«الجيش الحر» يؤكد نيته إنشاء منطقة عازلة.. والمدفعية التركية تطلب تقارير الأرصاد الجوية فوق سوريا

مصدر تركي لـ«الشرق الأوسط»: ندرس تقديم مساعدات للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام

قوات عسكرية تركية منتشرة على الحدود السورية أمس (رويترز)
TT

تتزايد مؤشرات «الفراغ الأمني» عند الحدود التركية – السورية، خصوصا تلك القريبة من حلب التي تشهد معركة طاحنة بين النظام ومعارضيه الذين سيطروا على أجزاء واسعة من الريف الحلبي وصولا إلى الحدود التركية، بعد سيطرتهم على موقع عندان الاستراتيجي، مساء أول من أمس. وبينما تتزايد «التلميحات» التركية لدور ما قد تقوم به أنقرة لمواجهة التهديدان البارزان لأمنها؛ الوجود المسلح الكردي في شمال سوريا والفراغ الأمني في ريف حلب، كشفت مصادر تركيا، أمس، عن طلب الجيش التركي لتقارير الأرصاد الجوية فوق سوريا «لاستخدامها من قبل قادة المدفعية»، كشف مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده تدرس تقديم «مساعدات إنسانية للاجئين السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام»، بينما كان «الجيش السوري الحر» يؤكد نيته إقامة المنطقة العازلة بين أعزاز وجسر الشغور بقوته الذاتية.

وأكد مصدر تركي رسمي لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «لا تستطيع الوقوف متفرجة على ما يحصل في سوريا، وسوف تضطر في نهاية المطاف إلى اتخاذ الإجراءات التي تتناسب مع (القوانين الدولية والاتفاقات الثنائية)». وأعلن المصدر أن منطقة عازلة داخل سوريا «قد تكون خيارا جيدا إذا استمر الوضع القائم»، موضحا أن بلاده تدرس بجدية إقامة منطقة آمنة لحماية النازحين واللاجئين السوريين في بقعة جغرافية محددة بين البلدين»، رابطا هذه الخطوة بتفاقم حركة النزوح إلى الأراضي التركية التي تستضيف حاليا نحو 45 ألف لاجئ سوري في عدة مخيمات في المحافظات الحدودية.

وأشار المصدر إلى أن التعزيزات التركية نحو الحدود «لا تهدف إلى الحرب، لكنها تهدف إلى إقناع الآخرين بعدم التفكير في تهديد الأمن التركي، خصوصا مع تزايد الأنباء عن وجود منظم لحزب العمال الكردستاني المحظور في مناطق كردية في شمال سوريا. إلا أنه أكد أيضا وجود توجه لدى أنقرة لـ«توزيع مساعدات إنسانية على سكان هذه المناطق واللاجئين إليها بعد خروجها من تحت مظلة السلطة السورية». وكانت تركيا، أعلنت، أمس، عن تعزيزات عسكرية جديدة أرسلت إلى جنوب البلاد، وهو إجراء بات منتظما منذ حادثة إسقاط الطائرة التركية في يونيو (حزيران) الماضي. وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» أن القافلة غادرت قاعدة في محافظة غازي عنتاب متجهة جنوبا إلى محافظة كيليس. وأظهرت لقطات تلفزيونية من وكالة أنباء «دوغان» ما لا يقل عن 6 عربات مدرعة من فوق شاحنات النقل على طول الطريق. وكانت الحافلات والشاحنات مغطاة بشوادر تحجب الرؤية، وكذلك غطت ناقلات الجند. وقالت الوكالة إن قافلة تضم منصات صواريخ لم تحدد نوعها، ودبابات وآليات مدرعة قتالية للمشاة وذخائر وجنودا غادرت، أمس، الاثنين، مقر القيادة العسكرية في غازي عنتاب (جنوب) متجهة إلى المناطق الحدودية في محافظة كيليس. وأضافت أن قافلة قطارات تنقل بطاريات صواريخ وآليات لنقل الجنود أرسلت إلى إصلاحية في محافظة غازي عنتاب قادمة من مدينة إسكندرون في محافظة هاتاي.

وذكرت صحيفة «حرييت» التركية أن الجيش التركي طلب تزويده بتقارير أرصاد جوية مفصلة فوق سوريا من أجل «دقة أكبر للضربات المدفعية». وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش كان وقع قبل 3 سنوات على بروتوكول تعاون مع دائرة الأرصاد التركية لتزويده بتنبؤات الطقس في جنوب تركيا وشمال العراق، وقد زادها اليوم لتشمل المناطق المحيطة بتركيا ومنها سوريا والعراق ودول البلقان. وأوضحت أن الطلبات الجديدة في ما يتعلق بسوريا تسمح للقادة الميدانيين في المدفعية التركية بالحصول على توقعات للطقس للساعات الـ36 المقبلة عبر الإنترنت، وهذه التوقعات يتم تحديثها 4 مرات في اليوم. وفي إطار مساعيه لتحويل المنطقة الممتدة من الحدود التركية إلى ريفي حلب وإدلب لمنطقة معزولة، أعلن «الجيش السوري الحر» الاستيلاء على نقطة استراتيجية قرب حلب تربط الحدود التركية بالمدينة. وقال العميد المنشق فرزات عبد الناصر إنه «وبعد 10 ساعات من القتال، تمكن عناصر (الجيش الحر) عند ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد من الاستيلاء على حاجز عندان على بعد 5 كيلومترات شمال غربي حلب». وأشار الناصر إلى أن 6 جنود قتلوا في المعركة، وتم أسر 25 آخرين. كما قتل 4 مقاتلين معارضين.

وشرح نائب رئيس الأركان في «الجيش الحر»، العقيد عارف الحمود، تفاصيل العملية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنه «وبعدما كان هذا الحاجز يعوق حركة عناصر (الجيش الحر) بين تركيا والداخل السوري، وبعدما تمت محاصرته منذ مدة تماما كقسم كبير من القطاعات العسكرية في الريفين الإدلبي والحلبي، تم الهجوم والاستيلاء عليه مساء الأحد ليصبح الطريق بين حلب والحدود التركية مفتوحا بشكل كامل على أن يتم الاستيلاء على مطار منغ العسكري المحاصر قريبا جدا».

وأضاف: «أصبح تحركنا اليوم أكثر فعالية وأسرع لأننا بتنا نسلك الطريق السريع بعدما كنا نضطر للالتفاف على هذا الحاجز». وقال الحمود: «بعدما خذلنا المجتمع الدولي برفضه إنشاء، منطقة آمنة، بتنا نحن اليوم من يفرض قيام منطقة مماثلة نعمل على إنشائها على طول الحدود التركية وصولا للريفين الحلبي والإدلبي أي من أعزاز حتى جسر الشغور»، لافتا إلى أن «ما ينقص لتتحول هذه المنطقة لمنطقة معزولة هو فرض حظر جوي على الطيران السوري من خلال قوات الناتو أو تأمين سلاح مضاد للطيران يتصدى من خلاله عناصر (الجيش الحر) لخروقات النظام».

واعتبر الحمود أن المنطقة العازلة «تصب في مصلحة السوريين كما الأتراك، لأنها توفر عليهم توافد مزيد من اللاجئين الذين سيجدون بهذه المنطقة منطقة آمنة تحميهم وستكون كذلك بمثابة قاعدة انطلاق عسكرية لـ(الجيش الحر)».