ملياردير أميركي من أصدقاء نتنياهو يمول حملة دعائية لإسقاط أوباما

قادة المستوطنات الإسرائيلية بالمناطق المحتلة في مقدمة ضيوف رومني

TT

ما إن غادر المرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية، الجمهوري، ميت رومني، إسرائيل، حتى بدأ تداول معلومات حول أسرار زيارته، وأهدافها الحقيقية. وتبين أن الملياردير الأميركي شلدون أديلسون، وهو صديق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان وراء الزيارة، وأرادها جزءا من حملة هدفها إسقاط الرئيس الأميركي باراك أوباما، واستبدال المرشح رومني به.

وأديلسون هو أحد كبار أغنياء الولايات المتحدة. بنى ثروته من عشرات الكازينوهات التي يملكها في بلاده وخارجها، ويعتبر من قوى اليمين الراديكالي بين يهود الولايات المتحدة. يقيم أديلسون علاقات وطيدة مع نتنياهو منذ سنين طويلة، ويساهم في تمويل معاركه الانتخابية. وخلال السنوات الأربع الأخيرة، مول أديلسون إصدار صحيفة يومية في إسرائيل تدعى «يسرائيل هيوم» (إسرائيل اليوم)، وتوزع ربع مليون نسخة مجانا، وباتت ناطقة بلسان نتنياهو، وأنشئت في حينها، لمواجهة الصحافة الإسرائيلية التي تنتقد باستمرار سياسته. وحسب موقع «ياللا» الإلكتروني التابع لصحيفة «هآرتس»، فإن الخسارة المالية للصحيفة تبلغ 3.2 مليون دولار كل شهر.

وقد كشفت جميع وسائل الإعلام الإلكتروني الإسرائيلية أمس، أن أديلسون رصد مبلغ 100 مليون دولار لتمويل حملة انتخابية ضد الرئيس باراك أوباما بهدف إسقاطه في الانتخابات المقبلة. وقد وصفت صحيفة «معاريف» الحملة بالوقود الذي يشغل عجلة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري ميت رومني. وتعتمد هذه الحملة بالأساس، على اليهود الأميركيين وإسرائيل، وترمي إلى التحريض على الرئيس أوباما في آخر 100 يوم من الحملة الانتخابية. وقد انطلقت الحملة بزيارة رومني لإسرائيل، التي بدأت مساء السبت واختتمت أمس، وستستمر الحملة في الولايات المتحدة، بأشكال عدة لكن هدفها واحد: إسقاط أوباما وانتخاب ميت رومني مكانه في الرئاسة.

وكشفت وسائل الإعلام في تل أبيب، أمس، أن زيارة رومني، التي جاءت كجزء من هذه الحملة، تم ترتيبها قبل شهور بمبادرة أديلسون ومكتبي رومني ونتنياهو. فقد اجتمع المساعد الرئيسي لرومني دان سنور، مع مستشار نتنياهو رون درامر، في فندق الملك داهود في القدس، وقررا معا ترتيب هذه الزيارة، مما يعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي شريك في حملة أديلسون، وأن محاولاته التنصل منها والادعاء أنه لا علاقة له بها ليست الحقيقة الكاملة. وقد ذكرت مجلة «تابلت» أن الزيارة طرحت بمبادرة مكتب نتنياهو.

وكان أديلسون قد نظم صباح أمس، إفطارا خاصا مع رومني قبل أن يغادر إلى بولندا، حضره 150 مليونيرا من الولايات المتحدة وإسرائيل. وقد دعا أديلسون، باسم ميت رومني، عددا كبيرا من الشخصيات اليمينية المتطرفة وقيادات المستوطنين، مثل: الرئيس السابق لمجلس المستوطنات في الضفة الغربية يسرائيل هرئيل، ورئيس جمعية أليعاد التي تجمع الأموال لتهويد مدينة القدس الشرقية المحتلة، والمدير العام السابق لمجلس المستوطنات نفتالي بنيت، ومستشاري نتنياهو السابقين دوري غولد وأييلت شكيد ويوعاز هندل.

ولذلك، لم يكن صدفة أن تفوه رومني أمامهم بكلمات تلائم عقلية اليمين المتطرف في إسرائيل، لدرجة أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» قالت: «من استمع إلى رومني حسب أن نتنياهو هو الذي كتب له الخطاب، خصوصا عند حديثه عن القدس العاصمة الموحدة لإسرائيل إلى الأبد».

وقد بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية توجه الانتقادات لرومني ونتنياهو على هذه الزيارة ورسائلها الفظة. وكتبت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا، أمس، جاء فيه: «إذا ما نجح أوباما في البقاء في البيت الأبيض، فإن زيارة رومني لن تساهم في ثقة أوباما برئيس وزراء إسرائيل. وإذا انتخب رومني رئيسا، ينبغي الافتراض بأن يضع المصالح الأميركية قبل آيديولوجيا اليمين وسياسة اليمين الإسرائيلي. ولهذا، فإن على نتنياهو أن يخدم المصلحة الإسرائيلية وأن يبعد نفسه عن التدخل الفظ في المعركة الانتخابية الأميركية».

وكتب المحرر السياسي في «يديعوت أحرونوت»، ناحوم بارنياع: «ليس الحب هو الذي خلق هذا التقارب الخاص بين إسرائيل والولايات المتحدة. فالرؤساء الأميركيون دللونا بالحب في الماضي أيضا؛ كما أن ليست هذه هي الكيمياء بين زعيمي الدولتين - فلا كيمياء في هذه اللحظة؛ الحب نشأ من الاعتراف بأنه يوجد للدولتين أعداء مشتركون، ونشأ من القدرات الخاصة لإسرائيل في الاستخبارات وعمليات الكوماندو ومن القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركية في ذروة الصراع ضد النووي الإيراني. الإدارة يمكنها أن تفرض على إسرائيل ألا تعمل. هذا ليس الأسلوب وهذا ليس الوقت المناسب، وبالتأكيد ليس عشية الانتخابات. وبدلا من ذلك، اختارت إقناعها عن طريق العناق. كل هذا يحصل تحت حكم باراك أوباما. بيل كلينتون عرف كيف يثير انفعال الإسرائيليين. جورج بوش عرف كيف ينفعل منهم. أوباما، الرئيس الذي يحب الإسرائيليون ألا يحبوه، لا ينفعل ولا يثير الانفعال، ولكنه يفعل من أجل أمن إسرائيل أكثر مما فعل سلفاه».

وواصل بارنياع: «عصبة من أرباب المال اليهود الأميركيين من مؤيدي الحزب الجمهوري، اختارت الوصول إلى هنا بمناسبة الزيارة. يستضيفون رومني في وليمة هدفها جمع التبرعات للحملة. الحدث يثير صخبا شديدا في وسائل الإعلام الأميركية. فلم يسبق أن جرت أحداث جمع تبرعات سياسية خارج حدود الولايات المتحدة؛ ولم يسبق أن جرت هذه وراء أبواب مؤصدة. الروح الحية في العصبة هو شلدون أديلسون، صاحب أموال القمار الذي أصبح أحد الشخصيات الأكثر كرها على أميركا الليبرالية. أديلسون تبرع هذه السنة لحملات الجمهوريين بنحو 100 مليون دولار، وهذا مبلغ غير مسبوق في التاريخ الأميركي. مبلغ مذهل وله غاية واحدة – إلحاق الهزيمة بباراك أوباما. أديلسون هو مشكلة الأميركيين. مشكلتنا هي استخدام هذا الرجل لنا، نحن الإسرائيليين، لأهداف ليس لها أي صلة بمصالح الدولة الحقيقية. لدى أديلسون أجندة أميركية داخلية. لديه رأي في علاقات العمل، في الاقتصاد، في الصحة، وربما أيضا في العلاقات المركبة لأميركا مع الصين الشيوعية، التي تعمل دور القمار التابعة لأديلسون تحت رحمتها. فما لنا وكل هذا! قمامتكم ألقوا بها في ساحتكم، فلدينا ما يكفي من القمامة».