الجيش الإسرائيلي على خلاف مع الحكومة حول الحرب القادمة

رئيس أركانه يحذر من حرب تشمل دولا أخرى

ليبرمان يأخذ مقعده في اجتماع الشراكة الأوروبية الإسرائيلية في بروكسل الليلة قبل الماضية (إ.ب.أ)
TT

بعد عدة أيام من إطلاق التصريحات والتهديدات لسوريا من طرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونوابه، بالقول إن الجيش الإسرائيلي سيمنع حزب الله بالقوة من الحصول على صواريخ سورية تحمل رؤوسا كيماوية، كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، عن خلاف علني مع الحكومة. فقال إن قصف شاحنات في سوريا سيجر إلى حرب قد تتسع لتشمل دولا أخرى في المنطقة. وأكد أن الأسلحة الكيماوية الموجودة في سوريا ما زالت خاضعة للسيطرة الكاملة لقوات النظام، ولا خطر عليها. ولذلك، فلا حاجة للحديث عنها كمشكلة.

وكان غانتس يتحدث أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس، فتطرق إلى الأسلحة الكيماوية في سوريا ومصير هذه الأسلحة في حال سقوط نظام بشار الأسد. فقال إن الخطر قائم وإن الجيش الإسرائيلي مستعد لمنع انتقال هذه الأسلحة إلى حزب الله في جنوب لبنان. ولكنه حذر من أن مثل هذه العملية قد تؤدي للانجرار إلى حرب مع سوريا. وأضاف: «أنت تريد أن تعمل بشكل عيني، ولكن هناك احتمالا لأن تستصعب العثور على النقطة العينية. فتضطر إلى العمل بشكل موسع. وحتى في هذا الوضع، تبقى هناك أسلحة كيماوية تفلت من يديك وتذهب إلى أيد أخرى. وكل هذا ينذر بخطر توسيع رقعة العمل والانجرار إلى حرب».

وكان نتنياهو قد صرح أول من أمس بأنه لا يخرج من حساباته الاضطرار إلى استخدام القوة لمنع انتقال صواريخ كيماوية من سوريا إلى حزب الله. وأضاف: «واضح أن نظام بشار الأسد آيل إلى السقوط وهناك فوضى عارمة في سوريا وفي هذه الحالة يوجد خطر في سيطرة حزب الله وغيره من القوى على الأسلحة الكيماوية. وإسرائيل لن تسمح بذلك».

وصرح نائبه، وزير الدفاع إيهود باراك، بأن هناك خطرا في أن يحاول حزب الله السيطرة على أسلحة سوريا ثقيلة مثل الدبابات والصواريخ المضادة للطائرات، وبأن سوريا تعتبر صاحبة أكبر مخزون في العالم من الأسلحة الكيماوية، وقد يحاولون السيطرة عليها أيضا. وقال إن إسرائيل لن تسمح بذلك، وتستخدم كل قوتها لمنع وضع كهذا.

وتكلم بالروح نفسها نائب رئيس الوزراء، موشيه يعلون، ووزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان. ثم راحت وسائل الإعلام تكشف عن انتشار الجيش على الحدود مع سوريا وتدرب على قصف الشاحنات التي تقل الأسلحة إلى لبنان. وكشف النقاب عن خطة عسكرية يجرى التدرب عليها، تأخذ بالاعتبار أن بالإمكان نقل الأسلحة الكيماوية في غضون ساعتين فقط من سوريا إلى لبنان، وضرورة اتخاذ القرار وتنفيذه قبل أن تصل الأسلحة إلى أيدي حزب الله.

وزاد الخطر أكثر، عندما كشف عن أن قوات من الجيش النظامي السوري دخلت إلى المنطقة الحرام في منطقة خط وقف إطلاق النار بين البلدين، وهي منطقة خاضعة لسيطرة لقوات الطوارئ الدولية العاملة في هضبة الجولان السورية المحتلة. فحذر وزير الدفاع باراك من أن هذا تطور حربي من الطرف السوري.

وبدت إسرائيل في ظل أجواء حربية بسبب هذه التصريحات. ويبدو أن قادة الجيش الإسرائيلي قرروا تنفيذ تصريحات العربدة الحربية الإسرائيلية ووضع القادة السياسيين في أماكنهم. فخرج مدير الدائرة العسكرية السياسية في وزارة الدفاع، الجنرال عاموس جلعاد، بتصريح للإذاعة الإسرائيلية، أمس، يقول فيه إن الأسلحة الكيماوية السورية في أمان. ثم تبعه غانتس بالتحذير الصريح من الانجرار نحو الحرب. وقد رأت الصحافة الإسرائيلية هذا الاختلاف العلني في وجهات النظر ما بين الجيش والحكومة على أنه «دليل خدش كبير في الثقة بين الطرفين»، كما قالت «يديعوت أحرونوت»، أمس.

من جهتها، قالت مصادر سياسية لصحيفة «هآرتس»، إن موقف الجيش قريب من موقف الإدارة الأميركية والقيادات الأوروبية، مما هو قريب من موقف الحكومة الإسرائيلية. واعتبرت الخلاف مشكلة كبرى. ودعت إلى تسويتها بسرعة، حتى لا يصبح الخلاف موضوع بحث في الصحافة العالمية.

تجدر الإشارة إلى أن النائب السابق لرئيس الحكومة، شاؤول موفاز، تحدث صراحة، أمس، عن نية نتنياهو الإقدام على خطوة حربية مغامرة. وقال إنه عارض هذه المغامرة وإن معارضته هذه أغضبت نتنياهو فافتعل الأزمة الائتلافية التي أدت إلى انسحاب حزب كديما من الحكومة. وقد دحض نتنياهو هذا الاتهام أمس.

من جهة ثانية، كشف ليبرمان، النقاب عن أن إسرائيل عرضت على المعارضة السورية مساعدات لها في حربها ضد نظام بشار الأسد، لكن المعارضة رفضت هذه العروض. وقال ليبرمان خلال لقاء مع عدد من الصحافيين الأتراك، هو الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة بين تركيا وإسرائيل على أثر قيام القوات الإسرائيلية بقتل تسعة مواطنين أتراك كانوا على متن سفينة «مرمرة» في أسطول الحرية لرفع الحصار عن قطاع غزة، قبل عامين، إن إسرائيل تتابع ما يجري في سوريا عن كثب.

وأشار الموقع في هذا السياق، إلى أن ليبرمان أبلغ الصحافيين الأتراك الذين التقاهم في مكتبه في القدس، بأن إسرائيل لن تعتذر لتركيا عن عملية اقتحام أسطول الحرية، مدعيا في الوقت ذاته أن إسرائيل معنية بحل الخلافات القائمة بينها وبين تركيا. وقال ليبرمان: «نحن على استعداد لمناقشة ليس فقط موضوع أسطول الحرية وإنما أيضا الملف الإيراني، والوضع في قطاع غزة وأيضا ملف حماس، لكننا لسنا مستعدين لمناقشة طرق دفاعنا عن مواطنينا».