خوجة لـ «الشرق الأوسط» : سيتم اختيار أعضاء مجلس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون من عدة وزارات.. ومقعدين لأهل الخبرة

الإعلام السعودي ينطلق للمنافسة العالمية باستقلال مالي وإداري

TT

جاء قرار مجلس الوزراء أول من أمس بالموافقة على تنظيم هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء، لتتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة والاستقلال المالي والإداري، التي سترتبط تنظيميا بوزير الثقافة والإعلام، ليمثل تحولا كبيرا في الإعلام السعودي، الذي سينقلها من القطاع العام إلى الخاص لتنافس بذلك كبرى القطاعات الإعلامية العالمية.

ويأتي القرار ليكون واقعا إداريا يسعى لدعم العمل الفني وتوزيع الجهود وتحديد الاختصاصات التي قد يؤدي مخرجات إيجابية، تنعكس على الأداء العام لقطاع التلفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء، ونجاحا كبيرا، في الوقت الذي تعتبر فيه بعض الهيئات الإعلامية العالمية حققت نجاحا كبيرا، مثل هيئة الإذاعية البريطانية (بي بي سي) التي يزيد عدد مشاهديها عبر العالم عن مائتي مليون مشاهد، والتي مثلت، رغم استقلاليتها، صوت أحد أبرز الكيانات الإعلامية في العالم. مما يعني أن الانتقال للهيئة سوف يمثل امتدادا وفتحا جديدا في الوقت ذاته، فهو امتداد لما يمكن تسميته فعلا بـ«الجرأة الإعلامية» التي شهدتها الوزارة مؤخرا، وأبرز دليل على ذلك إطلاق هذا العدد من القنوات الذي شمل تنويعا حقيقيا في الإعلام السعودي ليغطي الجوانب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والإخبارية. مما يعكس أن التحول إلى هيئة سيسهم في تفعيل كل ذلك الواقع الإيجابي القائم حاليا لدى الوزارة، وسيسهم في فتح آفاق جديدة في العمل الإعلامي في المملكة.

ويشير الدكتور عبد العزيز خوجة، وزير الإعلام السعودي لـ«الشرق الأوسط»: أن الهدف الأساسي من التنظيم هو القضاء على البيروقراطية، وأن يكون الإذاعة والتلفزيون كيانا ذا شخصية اعتبارية مستقلة، يقدر أن يتعاقد، وتكون له رؤية معينة ويتفق مع شركات ومؤسسات ويبحر بالإبداع بعيدا عن العمل الروتيني. مثمنا دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في اعتماد القرار.

وقال خوجة: «إن الهيئة ستكون مستقلة لها صفتها الخاصة، والآن بعد اعتماد التنظيم الخاص بها من قبل مجلس الوزراء، ستمنح كثيرا من المرونة والتحرك»، واصفا العمل الإعلامي بـ«الإبداعي».

ولفت الدكتور خوجة إلى أن أعضاء مجلس الإدارة سيتم اختيارهم من أكثر من وزارة، إلى جانب مقعدين من أهل الخبرة. وفضل وزير الإعلام عدم تحديد المقعدين الممثلين لأهل الخبرة، إذ سألت «الشرق الأوسط» الوزير عن ماهية الاختيار، حيث قال: «سنرى كيف نقيم هذا الموضوع في ما بعد» وحيال اختيار الأعضاء، يشدد الدكتور سعد مارق، نائب رئيس تحرير صحيفة «الوطن» السابق وعضو مجلس الشورى الحالي على ضرورة توفر المهنية لدى أعضاء مجلس الهيئة بطريقة تتواكب مع الواقع الإعلامي الجديد، ويقول: «هؤلاء الأشخاص لا بد أن يعوا هذا الاختيار في الأشخاص، على أن تكون لديهم معايشة للحاضر بنظرة مهنية». ويرى أن الإعلام «اختلف تماما عن خمسة أعوام مضت».

ويضيف الدكتور مارق في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط» بالقول إن أعضاء مجلس الإدارة الممثلين لدوائر الدولة، لا بد أن تكون لديهم نظرة متقدمة عن الإعلام وعلاقته بالدولة بما يخدمها بطريقة مهنية.

وزاد: «يجب أن يكون الأعضاء من ذوي الخبرة، أنا لا أتحدث عن 30 سنة في الإعلام بقدر ما أتحدث عن القدرة والشعور أن يعرف العضو واقع الإعلام العادي.. منذ 5 سنوات نمر بمرحلة إعلام ليس لها مثيل، فقد كانت القنوات مقتصرة على التلفزيون والمجلة والإذاعة وتتحكم فيها الدولة، أصبح كل فرد الآن قناة إعلامية بحد ذاته، وهذا التحول، جعل العالم يشعر أن الدول كانت قنواتها محدودة وتستطيع السيطرة على هذه القناة، لكن الآن أصبح كل مواطن قناة، يستطيع أحدهم أن يخرج على (تويتر) ويصبح متابعا من قبل الآلاف، أو يستحدث قناة على (يوتيوب) ويسجل مشاهدات واسعة».

وحول مستقبل الهيئة يؤكد عضو مجلس الشورى أن موقع المملكة متطور ومتغير، ويقول: «باتت السعودية في موقع عالمي كبير، دليل ذلك أنها عضو في مجموعة العشرين؛ لذا تحتاج البلاد إلى أن يواكب تقدمها الشامل وجود ذراع إعلامي مهني لديه مرونة في التحرك». مستطردا: «بدون هيكلة مهنية للإعلام لن نستطيع مواكبة النهضة التي تعيشها البلاد» ويضيف «إذا استمرينا في مشروعنا التنموي بقوة، ومستوانا الإعلامي ضعيف فلن نستطيع أن نوصل أو ندافع أو نعرض وضع بلدنا في العالم، لكن هذا القرار سيساعدنا في ذلك». مشيرا إلى أن دور أجهزة الإعلام في العالم عندما أنشئت وأوجدت قنوات ووسائل إعلام، هو إيصال أهدافها بطريقة مهنية».

فيما يؤكد عبد الله بن فهد الحسين مدير عام وكالة الأنباء السعودية «واس» في تصريحات سابقة أن القرار سيسهم في تطوير العمل الإعلامي، ومنح «واس» فرصة كبيرة للتقدم إلى الأمام، واحتلال مكانة مرموقة بين وكالات الأنباء العالمية، وذلك بمضاعفة حرية ومرونة الأداء الإداري، ورفع القدرات المالية، والإدارية التنفيذية لوسائل الإعلام الرسمية، دون أن يؤثر ذلك كثيرا على هامش الحريات للإنتاج الدرامي والفني، على غرار ما تشهده القنوات السعودية المحلية، وذلك بارتباطها إداريا بوزير الثقافة والإعلام.