أشعر بالخجل لعجزي عن إيجاد كلمات أفضل لشكركم».

وبعد ساعات من هذه الرسالة، سارع حسن بالرد. وشكر العولقي على رسالته. وسأله ما إذا كان يحتاج إلى مساعدات مالية، ثم كتب: «أنا أبحث عن زوجة ترغب في أن تكافح معي لنيل مرضاة الله. وأنا سأفكر جديا في أي ترشيحات تقدمها لي».

وبعد ثلاثة أيام، رد العولقي في آخر رسالة إليه. وشكره على عرضه للمساعدة. وطلب المزيد من المعلومات عنه، عن حسن. ووعد بالمساعدة في الزواج بـ«إحدى الأخوات».

وعلى الرغم من انقطاع رسائل العولقي بعد ذلك، واصل حسن الكتابة. ومرة أرسل معلومات مختصرة عن نفسه ليستخدمها العولقي في البحث عن زوجة، ومرة انتقد موقف الإعلام الأميركي من المسلمين.

وفي مايو (أيار) سنة 2009، تغير اتجاه رسائل حسن، وكتب إلى العولقي: «قبل فترة، ألقى جندي أميركي نفسه فوق قنبلة يدوية ألقيت على مجموعة من رفاقه، وهكذا أنقذهم من الموت بعد أن قتل نفسه. لم يقتل نفسه انتحارا، ولكن كانت نيته إنقاذ أصدقائه، ونجح بذلك». وأضاف حسن: «يثبت هذا أن الانتحار مقبول بهذه الطريقة، لأنه بطولة». وفي يونيو (حزيران) سنة 2009، كتب حسن آخر رسالة إلى العولقي جاء فيها: «إذا تجاهلنا الله كما فعل آدم، فلن يكون لنا عذر إذا انتهى بنا المطاف إلى نار جهنم».

وبعد ذلك بستة أشهر، نفذ حسن عمليته التي انتهت بمقتل 13 جنديا في قاعدة «فورت هود».

في الوقت الحالي، يمكث حسن في السجن، وينتظر إكمال محاكمته التي يواجه فيها حكما بالإعدام وكانت المراحل الأولية لمحاكمة حسن بدأت في السنة الماضية، واستمرت جلسات المحكمة ثلاثة أسابيع في إجراءات قانونية تمهيدية، حول قدرة حسن على أن يقف أمام القاضي لمحاكمته بكامل قواه العقلية.

في تلك الجلسات القضائية جرى نقاش حول ما إذا كان ارتكب حسن جرائمه لأسباب «نفسية» أو «دينية». وكانت وزارة الدفاع الأميركية أصدرت تقريرا عن مذبحة «فورت هود»، من دون حسم النقاش حول ما سماه التقرير «الممارسات الدينية المقبولة»، وما سماه «الميول نحو التطرف والعنف». بعد صدور التقرير، انتقده أعضاء في الكونغرس، لأنه لم يربط بين الإرهاب وبين ما فعله حسن.

وقبل ذلك، كانت وزارة الدفاع أصدرت تقريرا أوليا عن الحادث، لم يركز على أن حسن قام بعمل إرهابي، ولكن على عوامل نفسية أثرت عليه. ودفع هذا التقرير الأولي أعضاء في الكونغرس للمطالبة بتحقيق شامل لربط الحادث بـ«نشاطات إرهابية عالمية وخطيرة».وتحت ضغوط الكونغرس، أعاد الاتهام العسكري النظر في نقاط الاتهامات ضد حسن.