غانا «النموذج الديمقراطي» في أفريقيا تودع رئيسها وتشهد نقلا سلسا للسلطة

وفاة أتا ميلز بشكل مفاجئ.. وأوباما يشيد بإنجازاته وجهوده لتحسين حياة الغانيين

نائب الرئيس ماهاما (جالس، وسط) أثناء أدائه القسم في البرلمان أمس، وفي الإطار صورة للرئيس الراحل ميلز (رويترز) و(أ.ب)
TT

توفي رئيس غانا جون أتا ميلز، الذي نال إشادة دولية لقيادته نموذجا مستقرا للديمقراطية في أفريقيا، بشكل مفاجئ في أحد مستشفيات العاصمة أكرا أول من أمس، وأدى نائبه اليمين القانونية ليحل محله على رأس الدولة المنتجة للنفط والذهب والكاكاو. وكان ميلز قد احتفل بعيد ميلاده الثامن والستين يوم السبت، وجاءت وفاته المفاجئة قبل عدة أشهر من ترشحه المتوقع لتولي فترة رئاسة أخرى في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وقال مكتب الرئيس: «بقلب حزين نعلن وفاة رئيس جمهورية غانا المفاجئة». وأضاف دون الخوض في تفاصيل أن الرئيس البالغ من العمر 68 عاما توفي بعد ساعات قليلة من إصابته بأزمة صحية. وقال مساعد بالرئاسة طلب عدم نشر اسمه إن الرئيس شكا من آلام مساء الاثنين وتوفي قبل ظهر الثلاثاء عندما ساءت حالته. وكان أتا ميلز زار الولايات المتحدة الشهر الماضي لإجراء فحوص طبية روتينية، لكن شائعات تحدثت عن إصابته بسرطان في الحلق.

ووفقا لدستور غانا أدى نائب الرئيس جون دراماني ماهاما (53 عاما) القسم لرئاسة الدولة أمام البرلمان بعد ساعات من إعلان وفاة ميلز. وبعد القسم وعد ماهاما بالحفاظ على استقرار غانا وأشاد بسلفه. وقال: «أريد أن أطمئن الغانيين أن الأمور تسير بشكل طبيعي. سوف نحافظ على السلام وعلى الوحدة والاستقرار، وهو ما اشتهرت به غانا». وسيصبح ماهاما قائما بأعمال الرئيس حتى موعد الانتخابات في نهاية العام الحالي.

وأشاد محللون بهذا الإجراء باعتباره علامة على أن المؤسسات السياسية في البلاد قوية وتعمل بسلاسة. وقالت راضية خان رئيسة بحوث أفريقيا في ستاندارد تشارترد: «مع شهرة غانا بالاستقرار وقد شهدت انتقالا سلميا مرتين في الحكم بعد انتخابات 2000 و2008 فإن قوة مؤسسات غانا ستشهد على الأرجح بأن البلاد في وضع جيد».

وفي واشنطن أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بأتا ميلز مؤكدا أنه «عزز الديمقراطية» في غانا. وقال أوباما في بيان: «بُلّغت بأسف كبير بوفاة الرئيس جون ايفانس أتا ميلز». وأضاف: «سوف أتذكر دائما رحلتي إلى غانا عام 2009 والضيافة التي خصني بها الرئيس ميلز والغانيون». كان أوباما قد اختار غانا التي تضم 25 مليون نسمة ليقوم في 2009 بأول زيارة لرئيس أميركي إلى دولة في أفريقيا جنوب الصحراء. وكانت تلك الزيارة الوحيدة إلى أفريقيا للرئيس أوباما المولود لأم أميركية وأب كيني. واعتبر أوباما في بيان نعي الرئيس الراحل أن «الرئيس ميلز عمل بلا هوادة من أجل تحسين حياة الغانيين. لقد ساعد على دفع النمو الاقتصادي في غانا وعزز التقليد الديمقراطي» في هذا البلد.

وكان الحزب الحاكم في غانا رشح العام الماضي أتا ميلز لخوض الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية من أربع سنوات. وانتخب أتا ميلز في نهاية 2008 بعد فوزه على خصمه نانا اكوفو ادو مرشح حزب الرئيس المنتهية ولايته جون كوفور بفارق أقل من واحد في المائة. وترأس كوفورو البلاد لولايتين مدة كل منها أربع سنوات وفق الدستور. ولم يسعَ إلى تمديد ولايته بعد ذلك. وفي أول انتخابات تمهيدية يترشح فيها رئيس منتهية ولايته في البلاد، تقدم على منافسته نانا كونادو اجييمانغ رولينغز وحصل على 97% من الأصوات. ومنافسته هي زوجة الرئيس الأسبق جيري رولينغز الذي كان راعيه ورجل غانا القوي، وقد استفاد من انقلابين وقعا في 1979 و1981 قبل انتخابه رئيسا من 1993 إلى 2001.

وكان أتا ميلز درس في بريطانيا ثم اشتغل بتدريس الحقوق في الجامعة لمدة 25 عاما في بلده. وتنتج غانا نفطا من حقل جوبيلي في عرض البحر الذي كان من أهم الاكتشافات في هذا القطاع في السنوات الأخيرة في خليج غينيا. وتقدر الشركة المستثمرة تولاو قدرة الحقل بمليار برميل. وأثار اكتشاف النفط مخاوف من أن يؤدي إلى مشكلات على غرار ما عرفته جارتها نيجيريا أول منتج للنفط في أفريقيا من فساد وإدارة سيئة للاقتصاد، حيث أهملت القطاعات الأخرى. وكان رولينغز وزوجته اتهما قبل الانتخابات أتا ميلز بأنه لم يلاحق مسؤولين في الإدارة السابقة يشتبه في تورطهم في الفساد.