مسؤول عسكري كردي: لدينا أوامر بإطلاق النار على الجيش العراقي إذا اقترب من مواقعنا

المالكي يعتبر منع القوات من دخول منطقة حدودية «انتهاكا للدستور».. ويحذر من تصرفات «البيشمركة»

تشكيلة من قوات البيشمركة في عرض عسكري بأربيل (أ.ف.ب)
TT

ازداد التوتر على الحدود السورية - العراقية المشتركة بين قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي إثر محاولة القيادة العراقية إرسال تعزيزات عسكرية إلى المناطق المتنازع عليها القريبة من الحدود في محافظة نينوى. ويتخوف الأكراد، حسب مسؤول عسكري، «من تحويل مناطق زمار إلى جلولاء ثانية، وذلك بطرد السكان الأكراد منها بالقوة وإسكان العرب مكانهم بهدف تغيير الواقع الديموغرافي للمنطقة التي تعتبر من المناطق المتنازع عليها في محافظة نينوى».

وكان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، قد أصدر أوامر أول من أمس، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، بإرسال لواءين عسكريين من الجيش العراقي معززين بالأسلحة الثقيلة إلى منطقة زمار لنشرهما على الحدود المتاخمة لسوريا، ولكن اللواء الثامن التابع لقيادة قوات البيشمركة وقف في وجه تقدم تلك القوة وأرغمها على التراجع. وقال بيان صدر عن مكتب المالكي «إن الهدف من إرسال تلك التعزيزات هو لحماية حدود العراق وسيادته، وليس تهديد كردستان، وإن الدفاع عن الحدود شأن سيادي، ومن مسؤوليات الحكومة الاتحادية أن تتخذ الإجراءات الاحترازية في حال حدوث أي تطورات إقليمية». وأشار البيان إلى أن «تصرفات قوات الإقليم تعد مخالفة للدستور وكادت تؤدي إلى حدوث نزاع مع القوات المسلحة، كما أن عبور قوات الإقليم إلى حدود محافظة نينوى والسيطرة عليها وعلى مفاصل إدارية فيها وإشهار السلاح والتهديد به من قبل قوات البيشمركة، يمثل ظاهرة خطيرة لا تحمد عقباها». وتابع «إننا في الوقت الذي نجدد فيه حرصنا على عدم تفجير صدامات مسلحة، نؤكد ضرورة احترام الإقليم للنظام والقانون، وأن الاعتراض على وجود قوات اتحادية منتشرة على حدودنا المشتركة مع سوريا، وهي خارج حدود الإقليم، يشكل مخالفة صريحة للقوانين والإجراءات الأمنية».

لكن الجانب الكردي رفض هذه التبريرات وهدد بمواجهة القوات العراقية في حال عدم الرجوع عن ذلك القرار. وصرح العميد محمد رستم، نائب آمر اللواء الثامن المشاة التابع لوزارة البيشمركة بأن «مهمة حماية الحدود تقع على عاتق قوات حرس الحدود، وصحيح أن كردستان جزء من العراق، ولكن لا يجوز لقوة عسكرية تابعة للجيش العراقي أن تتقدم إلى الحدود وخاصة إلى المناطق المتنازع عليها، لأننا نخشى أن يحولها الجيش العراقي إلى جلولاء أخرى وطرد السكان منها، وعليه نؤكد للجانب الآخر أن لدينا أوامر بإطلاق النار في حال أي تقدم لقوات الجيش، ونحمل قيادة الجيش العراقي مسؤولية أي تداعيات خطيرة تحصل جراء هذا التقدم، فنحن البيشمركة لم نتقدم باتجاه تلك المنطقة، بل الجيش العراقي هو الذي تقدم ويحاول بسط سيطرته على المنطقة».

بدوره، أكد المتحدث باسم ائتلاف الكتل الكردستانية في البرلمان العراقي، مؤيد طيب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المطلوب الآن إجراءات تهدئة من قبل الجميع، لأن ما قامت به القوات الحكومية من دون تنسيق مع قيادة إقليم كردستان أمر مخالف للدستور الذي ينص صراحة على التنسيق»، مشيرا إلى أن «الشريط الحدودي بين العراق وسوريا يبلغ 650 كيلومترا، بينما المنطقة التي يجري تأمينها الآن هي 25 كيلومترا وهي واقعة تحت سيطرة البيشمركة منذ عام 2003 وآمنة، فماذا عن بقية المناطق الحدودية». وأشار إلى أن «توقيت التحرك ليس مناسبا لأننا نعيش في ظل أزمة سياسية طاحنة، وأن التذرع بالوضع السوري وانعكاساته لا يعني أننا نفرط في السلم الأهلي في البلاد». وبشأن ادعاء حماية الحدود، قال طيب إن «الإرهابيين يخترقون القوات الأمنية في أي وقت وإن عزة الدوري يسرح ويمرج بين بغداد وديالى ومناطق أخرى، وبالتالي فإن الأولى هو إمساك هؤلاء بدلا من افتعال معارك جانبية مع الشركاء السياسيين، لأن من شأن ذلك أن يؤجج المشاكل ولا يحلها».

في غضون ذلك، أصدر «التحالف الكردستاني» والمجموعة الكردية في البرلمان العراقي بيانا بهذه المناسبة، جاء فيه أنه «في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه نجاح الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل توافقي ومرضٍ للأزمة السياسية المستعصية التي تعصف بالبلاد ومؤسسات الدولة الديمقراطية - ينذر الوضع المتأزم في المناطق المتنازع عليها بين محافظتي نينوى ودهوك، وبالتحديد في ناحية زمار، بنتائج وخيمة ستكون كارثية على العراق وشعبه ما لم تعالج بأسرع وقت ممكن». وعن منطقة زمار، قال البيان إنها «منطقة آمنة كانت وما زالت قوات حرس الإقليم وحرس الحدود الاتحادي كفيلة بحفظ الأمن فيها». واعتبر أن «تقدم القوات العراقية، من دون تنسيق مسبق بين الحكومتين الاتحادية وفي الإقليم أو إشعار لقوات الإقليم، حيث لا يفصل بينهما سوى بضع مئات الأمتار، قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، في حالة وقوع عمل طائش من أي من عناصر القوتين، يشعل فتيل اقتتال من الصعوبة السيطرة عليه، مما يعود بنا مرة أخرى إلى أوضاع ما قبل 2003، الذي لا يتمناه أي عراقي»..

إلى ذلك، قال القيادي بالقائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع، حامد المطلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن اللجنة ستجتمع اليوم للاطلاع على التطورات في المناطق الحدودية «وإنه في ضوء ما سوف يعرض من حقائق أمام اللجنة فإنها ستتخذ التوصيات والإجراءات المناسبة».