إعدامات ميدانية في حيي «المزة» و«برزة».. و«حرب عصابات» في دمشق وحلب

قذيفة كل دقيقة في درعا وقصف مستمر ومداهمات واشتباكات في مناطق عدة

دبابة دمرها الجيش السوري الحر في حي اربين بدمشق (رويترز)
TT

لا تزال كل من العاصمة دمشق ومدينة حلب، تحت مجهر القصف العشوائي الذي تشنه قوات النظام على مناطق سورية عدة، في ظل استمرار «حرب العصابات» والاشتباكات المتنقلة. وفي حين أعلنت لجان التنسيق المحلية عن وصول عدد قتلى أمس إلى نحو 100 شخص، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «القوات النظامية السورية نفذت إعدامات ميدانية بحق 23 شخصا في حيي المزة وبرزة في دمشق اللذين دخلتهما قوات النظام بعد ثلاثة أيام من المعارك». وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «16 شخصا، معظمهم لا يتجاوز عمره 30 عاما، أعدموا ميدانيا برصاص القوات النظامية الأحد خلال مداهمات في المزة غرب العاصمة السورية».

وأضاف أن سبعة آخرين أعدموا بالطريقة عينها في حي برزة شمال شرقي دمشق، معلنا أنه لم يتم معرفة ما إذا كان هؤلاء من المدنيين أو من المقاتلين المعارضين. وأوضح عبد الرحمن أن ثلاثة من الضحايا وجدوا مقيدين، بينما تعرضت جثث أخرى للطعن.

وقال سكان ونشطاء بالمعارضة إن المقاتلين المعارضين طردوا من حي المزة الدبلوماسي في دمشق، وإن أكثر من ألف من القوات الحكومية وعناصر الميليشيات الموالية لها تدفقت على المنطقة تدعمها العربات المصفحة والدبابات والجرافات.

وقال مصدر في «الجيش الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «النظام يستخدم الأسلحة الثقيلة في مواجهتنا في كل المناطق، والإعلام أظهر كيف تستخدم الدبابات والطائرات ضد عناصرنا الذين لا يملكون إلا الأسلحة الخفيفة»، لافتا إلى أن «الجيش الحر» ينسحب أحيانا ويتراجع تكتيكيا من بعض المناطق، لكنه ينتهج طريقة حرب العصابات القائمة على «الكر والفر»، ويعتمد هذا الأسلوب منذ بداية الثورة من أجل إنهاك قوة النظام، مؤكدا أن كل المناطق السورية ساخنة ولا تخلو من اشتباكات بين الطرفين.

وفي حين نقلت وكالة «رويترز» أن أغلب المحال التجارية في دمشق أغلقت أبوابها وعادت قوات الأمن لترابط مرة أخرى عند بعض نقاط التفتيش التي كان الجنود قد تركوها قبل أيام، لافتة إلى إغلاق محطات وقود كثيرة لنفاد الوقود منها ووقوف السكان في طوابير طويلة أمام المخابز - قالت مصادر معارضة لوكالة «رويترز» إن مقاتلي المعارضة في العاصمة ربما يفتقرون إلى خطوط الإمداد التي تساعدهم على البقاء هناك لفترة طويلة وربما يقومون بعدة «انسحابات تكتيكية».

وقال ناشط بالمعارضة يدعى أبو قيس من حي البرزة: «دخلت ما لا يقل عن 20 دبابة تابعة للفرقة الرابعة ومئات الأفراد حي البرزة بعد ظهر أمس». وأضاف قائلا: «رأيت قوات تدخل منزل عيسى العرب البالغ من العمر 26 عاما. تركوه ميتا برصاصتين في الرأس».

ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن مصدر إعلامي نفيه أن طائرات هليكوبتر أطلقت النار على العاصمة. وقال إن الوضع في دمشق طبيعي، لكن قوات الأمن تطارد فلول «الإرهابيين» في بعض الشوارع.

وفي حين أعلن التلفزيون السوري «تطهير» أحياء العاصمة من المسلحين وفرض الجيش سيطرته على العاصمة، كشف الناشط السوري عمر القابوني، في حديث إلى وكالة «فرانس برس»، أن الجيش النظامي السوري «أعاد السيطرة بشكل كبير على دمشق في حين ما زال عناصر (الجيش الحر) يوجدون داخل المدينة بشكل غير ظاهر»، مشيرا إلى استمرار الاشتباكات في حي القدم بجنوب العاصمة. ومن جهتها، قالت الناشطة لينا الشامي، من حي المزة (في غرب دمشق) الذي أعلنت السلطات الأحد «تطهيره من فلول الإرهابيين»، إن «الجيش النظامي منتشر تماما في كل المناطق، لكن من الصعب القول إنه يسيطر، إذ يعاني ضربات (الجيش الحر) بشكل يومي»، كاشفة أن «الجيش الحر» ينفذ عمليات على طريقة «اضرب واهرب» في كل أحياء العاصمة تقريبا.

أما أحمد، وهو ناشط من حي الميدان القريب من وسط العاصمة الذي أعلنت السلطات استعادة السيطرة عليه، فأكد أن معركة تحرير دمشق التي أعلنها «الجيش الحر» الأسبوع الماضي «مستمرة»، مشيرا إلى استمرار الاشتباكات.

ووصف المتحدث باسم تنسيقية دمشق وريفها، «أبو عمر»، ما يحصل في دمشق بأنه «حرب كر وفر»، مشيرا إلى أن عناصر «الجيش الحر» ينسحبون من مكان إلى آخر بين العملية والأخرى.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني سوري تأكيده أن «الجيش أنهى سيطرته على دمشق»، لافتا إلى أنه «يقوم الآن بحملات دهم، لا سيما في كفرسوسة (غرب العاصمة) ومناطق أخرى لا يزال المسلحون المعارضون موجودين فيها».

وفي دمشق أيضا، ذكر ناشطون أنهم عثروا على جثث 20 شخصا في حي المزة بدمشق قالوا إنهم مدنيون عزل أعدمهم الجيش النظامي اشتباها في مساعدتهم الثوار.

وبث ناشطون صورا على مواقع الثورة تظهر جثثا ملقاة على الأرض في شوارع عدة بالمزة، منها الإخلاص والزيات والفاروق وحواكير الصبارة والبساتين. كما تحدث مجلس قيادة الثورة بدمشق عن «حالة مروعة» في حي تشرين المجاور لحي برزة و«مجزرة» من قبل الشبيحة، حيث وجدت الكثير من الجثث بالطرقات وحالة من الهلع يعيشها سكان هذا الحي.

كذلك، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام، نفذت حملة مداهمات في منطقة بساتين الرازي بحي المزة، وحي نهر عيشة ومنطقة اللوان بحي كفرسوسة، وتترافق الحملة مع عملية تنكيل بأصحاب المحال والمنازل المداهمة. وفي ريف دمشق، فقد ذكر المرصد أنه عثر صباح أمس على 15 جثة مجهولة الهوية في بساتين منطقة السلم ببلدة معضمية الشام.

وفي مدينة حلب حيث تنقلت الاشتباكات بين مناطق عدة فيها، تعرض حي مساكن هنانو للقصف من قبل القوات النظامية التي تحاول فرض سيطرتها على الحي، وفي حي الصاخور الذي شهد اشتباكات عنيفة اليوم وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل مواطنان على الأقل إثر إطلاق نار وسقوط قذائف على الحي.

وذكر المرصد السوري أن اشتباكات دارت في حي الحميدية بين القوات النظامية السورية و«الجيش الحر» سقط خلالها ما لا يقل عن 6 عناصر من الجيش النظامي، كما سمعت أصوات إطلاق رصاص في أحياء صلاح الدين والصاخور والشعار وشوهدت الطائرات الحوامة تحلق في سماء المدينة، الأمر الذي أدى إلى نزوح العائلات. كذلك، دارت اشتباكات عنيفة بعد منتصف ليل الأحد/الاثنين بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في أحياء الزيدية والفرقان، كما سمع صوت انفجار تبعه إطلاق نار في حي طريق الباب، بينما خرجت مظاهرات صباحية في أحياء السكري والميسر وحلب الجديدة وبستان القصر طالبت بإسقاط النظام.

كما تجددت الاشتباكات أيضا بحي صلاح الدين، وشوهد إطلاق نار كثيف وبشكل عشوائي على المنازل من الدبابات وعمليات تخريب المحال التجارية وتكسير السيارات، بحسب ما أفاد ناشطون، لافتين إلى تسجيل حركة نزوح كثيفة لعائلات المنطقة.

كما أعلن الجيش السوري الحر أن إحدى كتائبه تمكنت من إعطاب دبابتين لقوات النظام في مدينة حلب. وبث ناشطون صورا تظهر قيام عناصر «الجيش الحر» بمهاجمة دبابة وإعطابها في حي الصاخور وتبين السيطرة على دبابة أخرى.

وقال منشق عسكري كبير في تركيا ومصادر للمعارضين داخل سوريا لـ«رويترز»، إن المعارضين سيطروا أيضا على مدرسة للمشاة في بلدة المسلمية الواقعة على بعد 16 كم شمال حلب وأسروا الكثير من الضباط الموالين للنظام، في حين انشق آخرون. وقال العميد مصطفى الشيخ لـ«رويترز» إن لهذه العملية أهمية استراتيجية ورمزية، فهذه المدرسة بها مستودعات ذخيرة وتشكيلات مدرعة وتحمي البوابة الشمالية لحلب.

أما في درعا التي أعلنت لجان التنسيق المحلية أنها كانت تتعرض لقصف بالقذائف بمعدل قذيفة كل دقيقة واحدة، تعرضت عدة بلدات في ريفها، مستهدفا مناطق الحراك ونوى واللجاة وتل شهاب ومحجة والطيبة وخربة غزالة والنعيمة، وفي بلدة جاسم نفذت القوات النظامية حملة مداهمات واعتقالات بعد منتصف الليل.

وذكر المرصد أن مدينة درعا شهدت اشتباكات بين قوات النظام و«الجيش الحر»، كما تعرض حي العباسية الذي دارت فيه اشتباكات أيضا، لسقوط قذائف. وقد أعلن المجلس الوطني السوري مدينة «طفس» في درعا (مهد الثورة السورية)، منطقة منكوبة، لافتا إلى تعرضها لقصف بمدافع الهاون والمدفعية الثقيلة منذ ثلاثة أسابيع، مما أدى إلى إلحاق تدمير كبير في المنازل وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، كثير منهم في حالة خطرة، مشيرا إلى أنه في الأيام الأخيرة بدأ النظام قصف المدينة بالصواريخ الحرارية، مما أدى إلى ارتفاع عدد القتلى والمصابين إلى أرقام كبيرة تشير إلى ارتكاب مجازر وجرائم إبادة.

وأشار البيان إلى أن أهل المدينة يعانون الحصار والحرمان من كل مقومات الحياة وعلى رأسها الأدوية والأغذية، وخدمات العلاج والصحة والتعليم، ووسائل الاتصال والماء والكهرباء، وهناك نقص حاد في الأدوية الأساسية المستخدمة في إسعاف الجرحى، مشيرا إلى نزوح أكثر من 12 ألف مواطن بسبب القصف الهمجي والعشوائي.

وناشد البيان «الجيش السوري الحر والشعب السوري البطل والمنظمات الإغاثية السورية والعربية والدولية، التحرك لرفع الحصار عن هذه البلدة ووقف قصف البيوت الآمنة ودخول المواد الأولية والأدوية والسماح بإسعاف الجرحى ودفن الشهداء».

وفي إدلب، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى تعرض بلدة سرمدا للقصف من قبل القوات النظامية المنتشرة في ساحة معبر باب الهوى على الحدود السورية - التركية، بينما أفاد بمقتل ثلاثة مواطنين بعد منتصف ليل الأحد/الاثنين في مدينة دير الزور، بينهم مقاتلان من «الجيش الحر» سقطا خلال اشتباكات في المدينة.

وفي حمص، تجدد القصف على أحياء حمص القديمة، جورة الشياج والصفصافة وباب دريب وباب هود. وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بسقوط عشرات الجرحى جراء تجدد القصف المدفعي العنيف على أحياء الحميدية وباب الدريب وبستان الديوان والصفصافة بشكل مفاجئ بمدافع الدبابات وقذائف الهاون، وسط الحصار الخانق لليوم الخامس والأربعين على التوالي.

وشهدت مدينة الرستن اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» والجيش النظامي، وأدى القصف العنيف بالطيران المروحي إلى سقوط قتيلين على الأقل. كما قصف الطيران المروحي مدينة تلبيسة بشكل عنيف وتصاعدت أعمدة الدخان في سماء المنطقة.

أما في حماه، فقد سجل انتشار أمني كثيف في حي الحوارنة تخللته مداهمات للبيوت مع إطلاق نار، بينما تجدد القصف العنيف على قرية الحواش بالطائرات المروحية.

وفي الرقة، أفادت لجان التنسيق بانشقاق العميد أديب أحمد الشلاف مدير منطقة الطبقة وقائد شرطة المدينة، والرائد علي شيخ علي نائب مدير المنطقة ومدير ناحية دبسي عفنان، والملازم أول عدنان الخلف مدير مكتب الأمن الجنائي في المدينة، والملازم أول حسين خليفة رئيس قسم المرور. كما أغلقت القوات النظامية سجن الطبقة بسبب انشقاق الضابط المسؤول عنه، ومنع دخول عناصر الشرطة من ذوي الوظائف الإدارية إليه وكذلك الزوار.