أكثر من 121 مليون ريال وآلاف الأطنان من المواد العينية.. حصيلة الحملة في يومين

الحملة تدخل يومها الثالث.. والسعوديون والمقيمون بالمملكة يسارعون في الخيرات

طفلة سعودية بالعاصمة الرياض تضع حصيلة ما جمعته في صندوق التبرعات دعما لأشقائها في سوريا (تصوير: عبد العزيز النومان)
TT

بدءا من اليوم تكون «الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا» دخلت يومها الثالث وقد وصل مجموع التبرعات النقدية حتى كتابة هذا التقرير إلى 121.771.811 مليون ريال، إضافة إلى التبرعات العينية من مواد غذائية وطبية وأدوية وملابس وخيام وبطانيات وأغطية ومجوهرات. وشهدت كل مناطق المملكة العربية السعودية، منذ مساء أول من أمس الاثنين تدفق جموع المواطنين والمقيمين إلى أماكن استقبال التبرعات، فيما تستمر الحملة التي جاءت استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإقامتها نصرة للشعب السوري، في كل مناطق المملكة ولمدة خمسة أيام بدءا من مساء الاثنين وحتى الساعة الثالثة من فجر بعد غد الجمعة، وذلك بإشراف مباشر من الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية.

وكان خادم الحرمين الشريفين قد دعم الحملة بتبرع سخي قدره 20 مليون ريال، فيما قدم الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع تبرعا سخيا قدره عشرة ملايين ريال، بينما توالت التبرعات من المؤسسات والشركات والمواطنين والمقيمين في جميع مناطق ومحافظات المملكة استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين لنصرة الأشقاء في سوريا.

ورغم أن الحملة أتاحت التبرع عن طريق الهواتف أو أجهزة الصراف الآلي وطرق أخرى متعددة، فإن عددا واسعا من الجمهور، فضل الحضور بنفسه إلى مقار اللجان المخصصة لاستقبال التبرعات. ورصدت «الشرق الأوسط» حضور المتبرعين إلى الحملة في مقرها الرئيسي؛ إذ شارك الشبان والأطفال والعجائز في الحملة، وشهدت مشاركة من ذوي احتياجات خاصة، ومعاقين آخرين. كما شارك كبار السن في التبرع وإحضار عائلاتهم.

وقال سهيل المرزوقي لـ«الشرق الأوسط»، وهو سعودي مسن: «أحضرت زوجتي وابنتي وأحفادي، لأن المسلمين كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وهذا ما أريدهم أن يتعلموه، وهو ما تعلمناه في حياتنا على هذه الأرض المباركة، بأننا كالجسد الواحد، نعمل ونمضي قدما في مساعدة المحتاج، وإن لم يكن بالمادة والمال، فبقدر المستطاع».

وأطلق شاب مقيم سؤالا بالقرب من مقر الحملة الرئيسي في الرياض بالقول: «لماذا يتبرع السعوديين بهذا الحجم لسوريا؟». السؤال أطلقه محمد يوسف أحمد، وهو بقال يعمل في الرياض قدم منذ عشرة أعوام من باكستان، قاله بعد رؤيته توافد الجموع إلى استاد الأمير فيصل بن فهد بالملز وسط العاصمة.. «عندما رأيت المشهد، توقعت أنه بإمكاني التوجه إلى الملعب والحصول على المال أو المساعدة، بيد أني تفاجأت بأن الازدحام كان للمنح وليس للأخذ». مضيفا: «لا أعرف تماما كيف أستطيع وصف المجتمع السعودي، لأول مرة في حياتي أجد فقيرا يتبرع في السعودية، أخرجت مبلغا بسيطا من جيبي وذهبت للتبرع، أشكر هذه البلاد ومن يقوم بإدارتها من القادة، نحن المسلمون لم نر مثل هذا التعاضد من قبل».

تساؤلات الشاب أجاب عنها تنوع الوجوه والأشكال التي وجدت بمقر الحملة التي استقبلت شيوخا يعانون من آلام في المفاصل، ونساء ضربن قارعة الطريق من أماكن مختلفة للقدوم إلى التبرع والمشاركة في «الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا».

لكن ذلك لا ينفي أن الشعب السوري يعتبر ملتحما بشكل دقيق في تفاصيل المجتمع السعودي، ولا يمكن أن تكون اللهجة أو الموروث السوري الكامل بعيدا عن متناول السعوديين أو عن أذهانهم، كما يقول فؤاد السليم وهو معلم لغة عربية متزوج من سوريا. يقول السليم: «كثير من السعوديين متصاهرون مع السوريين، ويلعب السوريون دورا في حياة السعوديين يتمثل بمشاركتهم الحياة، خصوصا في التعليم، والصحة، وأنشطة المواد الغذائية». مضيفا أنه تبرع بمردود ورشة للحدادة لمدة شهرين للشعب السوري. يضيف السليم: «هناك عدد واسع من السوريين يعملون في قطاعات الحاسب الآلي، والتصميم أيضا».

ولا تقتصر المساعدات التي توجهها السعودية على سوريا فحسب؛ إذ دأبت المملكة منذ نشأتها أيام الراحل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وحتى اليوم، تقف جنبا إلى جنب، مع كل الدول الإسلامية التي يطالها أي عارض، بشريا كان أم طبيعيا، بل إن السعودية وقفت إلى جانب بعض الدول غير الإسلامية، من باب المساعدات الإنسانية، التي مخرت إليها السفن على مدار السنين عباب البحر، وعبرت طائراتها قارات العالم محملة بالمساعدات الغذائية والدوائية.

من جانبه، أكد الدكتور توفيق السديري وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون المساجد والدعوة، أن الملك عبد الله اعتاد دعم القضايا العربية والإسلامية، وأنه يقف دوما مع الأشقاء وقت الأزمات، فيما أشاد مبارك بن سعيد البكر المدير التنفيذي للحملة بالتجاوب الكبير من الأمراء والمسؤولين ورجال الأعمال وأبناء الشعب السعودي بكل فئاته العمرية والاقتصادية مع فعاليات الحملة.

وفي محافظة جدة، انطلقت مساء أول من أمس حملة التبرعات بعد أن وجه الأمير مشعل بن ماجد بن عبد العزيز محافظ جدة بأن يخصص مكان لجمع التبرعات للحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا، حيث تفاعل عدد من المواطنين والمقيمين بجمع التبرعات لنصرة الأشقاء في سوريا، وذلك بحضور محمد الوافي وكيل محافظ جدة وعدد من أعضاء لجنة جمع التبرعات من منسوبي وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة الإعلام في مقر الاستاد الرياضي التابع لإدارة التربية والتعليم بشمال المحافظة.

من جانبها، شددت اللجان المشرفة على جمع التبرعات على عدم تسلمها التبرعات العينية إلا بعد التأكد من جودتها، حيث اشترطت أن لا يقل تاريخ انتهاء صلاحية كل المواد الغذائية والعينية عن 9 أشهر، وكذالك الأدوية، إضافة إلى استقبال الملابس الجديدة فقط دون المستخدمة كي تكون التبرعات في أكمل وجه ممكن.