ثوار حلب يصدون جيش الأسد.. والمعارضة تحذر من مجزرة

النظام عزز قواته بـ100 دبابة.. وقصف حي صلاح الدين بالمدفعية > تدهور في الوضع الإنساني ونزوح الآلاف

صورة بثت أمس لسوريين يرددون شعارات مناهضة للنظام خلال تشييع أحد قتلى الانتفاضة في حي السكري بمدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

تدهور الوضع الإنساني في مدينة حلب السورية، أمس، بالتزامن مع إطلاق الجيش السوري النظامي هجومه المضاد لاستعادة الأحياء التي سيطر الثوار على قسم منها، وشهد حي صلاح الدين معارك عنيفة مع بزوغ فجر أمس، حيث اشتعلت النيران في أربعة مبان، في وقت تمركزت فيه عناصر الجيش السوري الحر في الشوارع وبعض الأبنية خلال تصديهم لهجوم الجيش السوري النظامي.

وبينما وُصفت هذه المعركة بـ«أم المعارك» لناحية أهميتها بالنسبة للثورة السورية، وبالنسبة للنظام على حد سواء، حذر نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، من مجزرة ترتكبها القوات النظامية في حي صلاح الدين، مشيرا إلى أن «القصف المتواصل على الحي، بعد فشل الجيش في اقتحامه، ينذر بوقوع مجزرة بحق المدنيين»، مشددا على أن «هذا الحي في خطر، كونه خط الدفاع الأول عن المدينة، وأساس المقاومة فيها».

وأكد الحمود أن الجيش النظامي «أطلق عملياته العسكرية في الخامسة والنصف من فجر أمس، وتصدت له عناصر الجيش الحر، فلم يحقق حتى الساعة السابعة صباحا أي تقدم على محور صلاح الدين»، لافتا إلى أن الجيش النظامي «استعاض عن التوغل، بقصف الحي من كلية المدفعية القريبة منه بقذائف مدفعية من عيار 122 و130 ملم». بينما أفاد قائد المجلس العسكري للمعارضين في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي بأن نحو 100 دبابة تحتشد خارج حي صلاح الدين.

في هذا الإطار، أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى «اشتباكات هي الأعنف منذ بدء الثورة دارت في أحياء عدة في المدينة»، لافتا إلى وصول «تعزيزات عسكرية نظامية إلى حي صلاح الدين الذي يضم العدد الأكبر من المقاتلين المعارضين في حلب».

وقال عبد الرحمن في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية «إن حي صلاح الدين يتعرّض للقصف، وتدور اشتباكات عنيفة على مداخله بين مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة والقوات النظامية التي تحاول اقتحام الحي الذي يسيطر عليه الثوار»، متحدثا عن «سقوط قذائف واشتباكات في حي السكري الذي يشهد حالة نزوح في صفوف الأهالي بعد سقوط قذائف». وأشار إلى اشتباكات عنيفة في منطقة الحمدانية صباح أمس استمرت لنحو ساعتين بين الثوار وعناصر قافلة عسكرية متجهة إلى حي صلاح الدين. وتابع عبد الرحمن «كما شوهدت الدبابات في حي سيف الدولة، وتدور اشتباكات على مداخل حي الصاخور وعدة أحياء أخرى في المدينة». وأعلنت لجان التنسيق المحلية أن الحصيلة الأولية لضحايا حلب أمس، بلغت «20 شهيدا حتى الساعة الثانية ظهرا».

من جهة ثانية، أكد ناشطون لـ«الشرق الأوسط» أن القوات النظامية «قامت بقصف الطريق بين صلاح الدين وشارع الحمدانية بالمدفعية وبرشاشات المروحيات الهجومية، منذ الصباح الباكر». وأوضح الناشطون أن المعارك «اشتعلت منذ الصباح على المحور الجنوبي في المدينة، كون هذه المنطقة تضم أربع معاهد عسكرية وقواعد وثكنات عسكرية، بالإضافة إلى أكاديمية الأسد».

وفي حين أكد الناشطون أن القوات النظامية، حتى بعد ظهر أمس، لم تستطع أن تقتحم الأحياء الثائرة، قال عضو لجان التنسيق المحلية في مدينة حلب ماجد عبد النور إن الجيش النظامي «اعتمد على المدفعية والقصف العنيف تمهيدا لاقتحام المدينة». وتزامن هذا الواقع مع ما أعلنته لجان التنسيق المحلية في سوريا من أن القصف المدفعي هو «محاولة لإخراج مقاتلي الجيش السوري الحر الموجودين داخل حلب من معاقلهم ولمنع رفاقهم خارج المدينة من إعادة تزويدهم بالإمدادات».

وشهدت تلك الأحياء قصفا عنيفا أمس، بالتزامن مع محاولة اقتحامها. وتحدثت لجان التنسيق المحلية عن معارك في محيط صلاح الدين، مشيرة إلى «سقوط قذائف واشتباكات في حي السكري الذي يشهد حالة نزوح في صفوف الأهالي بعد سقوط قذائف»، بالإضافة إلى «اشتباكات عنيفة في منطقة الحمدانية صباح أمس استمرت نحو ساعتين بين الثوار وعناصر قافلة عسكرية متوجهة إلى حي صلاح الدين». كما أفادت اللجان «بمشاهدة دبابات في حي سيف الدولة، ووجود اشتباكات دارت على مداخل حي الصاخور وأحياء عدة أخرى في المدينة، فيما تعرض حي سليمان الحلبي لقصف عنيف تسبب في مقتل أحمد يوسف الجانودي، ومحمد نور الدين عبد السلام سلوم، وعدي طه حاج خليل، وعبد الباسط أبو الليل».

وبث ناشطون صورا تظهر طائرات مقاتلة قالوا إنها في طريقها لقصف حلب. وذكرت لجان التنسيق المحلية في حلب أن سماء الأحياء الغربية في المدينة شهدت «تحليقا للطيران الحربي من طراز (ميغ 21)»، كما شوهدت «حشود عسكرية في مدرسة المدفعية بعد ظهر أمس، تمهيدا لشن حملة عسكرية على المدينة».

إلى ذلك، أعلن المركز الإعلامي أن الجيش الحر دمر عددا من دبابات قوات النظام أثناء محاولة اقتحامه. وأكد العقيد الحمود لـ«الشرق الأوسط» أن القوات النظامية «حاولت اقتحام الشوارع بعربات (بي إم بي) وسيارات الدفع الرباعي، لأن الدبابات لا تدخل الأحياء الضيقة، لكنها فشلت بفعل المقاومة الشرسة التي أبداها عناصر الجيش الحر»، مشددا على أن القوات النظامية «لا تستطيع اقتحام الأحياء إلا بعد تدميرها بالقصف العنيف، وهو ما يؤدي إلى قتل المدنيين». وقال الحمود «إننا ننتهج سياسة نصب الكمائن التي تلحق بالقوات المهاجمة خسائر كبيرة»، مؤكدا «إننا متفوقون على الأرض، وقادرون على الصمود ما دامت لم تنفد ذخيرتنا»، لافتا إلى أن «الصمود يتوقف على قدرة الإمداد».

وبينما ذكر شهود أن الجيش النظامي عزز وجوده العسكري في حلب باستقدام مدرعات 100 دبابة استعدادا للمعركة، قال الحمود إن الجيش النظامي «يعاني صعوبة في نقل قواته ومدرعاته إلى مدينة حلب التي لم يحشد فيها مدرعات قبل المعركة الأخيرة»، لافتا إلى أن القوات النظامية «تنقل أرتالها من جبل الزاوية ببطء، حيث لم تستطع أن تحشد خلال أربعة أيام ما قوامه لواء كامل».

من ناحية أخرى، شهدت الأحياء التي تدور فيها المعارك حركة نزوح كثيفة. وقال ناشطون من حلب لـ«الشرق الأوسط» إن النازحين «يخلون أحياء حلب المتاخمة لحي صلاح الدين، ويتوجهون إلى مدن الشرق السوري ومنطقة جبل الزاوية المحررة في ريف إدلب، وبعضهم يتوجه إلى مخيمات النازحين في تركيا».

كذلك تصدى مقاتلو الجيش السوري الحر لهجوم شنته القوات النظامية على حي الحمدانية حيث كان يوجد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وعلى الطريق شوهدت ثلاث دبابات وآليتان مدرعتان للقوات النظامية وقد دمرها مقاتلون معارضون، بالإضافة إلى جثث خمسة أو ستة مقاتلين من القوات النظامية، مقابل أربعة من المقاتلين المعارضين.

وفي أحد الأحياء جنوب غربي مدينة حلب، أظهر شريط فيديو بثه ناشطون على الإنترنت مقاتلين معارضين وقد ثبتوا مدفعا رشاشا على شاحنة صغيرة حمراء اللون رشت على جانبها عبارة «لواء التوحيد المجاهدين»، حيث كانوا يطلقون النيران بشكل كثيف باتجاه الطائرات المروحية، وسط صيحات تكبير أطلقها مقاتلون محتشدون إلى جنب الطريق. وفي فيديو آخر، تظهر بناية تحترق وتسمع أصوات إطلاق نار بالتزامن مع سماع صوت المؤذن يتلو آيات قرآنية من جامع قريب.

وأفادت معلومات بأن المعارضين لم يشنوا أي هجوم كبير منذ يومين بهدف الإبقاء على ذخائرهم من القذائف المضادة للدروع (آر بي جي). وقال ناشط إن المدينة تعاني انقطاع المياه والكهرباء، بينما يواجه الذين بقوا فيها صعوبات كبيرة في الحصول على الخبز. وأفاد عامر، وهو متحدث باسم ناشطين في حلب، عبر «سكايب» بأن «آلاف الناس خرجوا إلى الشوارع هربا من القصف، وهم في حالة ذعر من قصف المروحيات التي كانت تحلق على علو منخفض». ولفت إلى أن «عددا كبيرا من المدنيين لجأوا إلى الحدائق العامة، ومعظمهم احتموا في المدارس»، موضحا أن هؤلاء «لا يمكنهم مغادرة المنطقة، كما أنه لا مكان آمنا تبقى لهم في سوريا».

وفي هذا السياق، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأجهزة الأمنية المختصة اشتبكت السبت مع «مجموعة إرهابية مسلحة تستقل سيارة نوع (كيا) وتقوم بترويع الأهالي وإطلاق النار في حي الفرقان بحلب». وفي حي سليمان الحلبي في المدينة، وبعد تلقي معلومات من الأهالي، نصبت الجهات المختصة كمينا لمجموعة إرهابية مسلحة تستقل سيارة «لاند كروز» لونها بني، بحسب «سانا». وأفاد المصدر بأن الاشتباك «أدى إلى القضاء على الإرهابيين ومصادرة أسلحتهم وتدمير السيارة التي كانت بحوزتهم».