باريس تدعو لاجتماع طارئ في مجلس الأمن قبل نهاية الأسبوع

مصادر دبلوماسية: الدعوة تؤجل التوجه إلى الجمعية العامة.. وميدفيديف: التحدي الآن هو تجنب حرب أهلية في سوريا

TT

بينما استبق لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، تسلم بلاده غدا لرئاسة مجلس الأمن الدولي لمدة شهر بالدعوة إلى اجتماع طارئ على المستوى الوزاري لمناقشة تطورات الوضع في سوريا، وذلك قبل نهاية الأسبوع الحالي.. أشار رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف، في حوار مع صحيفة «التايمز» البريطانية أمس، إلى أن الخلافات مع القوى الغربية حول الشأن السوري ليست بالاتساع الذي يصوره البعض أحيانا، موضحا أن التحدي القائم الآن بالنسبة للجميع هو «تجنب حرب أهلية في سوريا».

وحدد فابيوس، في حديث لإذاعة «آر تي إل» صباح أمس، للاجتماع الذي رجح أن ينعقد برئاسته هدفين: الأول هو محاولة وقف المذابح المستمرة في سوريا، والثاني هو التحضير لعملية الانتقال السياسي. وكان آخر اجتماع للمجلس تم يوم الخميس 19 يوليو (تموز). لكنه انتهى باستخدام روسيا والصين للمرة الثالثة حق النقض (الفيتو) لإجهاض مشروع قرار غربي تحت الفصل السابع يدين استمرار العنف ويطلب من النظام السوري وقف استخدام الأسلحة الثقيلة وسحبها، كذلك سحب قوات النظام من المدن، كما يهدد باللجوء إلى «عقوبات» في حال لم تنفذ دمشق مطالب المجلس في مهلة زمنية محددة.

ويرى دبلوماسيون معتمدون في العاصمة الفرنسية أن العودة إلى مجلس الأمن في ظل استمرار انقسامه، واستمرار تشدد موسكو وبكين في مواقفهما ومواصلة دعمهما وتأييدهما للنظام السوري ورفض ما يسميانه أي «تدخل خارجي» في الشؤون السورية، سيوصل مجددا إلى طريق مسدود.

وأمس، تحاشت الخارجية الفرنسية الرد على سؤال حول إمكانية طرح مشروع قرار جديد للتصويت في المجلس، علما بأن دعوته للاجتماع على المستوى الوزاري لا يمكن، وفق ما تؤكده المصادر الدبلوماسية، أن تكون فقط لـ«مجرد التشاور». لذا، فالسؤال المطروح على فرنسا وعلى الأطراف الغربية وغير الغربية في مجلس الأمن اليوم يتناول مضمون القرار.. وفي ظل استمرار التشدد الروسي - الصيني، فليس أمام الدول الغربية سوى خيارين هما: إما التمسك بنص «قوي» تحت الفصل السابع لا يكتفي بإدانة القمع والعنف بل ينص على تدابير وعقوبات، وفي هذه الحال فإن الفيتو سيجهضه مجددا. وإما التخلي عن استصدار القرار تحت الفصل السابع، وعندها سيضم القرار إلى مجموعة القرارات التي لم ينفذ منها شيء، وبالتالي سيكون بلا معنى.

وقال وزير الخارجية الفرنسية إن بلاده على «تواصل» مع الطرف الروسي. وسبق لمصادر فرنسية رسمية أن قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «باريس تدخلت لدى روسيا من أجل تحفيزها على منع حصول مذابح في حلب». وقبل ثلاثة أيام، وجه الرئيس فرنسوا هولاند نداء إلى مجلس الأمن «للتدخل بأسرع وقت»، كما دعا روسيا والصين لأن تأخذا بعين الاعتبار مخاطر «الفوضى والحرب الأهلية» اللذين يهددان سوريا إذا لم تكف يد الرئيس الأسد، مجددا الدعوة إلى تشكيل حكومة انتقالية.

وحتى الآن، لا تبدو في الأفق علامات «مشجعة» على احتمال أن تكون موسكو بصدد إعادة النظر في مواقفها، على الرغم من ما سبق لمسؤولين فرنسيين وغربيين أن توقعوه، وأشاروا إليه وأملوا به. وسعى لوران فابيوس أمس إلى دحض الحجج التي يتوقف عندها الجانب الروسي لتبرير استمرار حمايته للنظام السوري. وتركز باريس بالدرجة الأولى على موسكو لأنها تعتبر أن النجاح في زحزحة روسيا عن موقفها سيستتبعه حتما تغير في الموقف الصيني.

وردا على الحجة الروسية القائلة بالنزاع داخلي، قال فابيوس إن «النزاع إذا تواصل فسيصل العنف إلى درجات أعلى، وسيتحول إلى حرب طائفية وهو يهدد استقرار لبنان والأردن وتركيا (بدرجة أقل)، ما يعني أنه ليس داخليا». أما ذريعة دعم النظام من أجل تحاشي الفوضى، فقد أكد الوزير الفرنسي أنه «لا فوضى أكبر من الفوضى الحاصلة» اليوم في سوريا.

وترى المصادر الدبلوماسية أن دعوة مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ سيكون من شأنها تأجيل التوجه إلى الجمعية العامة كما دعت أطراف عربية. وسبق لفرنسا وأعضاء آخرين في المجلس أن أيدوا الرغبة العربية، وأعلنوا عن مساندتهم لمشروع القرار الذي سيتقدمون به. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن التصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يفترض أن يحدث خلال هذا الأسبوع.

إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف، في حوار مع صحيفة «التايمز» البريطانية نشر أمس على هامش وجوده في لندن لحضور دورة الألعاب الأولمبية، إن الخلافات مع القوى الغربية وبخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا، حول الشأن السوري ليست بالاتساع الذي يصوره البعض أحيانا. وأوضح أن التحدي القائم الآن بالنسبة للجميع هو «تجنب حرب أهلية في سوريا».

وأشار ميدفيديف إلى أنه أثناء اجتماع قبل حفل افتتاح الأولمبياد، ذكر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه «منذ أكثر من عام، أخبرت الرئيس (السوري بشار) الأسد أنه يجب عليه تسريع وتيرة الإصلاح، وتكوين علاقات مع المعارضة (السورية)؛ مهما كانت صعوبة ذلك بالنسبة له».. موضحا أن موسكو كانت ستقبل بأي «حل يجلب السلام صادر عن السوريين، حتى لو تضمن فقدان الأسد للسلطة».

وتابع ميدفيديف إنه لا يعلم كيف ستكون «تحديدا» صورة التوازن السياسي مستقبلا في سوريا، «وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الأسد» في هذا الصدد»، لكنه أكد أن ذلك أمر يقرره السوريون أنفسهم.. مجددا تكرار الرفض الروسي لأي تدخل خارجي في سوريا، وتابع «شركاؤنا يدعوننا إلى تأييد اتخاذ عمل أكثر حسما، ولكن ذلك يطرح سؤالا: أين تنتهي القرارات وأين تبدأ التحركات العسكرية؟».

يذكر أن ميدفيديف، خلال وجوده القصير في لندن، التقى مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، والذي طالب روسيا بدعم «خط أكثر حزما» تجاه النظام السوري. كما التقى قيادات سياسية لبنانية، وحذر من «تفشي الاضطرابات في سائر المنطقة»، جراء الأزمة في سوريا.