الشارع المصري محبط بسبب الجمود في الوضع السياسي

طفح به الكيل من استمرار الأزمات والإحباطات

TT

يختصر التعبير العسكري «محلك سر»، حالة من الضجر والإحباط يعيشها حاليا الشارع المصري، خاصة بعد أن أصبح يراوح في مكانه، لا يملك القدرة على التقدم للأمام أو التقهقر للخلف، وكل يوم تتكاثر على كاهله الأزمات والمشكلات.

فمع مشاعر التفاؤل التي سيطرت على المصريين تجاه استقرار بلادهم في عهدها الجديدة، ومع حلمهم بنفض حالة الفوضى والسير إلى الأمام، فجأة وجدوا أنفسهم يسيرون في المكان ذاته من دون تقدم.

ولم يستطع شهر رمضان المبارك، بأجوائه ونفحاته الروحانية أن يخفف من مشاعر الإحباط هذه، التي يبدو أن حائط الأمل، الذي يراهن عليه كثيرون بشعار «اللي جاي أحلى»، لن يفلت من الاصطدام بهذا المشاعر المحبطة، خاصة في رحلة المائة يوم الأولى من حكم الرئيس محمد مرسي.

ويعيش الشارع المصري أزمات «مزمنة» تتمثل في توفير رغيف الخبز والوقود وأسطوانات الغاز وأكوام القمامة المتراكمة، وأخرى «طارئة»؛ كان أبرزها أزمة انقطاع الكهرباء لفترات طويلة وصلت للساعات في العاصمة القاهرة والمحافظات في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب البلاد، وأيضا أزمة انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدد قد تصل إلى أيام متتالية.

ثم كانت أزمة أخرى مع حوادث الاعتداءات على المستشفيات في مختلف المحافظات، وتحديدا أقسام الطوارئ بها، من جانب البلطجية وبعض أهالي المرضى، حيث يدفع نقص الإمكانات فيها المتمثل في قلة المستلزمات الطبية وأجهزة الأشعة وأسرة العناية المركزة، إلى إثارة غضب المواطنين ويدفعهم للتهجم على أطقم الأطباء والتمريض، مما جعل الأطباء يهددون ببدء إضراب عام عن العمل إذا لم تحل هذه المشكلة، وإعلان نقابة الأطباء أنها بصدد وقف الخدمة الصحية في المستشفيات غير المؤمنة وإغلاق أقسام الاستقبال فيها بشكل نهائي.

وفي جانب آخر من الشارع، تسير مشاهد الإضرابات العمالية ومظاهرات أصحاب المطالب الفئوية في جميع القطاعات، جنبا إلى جنب مع مشاهد قطع الطرق والسكك الحديدية، التي يعتبرها كثيرون نتاجا طبيعيا لمعاناة الماضي وامتدادا للمشاهد نفسها التي كانت في السنوات الأخيرة من عمر النظام السابق، والأيام التي تلت ثورة «25 يناير (كانون الثاني)»، بما يعني أنه لا شيء يتغير.

وأمام هذه الأزمات والمشكلات، يعيش المواطنون وقع هذه الأزمات بمشاعر متباينة، باحثين عن الحلول الغائبة، ويترقبون ما سوف يتحقق من وعود انتخابية قطعها الرئيس مرسي على نفسه خلال الـ100 يوم الأولى له في سدة الحكم التي يراها كثيرون تمر بهدوء من دون شعور بتحقيق أي إنجاز.

بغضب يقول الستيني ماهر عبد الله: «ما هذا الذي يحدث في مصر؟، أين الكفاءات والأفكار الجديدة والمقترحات الخلاقة التي تخرجنا مما نحن فيه من أزمات متكررة». ويتابع: «للأسف طفح بنا الكيل، فلا نرى شيئا ينفذ، والتعامل مع المشكلات يتم في تقليدية ولا مبالاة، بعيدا عن أية مقومات علمية لإدارة الأزمات».

وبنبرة إحباط قالها يسري رشوان الموظف الثلاثيني: «مصر تغرق في مستنقع»، وتابع رشوان بحدة: «البلد تسير من دون حكومة، فوزارة الدكتور كمال الجنزوري قدمت استقالتها منذ أكثر من شهر وأسبوع، فلا يصح إلقاء اللوم عليها في الأزمات التي نعيشها، والحكومة الجديدة التي اختير لرئاستها الدكتور هشام قنديل أمس أمامها وقت كي يتم تشكيلها ثم ممارسة مهامها، والمواطن يغرق في مستنقع مشكلات أحدثها انقطاع الكهرباء والمياه».

وبلغتها الريفية، تلخص بائعة الخبز الحاجة «سعدية» مشاعر الإحباط لدى كثير من المصريين، مرددة المثل الشعبي الشهير: «عشمتني بالحلق خرمت أنا وداني.. لا شوفت أنا الحلق ولا سِلمت وداني».