المستقلون يمسكون بميزان القوى في المؤتمر الوطني الليبي الجديد

الترهوني: تشكيل أغلبية سيكون سهلا لكن التوصل إلى إجماع تام سيكون تحديا أكبر

TT

ما أن تبين أن المرشح المستقل عبد ربه يوسف بوبريق يتجه للفوز بمقعد في أول انتخابات عامة حرة في ليبيا منذ عقود حتى بدأ هاتفه يرن. وتريد الكتلتان السياسيتان الرئيسيتان وهما ائتلاف ليبرالي يقوده رئيس الوزراء السابق محمود جبريل وحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا أن تعرفا إلى أي اتجاه سينحاز بوبريق في المؤتمر الوطني العام المؤلف من 200 عضو.

وقال بوبريق أستاذ الفلسفة، 52 عاما، الذي فاز بمقعد في مدينة البيضاء بشرق ليبيا، لـ«رويترز»، إن الجانبين يريدان أن يعرفا رؤيته وأفكاره من أجل مستقبل ليبيا ومع أي جانب سيتعاون.

وأضاف أنه رد على الجانبين بقوله: إنه لن ينضم إلى أي جانب في الوقت الراهن، وإنه يريد أن يرى ما هو الأفضل لمصلحة ليبيا الوطنية.

وتفوق تحالف القوى الوطنية الذي يقوده جبريل على الأحزاب الإسلامية في الانتخابات التي جرت في السابع من يوليو (تموز)، وحصل على 39 مقعدا من 80 مقعدا على وجه الإجمال مخصصة للكتل السياسية مقابل 17 مقعدا لحزب العدالة والبناء الذراع السياسية لـ«الإخوان» المسلمين.

لكن هذه الأرقام على وضوحها لا تترجم إلى أغلبية آلية لجبريل نظرا لأن المقاعد الباقية وعددها 120 مقعدا مخصصة للمرشحين المستقلين الذين يصعب تحديد انتمائهم مثل بوبريق.

ومن المتوقع أن يقوم هؤلاء المستقلون بدور حاسم برغم أنهم خليط غير متجانس من المحامين ورجال الأعمال والنشطاء والمعارضين السابقين لمعمر القذافي الذين انتخب أغلبهم على أساس الصلات المحلية والسمعة الطيبة لا على أساس الانتماء السياسي والفكري.

وفي إطار المعركة المرتقبة لتكوين قوة مهيمنة في المؤتمر الوطني حيث ستحتاج القرارات المهمة أغلبية الثلثين لإقرارها يكافح ائتلاف جبريل وحزب الإخوان المسلمين من أجل تشكيل تحالفات مع المستقلين والأحزاب الصغيرة. لكن حتى الآن لم تتضح الصورة بشأن ما إذا كانت جماعة واحدة ستهيمن على المؤتمر الوطني الذي سيختار رئيسا للحكومة ويسن التشريعات ويعد لانتخابات جديدة بعد كتابة دستور جديد العام القادم.

ومن المتوقع أن يعلن بعض المستقلين انتماءهم عندما يجتمع المؤتمر للمرة الأولى الشهر القادم لكن آخرين قد لا يفصحون عن مواقفهم إلى حين عقد الجلسات المهمة مثل التصويت على اختيار رئيس الحكومة.

ونظرا لأن هؤلاء المستقلين الذين يصعب التكهن بمواقفهم يمثلون مختلف الانتماءات المحلية والقبلية والإقليمية في ليبيا فهم يمثلون كذلك ورقة غير محسوبة على الساحة السياسية الليبية كما أن آراءهم المختلفة ومصالحهم المتضاربة يمكن أن تعقد عملية صنع القرار في البلاد.

وقالت ماريان ماجوير، مديرة مركز إنتركلتشرز للاستشارات ومقره طرابلس: «المباراة السياسية بدأت للتو. لا أحد يعرف على وجه اليقين توجه كل شخص أو من سيدعمه». ومضت تقول: «الجميع في وضع من يريد المعرفة». وفي بلد كانت الأحزاب السياسية فيه محظورة لسنوات طويلة تكون مثل هذه المساومات التي تعقب الانتخابات عملية تعلم.

ويمكن لجبريل الذي لم يخض الانتخابات بنفسه أن يعول على عدد كبير من المستقلين إضافة إلى وزير النفط السابق علي الترهوني الذي حصل حزبه التيار الوطني الوسطي على مقعدين في الانتخابات.

ودعا جبريل، 60 عاما، الذي درس في الولايات المتحدة لتشكيل حكومة ائتلافية موسعة لإعادة بناء البلاد بعد حرب العام الماضي التي أنهت ديكتاتورية القذافي التي استمرت 42 عاما.

وقال الترهوني إن تشكيل أغلبية سيكون سهلا لكن التوصل إلى إجماع تام سيكون تحديا أكبر. وأضاف أن هذه المرحلة هي مرحلة إعادة بناء البلد وهو ما يتطلب إجماعا.

لكن حزب الإخوان المسلمين يعتقد أيضا أن بوسعه تعزيز نفوذه بمقاعده السبعة عشر من خلال المستقلين. وقال زعيم حزب العدالة والبناء محمد صوان إن 19 مستقلا يتحالفون مع الحزب.

وأخفق حزب الوطن الذي يقوده زعيم الميليشيا الإسلامي السابق عبد الحكيم بلحاج في الفوز بأي مقعد من المقاعد المخصصة للأحزاب.

وقال الأمين العام لحزب الوطن محمد غويلة إنه لا أغلبية لأي جانب وهذا يعني أن السلطة لن تكون في يد جانب واحد بمفرده. وأضاف أن حزب الوطن له 5 مقاعد من المستقلين وله اتصالات أيضا مع مستقلين آخرين.

ويظل السؤال قائما بشأن ما إذا كان حزب العدالة والبناء سيستجيب لدعوة جبريل إلى تشكيل حكومة ائتلافية أم سيجعل من نفسه كتلة المعارضة الرئيسية في انتظار تحقيق مكاسب في الانتخابات القادمة.

وتتزايد التكهنات بأن بعض المستقلين الذين لا يثقون في الجانبين يسعون لتشكيل ائتلاف خاص بهم. وقال عبد القادر حويلي وهو مستقل من مدينة سبها الجنوبية إن الأحزاب تتصل بكثير من المستقلين لكن هناك خطة من جانب بعض المستقلين لتشكيل كتلة.

وقال مستقل آخر يدعى صالح بشير الجودة من بنغازي إنه يأمل أن يصبح المستقلون صمام الأمان أو القوة الثالثة التي تحقق التوازن لا أن تثير الانقسام في المؤتمر الوطني حتى قبل أن يبدأ عمله. وقالت ماجوير إنه إذا تشكلت 3 كتل فإن ذلك سيجعل على الأرجح صناعة القرار أكثر صعوبة.

وأضافت قائلة: «ستتعلق القضايا الأساسية بالدستور ومشاركة مسؤولي النظام السابق في الشؤون العامة وكيفية حماية مبادئ الثورة. من خلال هذه القرارات ستظهر خطوط المعركة السياسية على المدى الطويل».

وقال المحامي عبد الحافظ الدايخ، وهو مستقل من البيضاء، إنه عند اتخاذ أي قرار الأمر واضح له فسيقف مع من لديه برنامج جيد لمصلحة ليبيا.