غداة تحذيرات من تنظيم القاعدة.. مئات القتلى والجرحى في سلسلة هجمات في العراق

27 هجوما بينها تفجيرات انتحارية وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة في 18 مدينة

عراقيون يعاينون الدمار الذي خلفه واحد من سلسلة تفجيرات ضربت بلدة التاجي شمال بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

سقط مئات العراقيين بين قتيل وجريح في سلسلة هجمات متفرقة في العراق أمس، اليوم الأكثر دموية في البلاد منذ ما يزيد على عامين، وذلك غداة تحذيرات أطلقها أبو بكر البغدادي، زعيم فرع تنظيم القاعدة في العراق. ووقع 27 هجوما من تفجيرات انتحارية وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة وأخرى مسلحة في 18 مدينة عراقية، واستهدفت في معظمها مراكز أمنية وعسكرية للشرطة والجيش في شمال ووسط وغرب وجنوب والبلاد.

وهذه الهجمات هي الأكثر دموية منذ مقتل 110 أشخاص في سلسلة أعمال عنف مماثلة في مايو (أيار) 2010. ووقعت أكبر الهجمات في منطقة التاجي (25 كلم شمال بغداد) حيث قتل 42 شخصا على الأقل وأصيب أربعون آخرون بجروح في سلسلة تفجيرات بحزام ناسف وعبوات وسيارة مفخخة، بحسب ما أفاد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية ومصادر طبية رسمية وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال أبو محمد (40 سنة) وهو يقف على أنقاض منزله المدمر إنه «عند الساعة الخامسة سمعنا أصوات انفجارات بعيدة فجلست أمام منزلي ووجدت سيارة غريبة، سألت الجيران عنها إلا أن أحدا لم يتعرف عليها».

وأضاف «حضر شرطي وقال إن السيارة مفخخة حتما. عندها طلبنا من سكان المنازل القريبة مغادرتها، إلا أن الانفجار وقع عندما بدأت العائلات تغادر ورأيت امرأة وحفيدتها البالغة من العمر سنتين تقتلان في الهجوم». ودمرت السيارة المفخخة عشرة منازل على الأقل، وشوهد سكانها وهم يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم.

وفي الضلوعية (90 كلم شمال بغداد) قال ضابط برتبة ملازم أول في الجيش إن «مسلحين هاجموا قاعدة عسكرية عند الساعة الخامسة وقتلوا 15 جنديا وأصابوا أربعة آخرين بجروح وخطفوا جنديا واحدا». وأكد مصدر في وزارة الداخلية مقتل 15 جنديا في الهجوم.

وقتل 12 شخصا على الأقل وأصيب 22 آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة في مدينة الصدر في شرق بغداد. وقتل أيضا ثلاثة أشخاص وأصيب 21 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في الحسينية في شمال العاصمة، بينما قتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون بجروح بعبوة ناسفة في اليرموك في غرب بغداد، وفقا لمصادر أمنية وطبية. كما أصيب 11 شخصا بانفجار سيارة مفخخة في الطارمية شمال بغداد.

وقتل 11 شخصا وأصيب أربعون آخرون بجروح في سلسلة هجمات في مدينة بعقوبة (60 كلم شمال بغداد) ومناطق محيطة بها، مستهدفة مراكز أمنية ودوريات للشرطة والجيش، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية وأمنية وطبية.

وأعلنت الشرطة العراقية في كركوك (240 كلم شمال بغداد) مقتل سبعة أشخاص بينهم عدد من أفراد الشرطة وإصابة 29 بجروح في سلسلة هجمات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة استهدفت أربع مناطق متفرقة من المحافظة.

وفي اتصال مع اللواء جمال طاهر، قائد شرطة كركوك، عن تحليله لأسباب تجدد تلك الهجمات وخاصة مع حلول شهر رمضان، قال «هذه الهجمات أعتقد أنها رد فعل للضربة القوية التي تمكنا نحن في قيادة شرطة المحافظة أن نوجهها إلى الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها جماعة أنصار الإسلام المتشددة، حيث اعتقلنا قبل عدة أيام شبكة إرهابية تضم نحو 12 شخصا بينهم أمير للجماعة هو مسؤول عسكري، وهناك شخص آخر يعتبر المهندس الرئيسي للعبوات الناسفة وتفخيخ السيارات، وكانت تلك الضربة موجعة بحق هذا التنظيم الناشط في أطراف محافظة كركوك، لذلك أعتقد أن سلسلة الهجمات يوم أمس كانت رد فعل لتلك الضربة». وأضاف اللواء طاهر في تصريحه لـ« الشرق الأوسط» أنه «وردتنا معلومات استخبارية بأن هذه الجماعة تخطط للقيام بعملية كبرى ونوعية في المحافظة خلال شهر رمضان، من خلال استهداف التجمعات الشعبية بالأسواق المزدحمة خلال هذا الشهر الفضيل، ولذلك كثفنا دورياتنا ومفارزنا ومراقبتنا للأوضاع الأمنية في شوارع وأحياء المدينة، مما أفشل تلك الخطط ويبدو أن الهجمات المتفرقة التي شهدتها المدينة يوم أمس كانت نتيجة لفشل تلك المجموعات من تنظيم هجمة نوعية، فاكتفت بتوزيع هجماتها على مناطق متفرقة بسبب تصاعد وكثافة المراقبة الأمنية لقواتنا في أنحاء المدينة».

إلى ذلك، أعلن ضابط برتبة مقدم في الشرطة العراقية أن «امرأة قتلت وأصيب أربعة أشخاص بجروح في انفجار سيارة مفخخة مركونة قرب حسينية الزهراء، وسط ناحية الدجيل (60 كلم شمال بغداد)». وأكد مصدر طبي رسمي مقتل السيدة.

وفي الديوانية (160 كلم جنوب بغداد)، أعلنت مديرية صحة المحافظة أن عبوة ناسفة انفجرت في سوق شعبية ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 بجروح. وأعقبت الانفجار مواجهات بين المواطنين والأجهزة الحكومية حيث اقتحم المئات من المتظاهرين المباني الحكومية واعتدوا بالضرب على المنتسبين فيها.

وفي محافظة نينوى شمالا تمكنت قوة من معالجة المتفجرات من تفجير أربع سيارات مفخخة مسيطر عليها في مناطق متفرقة من الموصل، مركز المحافظة، دون أي إصابات. كما قتل جندي وأصيب عشرة آخرون بجروح في انفجار سيارة مفخخة في هيت غرب الرمادي، وفقا لمصادر أمنية وطبية.

ووقعت هجمات أمس بعد دعوة تنظيم دولة العراق الإسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، «شباب المسلمين» إلى التوجه إلى العراق، معلنا عن «بدء عودة» التنظيم إلى مناطق سبق أن غادرها، وعن خطة جديدة لقتل القضاة والمحققين. وقال «أمير» التنظيم أبو بكر البغدادي في شريط صوتي مسجل بثه أول من أمس عدد من المواقع التي تعنى بأخبار الجهاديين بينها «حنين» و«شبكة الجهاد» إنه «أتوجه بنداء إلى جميع رجال شباب المسلمين في شتى بقاء الأرض وأستنفرهم للهجرة إلينا».

إلى ذلك، قلل قيادي بارز في التيار الصدري وعضو بلجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي من جدية التهديد الذي أصدره البغدادي. وقال حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم القاعدة الإرهابي عودنا على إصدار مثل هذه التهديدات عبر بيانات أو غيرها وهو أمر واقع لأننا في حرب مع هذا التنظيم والمتحالفين معه منذ عام 2003 وحتى اليوم وبالتالي فانه بالنسبة لنا لا جديد في هذا التهديد إلا من باب خلط الأوراق لا سيما أنه يتزامن مع التطورات المتسارعة في سوريا وسعي تنظيم القاعدة إلى الربط بين الحالتين العراقية والسورية». وأضاف الزاملي أن «الخروقات الأمنية التي تحصل دائما في العراق تحتاج إلى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب كما تحتاج إلى إعادة نظر جدية بالقادة الأمنيين الذين مضى على خدمة قسم منهم سنوات طويلة ولم يحصل تطور في أدائهم كما يتطلب أيضا إعادة النظر بالمستويات الدنيا من الأجهزة الأمنية والعسكرية».