مصر تحتفل بالعيد الستين لثورة يوليو تحت حكم رئيس إخواني

مرسي لم يذهب لضريح عبد الناصر واكتفى بخطاب «متلفز»

متطوع يحمل أطباقا من الطعام لعشرات من الصائمين ضمن إفطار جماعي في شهر رمضان المبارك بوسط القاهرة أمس (رويترز)
TT

احتفلت مصر أمس بالعيد الستين لثورة يوليو 1952، بينما يتولى الرئاسة فيها ولأول مرة في تاريخها، رئيس ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبر من ألد الخصوم التاريخيين للثورة التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر، وجاءت بحكم قادة من الجيش استمر لـ59 عاما حتى أطاحت ثورة 25 يناير 2011 بالرئيس السابق حسني مبارك، وجاءت أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر بعد ثورة يناير برئيس مدني هو الدكتور محمد مرسي، الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين).

وكان الرئيسان السابقان أنور السادات وحسني مبارك يزوران ضريح سلفهما جمال عبد الناصر في ذكرى الثورة، وهو نفس النهج الذي سار عليه المشير حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة العام الماضي، وقت أن كان يدير شؤون البلاد في ظل خلو منصب الرئيس، لكن الرئيس مرسي لم يزر ضريح عبد الناصر.

وثار جدل في القاهرة على مدار اليومين الماضيين حول ما إذا كان الرئيس مرسي سيسير على خطى أسلافه بإلقاء كلمة للشعب المصري في ذكرى الثورة، في ظل العداء التاريخي بين ثورة يوليو والإخوان، إلا أن مرسي أنهى ذلك الجدل بخطاب متلفز ألقاه في نحو التاسعة من مساء أول من أمس أكد فيه أن ثورة 23 يوليو عام 1952 كانت لحظة فارقة في تاريخ مصر المعاصر وأسست للجمهورية الأولى التي دعمها الشعب والتف حول قادتها وحول أهدافها الستة.

وقال مرسي «إن هذه الأهداف لخصت رغبة الشعب المصري في تأسيس حياة ديمقراطية سليمة واستقلال القرار الوطني ودعم العدالة الاجتماعية للخروج من الفقر والجهل والمرض واستغلال رأس المال والإقطاع»، معتبرا أن هذه الثورة نجحت في تحقيق بعض أهدافها وتعثرت في أهداف أخرى، وبخاصة «الديمقراطية والحرية»، مشيرا إلى أن الثلاثين عاما الماضية شهدت فشلا «في تحقيق الديمقراطية السليمة بفعل التزوير والإجراءات السلبية».

واعتبر مرسي أنه بسبب هذا الفشل كان لا بد للشعب المصري أن يصحح المسار، فثار ثورته الثانية في 25 يناير عام 2011 ليعيد الأمور إلى نصابها، ولم يفت مرسي أن يشيد بالجيش المصري، قائلا «إن الجيش المصري العظيم انحاز لخيار الشعب في ثورة 25 يناير ووقف مع الشعب لإقامة الجمهورية الثانية على أساس من الديمقراطية والحرية والعدالة وسيادة القانون».

من جانبه، وصف محمود عبد الرحيم المنسق العام لـ«الجبهة الشعبية لدعم الدولة المدنية»، خطاب الرئيس مرسي بأنه «خطاب اضطراري مليء بالمغالطات التاريخية ويعكس موقفا انتقاميا من ثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر، انسجاما مع الموقف العدائي لجماعة الإخوان من أهم ثورة في تاريخ المصريين والعالم بأسره».

وقال عبد الرحيم في بيان له «إن مرسي سعى للسير على خطى السادات واستعارة مفردات مثل (ثورة التصحيح)، والإيحاء بأن ثورة يناير مناقضة أو مناهضة لمنجزات ثورة يوليو، في حين أنها جاءت لاستكمال مسيرة (يوليو) ومبادئها في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي انقطعت بعد انقلاب السادات على ثورة يوليو ورهن نفسه لأميركا والصهاينة، وهي التركة التي ورثها مبارك، وآلت مؤخرا للإخوان».

وأضاف أنه «في الوقت الذي كان عليه أن يقدم التحية لثوار يوليو (تموز) من أبناء الجيش المصري الأحرار، سعى لتملق المجلس العسكري، وأشار على غير الحقيقة إلى دوره في حماية الثورة التي تحالف الإخوان والعسكر معا على إجهاضها بإرادة ودعم أميركي».

وتجمع أمس المئات من محبي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أمام المسجد المدفون فيه بمنطقة كوبري القبة (شرق القاهرة)، وشكلوا سلسلة بشرية أمام ضريح عبد الناصر، ووزعوا صوره على قائدي السيارات والمارة، كما طبعوا أوراقا تحمل إنجازات الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما رأوها، ورددوا أغاني وأناشيد حقبة الستينات من القرن الماضي، المعبرة عن الفترة الناصرية، ورددوا كذلك هتافات مناهضة لجماعة الإخوان المسلمين.

وكان أنجال الرئيس الراحل عبد الناصر في استقبال المتوافدين على ضريح والدهم، ومن أبرزهم حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق، وسامح عاشور نقيب المحامين، ومصطفى بكري النائب السابق في مجلس الشعب (المنحل)، وعدد من الفنانين والمواطنين. وانتشرت صور الرئيس الراحل الذي حكم مصر منذ عام 1954 حتى توفي عام 1970، خارج وداخل الضريح الذي ازدان بكميات كبيرة من الزهور حرص المواطنون على وضعها به.

من جانبها، نظمت القوى السياسية ذات التوجه الناصري احتفالا في ميدان التحرير مساء أمس بمناسبة الذكرى الـ60 لثورة يوليو، حضره رموز التيار الناصري، وتم خلاله عرض فيلم وثائقي أعدته الدكتورة هدى جمال عبد الناصر بعنوان «وما أدراك ما الستينات».