تركيا ترفع حضورها الدبلوماسي والعسكري في الأزمة السورية

أردوغان وأوباما: لا مكان للأسد في سوريا المستقبل

عنصران من الثوار يجهزان مدفعا مضادا للطائرات في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

ترفع تركيا بشكل متزايد من وتيرة مواقفها من الأحداث الجارية في سوريا، حتى بات حديث «التدخل العسكري» و«المنطقة الآمنة» قاسما مشتركا على لسان قادتها السياسيين في الإفطارات المتنقلة التي تقام في أنقرة وإسطنبول. أما قادتها العسكريون، فهم بدورهم يغضون الطرف عن معلومات تتسرب عن الاستعدادات العسكرية التي يقوم بها الجيش عند الحدود المشتركة، خصوصا تلك القريبة من حلب حيث تدور أعنف المعارك للسيطرة على القطاع الحدودي الحيوي بين البلدين.

وبينما كان وزير الخارجية، داود أوغلو، يتحدث صراحة عن «إمكانية التدخل العسكري لحماية المدنيين»، أعلن مكتب رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أنه اتفق مع الرئيس الأميركي على ضرورة «تسريع رحيل الأسد لمصلحة سوريا».

وتقوم الدبلوماسية التركية بدور ناشط جدا، ففي حين يفترض أن يتوجه داود أوغلو اليوم إلى كردستان العراق للبحث في أزمة الوجود الكردي المسلح عند الحدود مع سوريا، كان مساعد وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط خالد تشاويك يتجه إلى طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين تتمحور حول الوضع السوري.

وذكرت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية أن المسؤول التركي سيجري خلال هذه الزيارة محادثات مع وزير الخارجية الإيراني، علي أكبر صالحي، تتعلق بما تشهده المنطقة من تطورات، لا سيما الأوضاع الجارية في سوريا. وكانت السفارة الإيرانية في أنقرة أصدرت بيانا قالت فيه إن «الموضوع السوري سيهيمن على اللقاءات التي سيجريها مساعد وزير الخارجية التركي، خالد تشاويك». بينما قال الناطق بلسان الخارجية التركية سلجوق أونال لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة روتينية، وهي مخصصة للبحث في العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة عموما، ومن ضمنها سوريا.

وقال مصدر قريب من أردوغان لـ«الشرق الأوسط» إن الزعيمين اتفقا على أنه لا مكان للأسد في «سوريا المستقبل»، مشيرا إلى أن الطرفين اتفقا على ضرورة «تسريع الجهود المبذولة لإخراج الأسد من السلطة في سوريا، ووضع البلاد على سكة التغيير الديمقراطي».

وقال مكتب أردوغان في بيان أصدره، أمس، إنه ناقش والرئيس الأميركي باراك أوباما كيفية العمل معا للإسراع بالانتقال السياسي في سوريا. وأوضح أن المحادثة الهاتفية التي استغرقت 36 دقيقة «تناولت تنسيق جهود الإسراع بعملية الانتقال السياسي في سوريا، بما في ذلك ترك بشار الأسد السلطة وتنفيذ المطالب المشروعة للشعب السوري».

وأبدى الزعيمان قلقهما المتزايد إزاء الأوضاع الإنسانية التي تزداد سوءا في سوريا، بسبب هجمات النظام السوري الذي يستهدف شعبه ووحشية النظام، وفي الآونة الأخيرة في حلب. وناقش أردوغان وأوباما أيضا الحاجة للعمل معا لمساعدة المدنيين الذين يحاولون الفرار من العنف في سوريا إلى تركيا ودول مجاورة.

وفي إفطار جمع داود أوغلو مع رؤساء مكاتب الصحف التركية في أنقرة، أول من أمس، قال وزير الخارجية التركي إن القوات التركية قد تتدخل الأراضي السورية لحماية المدنيين الفارين من قوات النظام. وأضاف: «إذا كان ثمة 10 آلاف لاجئ يحاولون الفرار إلى تركيا وقوات النظام تطلق عليهم النار، فلا تركيا ولا أي دولة في العالم تستطيع البقاء متفرجة».

وأشار إلى أنه حض الأمين العام للأمم المتحدة في اتصال هاتفي أجرياه قبل أيام على ضرورة قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن بدورهما في حماية المدنيين السوريين. واعتبر أن عدم قيامهما بشيء «شوه مصداقيتهما». وأضاف: «تركيا لم تقم بشيء لحماية المدنيين في حلبجة، عندما قتل صدام حسين 5000 كردي بالأسلحة الكيماوية، لكنها مصممة على عدم السماح بتكرار الشيء نفسه في بلد مجاور آخر». واعتبر أن حلب هي أكثر مكان حساس في المنطقة. و«ضرب الانتظام العام فيها سوف يؤثر بشكل سلبي على الاستقرار في تركيا، ولهذا نتخذ كل الاحتياطات الممكنة».

وفي حين رفض داود أوغلو الخوض في تفاصيل ما تقوم به بلاده، اعتبر أن الهجمات التي يشنها النظام على حلب، لا تختلف عن الهجمات التي تشنها إسرائيل على غزة.

وأوضح داود أوغلو أن نحو 500 ضابط سوري انشقوا عن النظام وفروا إلى تركيا حيث يقيمون الآن، بينهم 28 عميدا و47 عقيدا.