معارك طاحنة داخل أحياء في دمشق بعد محاولة قوات النظام استعادتها من الثوار

المجلس العسكري يعلن النفير العام لتحرير حلب.. والضحايا تجاوزوا 19 ألفا منذ بدء الأزمة

عناصر من الجيش السوري الحر في اشتباك مع الجيش النظامي في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

عاشت العاصمة السورية دمشق يوما داميا أمس، في محاولة من قوات النظام لإعادة السيطرة على الأحياء والمناطق التي وقعت في قبضة الجيش السوري الحر والثوار، بينما شهدت مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية، معارك عنيفة في أحياء سيف الدولة والجميلية والميرديان وقرب قسم شرطة الزبدية وبمحيط مبنى الهجرة والجوازات، في الوقت الذي أفاد فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد ضحايا العنف الدائر في سوريا تجاوز 19 ألفا، غالبيتهم من المدنيين، حتى أمس.

وقد حصدت أعمال العنف أكثر من 38 قتيلا بنيران قوات النظام في أنحاء سوريا، بحسب ما أعلنت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان». وأكد مصدر قيادي في الجيش السوري الحر لـ«الشرق الأوسط»، أن «معركة حلب ستكون حاسمة في مسار تحرير سوريا، لأن السيطرة عليها من قبل الجيش الحر والثوار، تعني سقوط العاصمة الاقتصادية لنظام (الرئيس السوري) بشار الأسد»، آملا في أن «تحمل الأيام المقبلة بشائر النصر بسقوط دمشق وحلب بالكامل بيد الثوار».

وعلى الصعيد الميداني، بقيت دمشق في قلب الحدث السوري، حيث أعلن الناشط محمد جمعة، أن «اشتباكات عنيفة دارت (أمس) في المنطقة الشرقية من حي ركن الدين بالتزامن مع تحليق كثيف للطيران الحربي». وأكد جمعة لـ«الشرق الأوسط» أن «حي برزة تعرض لقصف صاروخي من المروحيات، أصاب بعضها المسجد الكبير في الحي، حيث اشتعلت فيه النيران، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الجرحى جراء هذا القصف، ومحاصرة عائلات بكاملها داخل الحي المنكوب»، مشيرا إلى أن «جيش النظام يحاصر الحي من كافة مداخله بالدبابات وينشر كثيرا من القناصة فوق الأبنية، وخصوصا في بناء الحناوي ومجمع البحوث العلمية بالتزامن مع انتشار كثيف لعناصر جيش النظام على مداخل الحي». وقال: «هناك انتشار كثيف لقوات الأمن على التقاطع الرباعي بحثا عن نشطاء ومطلوبين»، لافتا إلى أن «رتلا من الدبابات اتجه نحو مستشفى تشرين، بالتزامن عبور تعزيزات أمنية وعسكرية مختلفة طريق القصر باتجاه حي المزة».

ويأتي ذلك بينما تنفي وسائل الإعلام الرسمية والموالية لنظام الأسد القصف المروحي على أحياء دمشق، وتؤكد أن الوضع في المدينة «طبيعي والحياة عادية»، بينما تعيش العاصمة حالة شلل عام لليوم الرابع على التوالي، حيث لا تزال الأسواق مغلقة مع أزمة حادة في المواد الغذائية الضرورية، كما أدت الأزمة الحادة بالوقود (بنزين ومازوت) إلى تعطل حركة السير.

وقال مصدر إعلامي رسمي أمس، إن «ما بثته بعض القنوات حول قصف مروحي على مناطق في دمشق عار عن الصحة تماما، والوضع في المدينة طبيعي والحياة عادية». وأوضح أن «الجهات المختصة تقوم في شوارع محدودة بملاحقة فلول الإرهابيين بالتعاون مع الأهالي»، إلا أن شبابا من سكان الأحياء بثوا على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو التقطوها بجوالاتهم تظهر طائرات مروحية تطلق النار.

وبدورها أعلنت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن «القوات النظامية السورية حاصرت منطقة بساتين المزة» في دمشق، كما سمعت أصوات قذائف المدفعية الثقيلة التي استهدفت منطقة بساتين الرازي في حي المزة». وقالت: «إن قوات النظام مدعومة بدبابات وناقلات جند مدرعة اقتحمت حي برزة البلد، وبدأت الانتشار داخل حارة الحي وأمام مبنى البلدية، وانتشر قناصة على أسطح الأبنية، في حين كثف عناصر الأمن وجودهم في وسط العاصمة السورية، حيث يقومون بتفتيش السيارات والتدقيق في الهويات».

أما مدينة حلب فقد استهدفت أحياؤها بقصف الطيران المروحي، وأكد الناشط عامر الحلبي لـ«الشرق الأوسط» أن «قصف الطيران لم يتوقف على الأحياء والمباني السكنية في منطقة دير حافر، مما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح، وعمت حالة من الهلع الشديد في صفوف المدنيين». وأشار إلى أن «الطيران المروحي الحربي قصف بشكل عشوائي مناطق القدم والعسالي والمادنية برشاشات المروحيات، وحلق بشكل كثيف على علو منخفض»، موضحا أن «بناء بالكامل قد انهار في حي سيف الدولة، جراء إطلاق أربع قذائف عليه من دبابة عند دوار الكرة الأرضية»، وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن «الجيش السوري الحر اشتبك مع قوات النظام السوري قرب مقر الاستخبارات الرئيسي وسط حلب».

إلى ذلك، أعلن المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر في مدينة حلب حالة النفير العام، ودعا جميع عناصره إلى الالتحاق فورا بالتزامن مع بدء ما أطلق عليها اسم عملية «حلب الشهباء» لتحرير حاضرة الشهباء. وأعلن المجلس العسكري أيضا أن «معظم المناطق الموجودة في ريف حلب تم تحريرها وسيتم التحرك باتجاه حلب المدينة». وقالت مصادر في الجيش الحر، إن كتائب تابعة له «تمكنت من السيطرة على منطقتي طريق الباب والصاخور في حلب». وأوضحت المصادر «الجيش الحر، بعد أن سيطر على معظم القرى في الريف، قرر نقل المعركة إلى مدينة حلب، وأن القوات النظامية ردت على ذلك بقصف هذه الأحياء بعنف، مما أوقع عددا من القتلى»، بينما قال التلفزيون الرسمي السوري: «إن قواتنا المسلحة تلاحق فلول الإرهابيين في حلب وتقضي على أعداد كبيرة منهم، وقد استسلم العشرات وفر الباقون باتجاه الحدود التركية».