تركيا تقفل معابرها مع سوريا في وجه مواطنيها

مع اقتراب المعارك من حلب والمناطق الحدودية وزيادة تدفق اللاجئين

TT

أعادت التطورات الأخيرة في سوريا «الحرارة» إلى الأداء التركي الذي اتسم أخيرا ببعض البرود حيال الأزمة الناشبة في جارته الجنوبية منذ مارس (آذار) 2011. وتجلت هذه الحرارة في مواصلة القوات التركية استقدام تعزيزات إلى المنطقة الحدودية، بالتزامن مع حديث غير رسمي عن إمكانية قيام تركيا بإنشاء المنطقة العازلة في منطقة حدودية سورية بالقرب من محافظة هاتاي التركية، خصوصا بعض التطورات الأخيرة في حلب، مع تسارع المؤشرات على الدعم السوري لمنظمة حزب العمال الكردستاني المحظورة، في ظل كلام عن أن اتفاق أضنة الموقع بين تركيا وسوريا عام 1998 يسمح لتركيا بالتدخل العسكري في أراضي جارتها الشمالية «لحفظ أمنها الوطني».

وفي حين تحافظ تركيا على خطابها الرسمي القائل بأنها قد تلجأ إلى التفكير في مثل هذه الخطوة في حال حصل تدفق هائل من النازحين إليها جراء المعارك المستمرة في سوريا، فإن أكاديميين وباحثين أتراكا لم يستبعدوا قيام بلادهم بمثل هذه الخطوة في نهاية المطاف، خصوصا إذا ما وسعت المعارضة السورية من سيطرتها في حلب التي قد تتحول إلى «بنغازي ثانية»، في إشارة إلى مدينة بنغازي التي خرجت عن طوع النظام الليبي السابق وكانت منطلقا لإسقاطه.

وبالتزامن مع التطورات الأخيرة في حلب، القريبة جدا إلى الحدود مع تركيا، ترأس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «قمة سوريا» مع كبار المسؤولين في الحكومة والقوى الأمنية. وحضر الاجتماع نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي، ورئيس هيئة الأركان العامة الجنرال نجدت أوزيل، ووزير الداخلية إدريس نعيم شاهين، ووزير الدفاع عصمت يلماز، وقائد الدرك الفريق أول بكر كاليونغو، ومدير الاستخبارات هاكان فيدان. وقالت مصادر في رئاسة مجلس الوزراء إن المسؤولين الحكوميين ناقشوا القضايا الأمنية في البلاد والدول المجاورة. وأضاف البيان أن المشاركين في القمة ناقشوا آخر التطورات في سوريا، فضلا عن أنشطة حزب العمال الكردستاني الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) في كل من تركيا والدول المجاورة.

ونقلت صحيفة «زمان» التركية القريبة من الحزب الحاكم في تركيا عن البروفسور إحسان داي، الأستاذ المحاضر في قسم العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية، أن انسحاب قوات الأسد الذي بدأ من المحافظات الشمالية، يزيد من فرص تركيا في تشكيل منطقة أمنية في تلك المناطق، معتبرا أن زيادة عدد اللاجئين لن تؤدي إلا إلى سيناريو إقامة منطقة عازلة أو ممر إنساني لمواجهة الوجود الكردي في المحافظات القريبة من الحدود.

إلى ذلك، أعلن وزير الاقتصاد التركي ظافر جاجلايان، أنه قد تم حظر عبور الشاحنات التركية إلى الأراضي السورية. وقال جاجلايان للصحافيين إنه تقرر إغلاق البوابات الحدودية مع سوريا أمام حركة الشاحنات. وأرجع ذلك إلى وجود مخاوف كبيرة تتعلق بسلامة الشاحنات التركية العابرة من وإلى الأراضي السورية. وأوضح أن حركة النقل من تركيا إلى سوريا تراجعت بنسبة 87 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى مايو (أيار) من العام الحالي عن الفترة نفسها من العام الماضي. وقال إن «عبور حمولاتنا الثقيلة إلى تركيا بات مقفلا»، مؤكدا أن دخول السيارات السورية لشراء الحاجات والعودة إلى بلادها أو عبور الشاحنات القادمة من الخارج سيبقى متاحا. وأكد أن القرار اتخذ «لضمان سلامة سائقي شاحناتنا». ويشمل القرار كل الأتراك الراغبين في دخول سوريا، علما بأن العبور من سوريا إلى تركيا لن يتأثر. وقال مسؤول في وزارة الخارجية «اتخذنا هذا الإجراء لأسباب أمنية من أجل مواطنينا»، مضيفا أن «إعادة فتح (المعابر) تتوقف على التطورات الميدانية». وأوضح المسؤول أن القرار يشمل المواطنين الأتراك. أما الأجانب الراغبون في العبور فسيترتب عليهم توقيع وثيقة تبلغهم بالمخاطر التي يواجهونها.

وكان وزير الجمارك والتجارة التركي حياتي يازجي أعلن أن المعابر الـ13 على الحدود الممتدة بين تركيا وسوريا لمسافة 911 كيلومترا ستغلق أمام حركة الشاحنات بعد تعرض العشرات من الشاحنات التركية للنهب أو إشعال النيران فيها خلال الاشتباكات التي دارت بين القوات النظامية السورية والمسلحين المعارضين الأسبوع الماضي عند معبر باب الهوى.

وقالت سيبيلا ويلكس، المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن السلطات التركية أبلغت المفوضية بأن حدودها مع سوريا ستغلق أمام حركة التجارة، لكن ستظل مفتوحة أمام اللاجئين السوريين الفارين من الصراع في بلادهم. وذكرت أن نحو 300 سوري عبروا إلى تركيا خلال الليل، وأن بعضهم عبروا من نقاط عبور غير رسمية.