نجاد يلوح ثانية بغصن الزيتون للبرلمان.. وحكومته تتبادل الضربات مع أنصار خامنئي

عزل مسؤول عينه الرئيس الإيراني والحكومة ترد باتهام شقيق رئيس مجلس الشورى بالفساد

TT

تبادلت حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ومنتقديها من التيار المحافظ توجيه ضربات موجعة وهذه المرة عبر المحاكم الإيرانية في إطار الصراع العلني في أوساط النخبة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية وبالتحديد بين أحمدي نجاد وأنصاره من جهة وبين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وأتباعه من جهة أخرى. فبعد قرار محكمة إيرانية عزل مسؤول عينه الرئيس الإيراني بسبب مزاعم عن تورطه في حوادث وفاة سجناء، نجحت حكومة نجاد في دفع الادعاء الإيراني إلى التحقيق مع شقيق رئيس مجلس الشورى الإيراني، المقرب من خامنئي، بتهم فساد.

واشتد الصراع بين نجاد وخامنئي بعد قرار الأخير إعادة وزير الاستخبارات حيدر مصلحي إلى منصبه بعد أن عزله الرئيس الإيراني السنة الماضية. كما وقف أعضاء مقربون من خامنئي في مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) بالمرصاد لحكومة نجاد وقراراتها خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد وأفلحوا في عرقلة عدد منها، بينما اتهم آخرون الرئيس الإيراني بدعم «تيار منحرف» يقوده مدير مكتبه وصهره اصفنديار رحيم مشائي من خلال الدعوة إلى تعزيز الهوية الفارسية على حساب الهوية الإسلامية لإيران.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) أمس أن المحكمة الإدارية العليا ألغت تعيين سعيد مرتضوي في منصب مدير إدارة الأمن الاجتماعي بوزارة العمل بعد أن كان أحمدي نجاد قد عينه في المنصب بسبب مزاعم عن تورطه في حوادث وفاة سجناء.

وجاء الحكم بعدما رفع نواب في البرلمان قضية ضد مرتضوي، واتهم هؤلاء النواب الأخير بالتورط في مقاضاة عدد من المنشقين وإغلاق صحف مؤيدة للإصلاح ووفاة ثلاثة متظاهرين على الأقل ضد الحكومة كانوا قيد الاحتجاز. كما يشتبه في وجود علاقة بينه وبين وفاة المصورة الصحافية الإيرانية الكندية زهراء كاظمي التي ألقي القبض عليها عام 2003 لقيامها بالتقاط صور بالقرب من سجن في طهران.

ووفقا للتحقيقات الحكومية، فإن كاظمي توفيت خلال التحقيقات التي تردد أن مرتضوي، مدعي طهران وقتها، هو الذي كان يقودها متأثرة بضربة على الرأس أدت إلى نزيف في المخ.

وكان أحمدي نجاد عين مرتضوي في المنصب الجديد العام الماضي ما أثار حفيظة عدد من نواب مجلس الشورى.

وفي وقت أصبحت فيه عائلة لاريجاني من أشد منتقدي سياسات الرئيس الإيراني وحكومته، أفادت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية (أرنا) أمس أن تحقيقات تجري على قدم وساق مع جواد لاريجاني، شقيق كل من علي لاريجاني، رئيس البرلمان، وصادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية، المقربين من المرشد الأعلى، بتهمة الاستيلاء على قطع أراض.

ونقلت الوكالة الإيرانية عن كبير المدعين في طهران علي رضا افاي أن محكمة تدرس التهم الموجهة إلى لاريجاني، المسؤول عن مجلس حقوق الإنسان التابع للسلطة القضائية، بحيازة مئات الهكتارات من الأراضي المحمية، بعد أن رفعت الوكالة الحكومية المسؤولة عن الموارد الطبيعية الطلب إلى الجهات المعنية للتحقيق في تلك المزاعم.

ووسط تلك الأجواء المشحونة، لوح الرئيس الإيراني بغصن الزيتون مرة ثانية إلى أعضاء مجلس الشورى للتعاون مع حكومته لاجتياز المرحلة الراهنة وتخفيف الضغوطات عنها سواء الخارجية جراء العقوبات الدولية والعزلة السياسية أو الداخلية بسبب البرلمان الذي يقف بالمرصاد لسياسات الحكومة وقراراتها.

وكان نجاد لوح لأول مرة بغصن الزيتون لأعضاء البرلمان بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية في مايو (أيار) الماضي والتي هزم فيها أنصاره مقابل فوز كاسح لمنافسيهم من انصار خامنئي.

وقرر نجاد، الذي بدا وكأنه يحاول تفادي صدام جديد مع البرلمان فيما تبقى له من مدة في منصبه قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية العام المقبل، التخفيف من حدة التوتر مع مجلس الشورى عبر دعوة رئيس المجلس وأعضائه إلى اجتماع مشترك مع الحكومة.

وقال نجاد إنه يجب على أجهزة الدولة، في إشارة إلى البرلمان، أن تساعد الحكومة لاجتياز الظروف الراهنة وتابع «يجب على الأجهزة المختلفة أن تصل إلى تحليل اقتصادي مشتر وتطبق وفق ذلك لاجتياز الظروف الراهنة».

وأشار أحمدي نجاد خلال كلمته في الاجتماع إلى ظروف البلاد قائلا: «هنا ضرورة التعاون والمرافقة والمساهمة بين كافة القوي والأجهزة ويجب علينا أن ندير شؤون البلاد بالتعاون والمساهمة»، وأضاف «يجب أن لا نتصور أن الحكومة الإيرانية تقع علي عاتقها إدارة الشؤون فحسب، بل يجب علي جميع الأفراد والأجهزة أن يساعدوا لإدارة الأمور والشؤون الداخلية».

وفي تلميح إلى أن أعضاء مجلس الشورى يتجاوزون مهامهم أحيانا، قال نجاد «يجب أن لا نتوقع أن تدير السلطة القضائية لجنة الاقتصاد أو يتولي نواب مجلس الشورى الإسلامي القضايا التنفيذية، بل يجب على جميع الأفراد أن يعملوا وفق مهامهم بصورة صحيحة ويعمل الجميع بالتعاون والمساعدة».

وذكر نجاد أعضاء البرلمان بالضغوط الخارجية التي تتعرض لها حكومته، وقال إن «الحكومة الإيرانية ركزت كافة قواها وستعمل إلى اليوم الأخير بقوة کيومها الأول»، وأضاف «هنا ضغوط كثيرة من جانب الأعداء ضد بلادنا ويجب أن نُندم الأعداء لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالرد الصحيح على الضغوط».

وكرر دعوته إلى التعاون بين الجانبين قائلا «يجب علينا أن نتعاون يدا بيد لتحويل الضغوط والصعوبات إلى الفرص لبناء البلاد وإكمال وتعزيز البني التحتية لكي تتحوّل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى قوة مقتدرة حتى لا يسمح الأعداء لأنفسهم أن يهددوها أو يقاطعوها».