بارزاني يكاشف شعبه: فقدت الأمل في المالكي منذ 2008.. ومخطئ من يظن أنني اقترحت سحب الثقة

رئيس إقليم كردستان لمنتقديه: من يتصور أن بإمكانه أن يعالج المشكلات مع رئيس الوزراء العراقي فليتقدم

مسعود بارزاني
TT

بعد ظهور مواقف مفاجئة من أطراف كانت متحالفة مع الزعيم الكردي مسعود بارزاني، فيما يتعلق بإدارة الأزمة السياسية الحالية بالعراق، التي فسرها كثير من المراقبين هنا في كردستان بأن تلك المواقف المفاجئة قد دقت المسمار الأخير في جهود بارزاني للإطاحة برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، عبر عملية سحب الثقة من حكومته، وضع الزعيم الكردي أمس النقاط على الحروف فيما يتعلق بموقفه مما آلت إليه جهود سحب الثقة من المالكي.

ففي رسالة وجهها إلى شعبه، أكد بارزاني تمسكه بنهجه في الدفاع عن مصلحة شعبه وعن العملية الديمقراطية في العراق، محذرا الجانب الآخر من مغبة التفكير في فرض نفسه بالقوة على شعب كردستان. وقال بارزاني في مستهل رسالته: «أرى لزاما علي أن أضع أمام شعبي هذه الرسالة التي تلقي الضوء على مضمون الأزمة الحالية التي تعصف بعلاقات إقليم كردستان والعراق والتذكير بأهم مسببات تلك الأزمة. وأود أن أقول منذ البداية بأن الكرد هم مكون أساسي في عراق ما بعد التحرير، وأسهموا في إعادة بناء العراق الجديد ووضع دستوره الدائم الذي نعتبره الضمان الوحيد للتعايش السلمي بين جميع المكونات العراقية، وحاولنا في إطار هذا الدستور أن نمارس حقوقنا وواجباتنا، ولكن للأسف هناك البعض ممن ثبتوا أقدامهم، واستعادوا قوتهم باتوا يتهربون من الالتزام بهذا الدستور، ويسعون لاحتكار السلطة في البلد».

ودافع بارزاني عن الموقف الذي تبناه منذ البداية من الأزمة ونفى أن تكون هناك أية خلافات شخصية بينه وبين المالكي، وقال: «هناك في بعض الأحيان أحاديث تحاول إعطاء الأزمة طابعا شخصيا بيني وبين المالكي، ولكني أؤكد للجميع أنه ليست لي أي مشكلة شخصية مع السيد المالكي أو أي طرف آخر معني بهذه الأزمة، فالمالكي عاش لسنوات في كردستان وقدم نفسه صديقا مخلصا للشعب الكردي، وكان صديقا مقربا مني وكنا على اتصال دائم معا، وحاولت منذ البداية أن أعالج المشكلات العالقة عبر الحوار الثنائي والتفاهم المشترك، ولكنه لم يف بأي وعد أعطاه وسعى إلى التعامل بتفرد مع جميع المواضيع العالقة، وأنا في الحقيقة فقدت الأمل في المالكي منذ عام 2008 عندما أرسل قوات الجيش العراقي مدعومة بالدبابات والمدرعات لمواجهة البيشمركة في منطقة خانقين. وكانت مشكلتنا في الأساس مع هذه العقلية التي ترى القوة المسلحة بديلا عن لغة الحوار، إن مخاوفي ليست لهذه المرحلة بل للسنوات المقبلة، حيث إنه في حال الاستمرار بهذه العقلية - وإذا تيسر لأصحابها القوة الكافية - فإنهم سيخلقون مشكلات كبيرة لإقليم كردستان والعراق أيضا».

ومضى بارزاني قائلا: «بحسب الصلاحيات والمسؤوليات الدستورية التي نتمتع بها، حاولنا خلال هذه السنة أن نسجل موقفنا ضد هذه العقلية، فلم نخلق أي مشكلات جديدة كما فعل الطرف الآخر، بل تطرقنا إلى بعض جوانب المشكلات المعلقة ومخاطرها، وهي مشكلات تلقينا كثيرا من الوعود والعهود بشأن معالجتها، ولكننا لم نر أي خطوات إيجابية بهذا الشأن. فلا المادة 140 طبقت، ولا صرفت ميزانية البيشمركة، ولا قدم مشروع قانون النفط والغاز، ناهيك عن العداء الواضح داخل الجيش العراقي للضباط الأكراد ومحاولات إبعادهم عن مناصبهم، وبعد توقيع اتفاقية أربيل وجدناهم يتهربون من تنفيذ بنودها، لذلك فقد مفهوم الشراكة الحقيقية في الحكم رونقه وألوانه، وحل محلها المزيد من الاحتكار والعودة إلى العقلية الديكتاتورية».

وتحدث بارزاني عن موضوع سحب الثقة من المالكي ودوره في ذلك مشيرا إلى أن «موضوع سحب الثقة من المالكي أثار كثيرا من التساؤلات، فهناك من يعتبر ذلك مشروعا معدا من قبلي، وهذا غير صحيح، لأني تقدمت باقتراح آخر لتغيير النهج الذي سار عليه المالكي، وهو إجراء الإصلاحات الجذرية في نظام الحكم بالعراق بما يضمن مبدأ القبول بالآخر، لأنني اعتقدت بأن أصل المشكلة تمكن هاهنا، ولكن بعد أن أثارت القوى السياسية الأخرى بحضور الرئيس العراقي مسألة سحب الثقة وأصبح مطلبا للجميع، أبديت دعمي لهذا الإجماع، لأن التجارب السابقة أثبتت لنا حقيقة، أن المالكي كان قد أغلق جميع الأبواب أمام تنفيذ الاتفاقات والالتزام بالدستور. واليوم لست نادما على هذا الموقف وأعتقد بأنني أوفيت بواجباتي بهذا الشأن، للأسف هناك داخل الإقليم محاولات لخلط الأوراق بهذه المسألة الحساسة، وهذا أمر غير مشروع ويتعارض مع مصلحة شعبنا وحقوقه، ويضر بوحدة البيت الكردي وموقف شعبنا في العراق، وأرى أن من واجبي أن أنبه إلى أن ما يجري اليوم في بغداد ستكون له مخاطر كبيرة في المستقبل القريب على كردستان، ولقد أثرت هذا الموضوع لكي يتحمل كل طرف مسؤولياته. وكل من يتصور بأن بإمكانه أن يعالج المشكلات العالقة مع المالكي فليتقدم. فالأبواب مفتوحة أمامه وأنا على استعداد لتسليم الملفات العالقة إليه، فمن يستطع أن يضع العراق على السكة الديمقراطية ويقضي على الاحتكار والتفرد فليتقدم».

وختم بارزاني رسالته بالقول:«أود أن أوضح بأنني حاولت أن أدافع عن الحقوق الدستورية لشعبنا الكردي، وفي الوقت ذاته الدفاع عن النظام الديمقراطي في العراق، كما أود القول بأن الوضع إذا سار في هذا الاتجاه فإننا سنتعرض في غضون سنوات قليلة إلى مخاطر جمة ليس بالنسبة للشعب الكردي فحسب، بل للعملية السياسية برمتها في العراق».