تونس: مطالبة الرئيس المرزوقي بالاستقالة جراء اتهام مستشار له الجيش بـ«الخيانة»

الشرطة تستخدم قنابل مسيلة للدموع لتفريق عمال حاولوا اقتحام مقر ولاية سيدي بوزيد

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي (أ.ب)
TT

بينما أعلنت مؤسسة الرئاسة التونسية بدء الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، زيارة مدتها ثلاثة أيام إلى المدينة الأولمبية بلندن، دعا نائب تونسي معارض أمس الرئيس المرزوقي إلى الاستقالة بعد أن وجه مستشاره المستقيل أيوب المسعودي اتهامات بـ«الخيانة» إلى المؤسسة العسكرية في تونس.

وفي شريط فيديو مسجل نشره على صفحته الشخصية على «فيس بوك»، قال نعمان الفهري، النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الجمهوري اليساري الوسطي المعارض، مخاطبا المرزوقي: «لما تهجم بعض مستشاريك على المؤسسة العسكرية واتهموها بالخيانة العظمى وأنت رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، لم تتحرك ولم تقل أي كلمة، والسكوت علامة الرضا»، متسائلا: «كيف تريدنا أن نستأمنك على بلادنا وعلى الجيش الوطني؟».

وكان أيوب المسعودي اتهم مؤخرا خلال مقابلة مع تلفزيون «التونسية» الخاص المؤسسة العسكرية بـ«خيانة الدولة» و«خيانة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة».

وقال المسعودي إن وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، والجنرال رشيد عمار قائد أركان الجيوش، كانا على علم بتسليم الحكومة في 24 يونيو (حزيران) الماضي، البغدادي المحمودي، آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، إلى ليبيا، إلا أنهما لم يبلغا الرئيس التونسي الذي كان في ذلك اليوم في زيارة إلى جنوب تونس للاحتفال بعيد الجيش.

وأضاف المسعودي أن المرزوقي تنقل خلال زيارته على متن مروحية عسكرية، وأن الزبيدي وعمار رافقاه خلال كامل الزيارة دون أن يبلغاه بالتسليم، معتبرا ذلك «خيانة للدولة». وكان المسعودي قد قال أيضا بعد أيام من استقالته يوم 28 يونيو الماضي، إن بعض المستشارين لرئاسة الجمهورية من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حليف حركة النهضة، وحزب التكتل في الحكم) يعملون على عزل الرئيس عن الواقع السياسي الذي تمر به البلاد، ويسعون إلى إخفاء الحقائق عنه.

وكشف المسعودي عن عدد من الحقائق التي تخص العمل داخل مؤسسة الرئاسة، من بينها ما تعلق بعملية تسليم المحمودي.

وكانت حكومة الجبالي قد أعلنت في الحين أن قرار التسليم اتفقت حوله كل الأطراف، ولكن موعد التسليم تطلب عمليات أمنية معقدة شاركت فيها المؤسسة العسكرية، وتمت وفق ما تناقلته مصادر مقربة من الجيش التونسي عبر مروحية عسكرية تونسية.

وطالب المسعودي بإقالة عبد الكريم الزبيدي، وزير الدفاع، الذي يخضع في إطار تنظيم السلطات لسلطة رئيس الجمهورية؛ لعلمه بالأمر وعدم رد الخبر إلى رئيسه المباشر.

وخلفت مسألة تسليم البغدادي دون علم المرزوقي تراجعا كبيرا على مستوى مصداقية العمل الرئاسي، واتهمت الأقلية المعارضة المرزوقي بالسكوت في ظل غياب الصلاحيات، ودعته أطراف سياسية إلى تقديم استقالته إذا كانت بقية المؤسسات (رئاسة الحكومة أساسا) لا تمكنه من ممارسة صلاحيات حقيقية.

وفي هذا الشأن، اعتبر بلقاسم حسن، رئيس حزب الثقافة والعمل، أن بعض الأحزاب السياسية التي انهزمت في انتخابات المجلس التأسيسي تحاول العودة إلى الساحة السياسية بإثارة مواضيع جانبية، وافتعال خصومات وهمية. وقال حسن لـ«الشرق الأوسط» إنه من الواجب على قيادات تلك الأحزاب المنهزمة في تلك الانتخابات أن تسارع إلى تقديم استقالتها لا أن تدعو الرئيس المرزوقي إلى الاستقالة، والحال أن البلاد برمتها تمر بمرحلة انتقالية سوف تتغير بالتأكيد بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.

إلى ذلك، قال محمد الصالح الحدري، رئيس حزب العدل والتنمية، وهو عقيد عسكري متقاعد، لـ«الشرق الأوسط»، بشأن علاقة المؤسسة العسكرية برئيس الدولة، إن وزير الدفاع التونسي ورئيس أركان الجيش لا يطالبان من الناحية القانونية بإعلام الرئيس المرزوقي بموعد تسليم البغدادي، فليس من دورهم التدخل في هذا الملف، وعليهم كذلك التكتم عن الأسرار؛ فالعملية كانت قد نفذت في إطار من السرية، والمعلومات واردة من رئاسة الحكومة، ومن الطبيعي أن يكون الرئيس المرزوقي على علم بتفاصيلها.

وتعرف المؤسسة العسكرية التونسية هجوما كاسحا من قبل عدد من الأطراف، وذلك بعد تحويل ملف قضايا شهداء الثورة التونسية إلى القضاء العسكري وتواصل حملة بعض المواقع الإلكترونية على الجنرال عمار. فبعد أن أجمع التونسيون على تثمين دور الجنرال أيام الثورة وتقديمه في «صورة البطل» الذي رفض قتل أبناء تونس الثائرين ضد الظلم والاستبداد، أصبح البعض يصفه بـ«الخائن للوطن والثورة» نتيجة عدم الحسم في ملف «القناصة»، والتلكؤ في محاسبة قتلة شهداء الثورة. كما أن تقرير لجنة تقصي الحقائق حول أحداث الثورة التي يرأسها توفيق بودربالة، أكد أن اللجنة لم تتمكن من الحصول على التسجيلات الهاتفية بين وزارتي الداخلية والدفاع خلال أيام الثورة، مما يعكس سعي الطرفين إلى دفن الحقيقة مع الشهداء، على حد تعبير عائلات شهداء وجرحى الثورة التونسية.

على صعيد آخر، استخدمت الشرطة أمس في مدينة سيدي بوزيد (وسط غرب)، التي انطلقت منها شرارة الثورة التونسية، قنابل الغاز المسيل للدموع، وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريق عشرات من عمال حظائر البناء الذين حاولوا اقتحام مقر الولاية احتجاجا على تأخر الحكومة في صرف رواتبهم، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضرم المحتجون النار في إطار مطاطي وألقوا به داخل مقر ولاية سيدي بوزيد، كما اقتلعوا الباب الرئيسي لمبنى مقر الولاية وقطعوا الطريق المؤدي إليه بالحجارة.

من جهة أخرى، اقتحم محتجون مكتب حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم وأتلفوا بعض محتوياته. وقال نجيب الغربي، الناطق الرسمي باسم النهضة: «هاجم جزء من المتظاهرين بإيعاز من بعض الأطراف الحزبية (التي رفض تسميتها) المكتب، وأتلفوا بعض معداته، ولولا تدخل أعوان الأمن لأحرقوه».