اليمن: مبعوث نجاد يغادر صنعاء بعد رفض «هادي» لقاءه

اليمن: أنصار صالح يحكمون سيطرتهم على «الداخلية» بعد مواجهات دامية

بائع خضراوات يمني ينتظر بيع منتجاته في سوق وسط صنعاء أمس (رويترز)
TT

غادر أمس صنعاء مسعود حسيني نائب وزير الطاقة الإيراني مبعوث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي أوفده إلى اليمن بعدما أعلن عن إلقاء القبض على خلية تجسس إيرانية في البلاد في وقت ذكر مصدر رسمي يمني أن مبعوث نجاد لم يلتق الرئيس اليمني لإصرار الرئيس على عدم لقائه.

وذكرت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» أن مبعوث الرئيس الإيراني نائب وزير الطاقة مسعود حسيني غادر صنعاء أمس بعد زيارة رسمية لليمن استغرقت عدة أيام. وذكرت الوكالة أن المبعوث الإيراني أوضح أن الهدف من الزيارة هو تسليم رسالة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية من أخيه الرئيس أحمدي نجاد. وكانت الوكالة قد ذكرت في وقت سابق أن وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي التقى المبعوث الإيراني الذي سلمه رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.

وكان الرئيس اليمني قد اتهم إيران بالتدخل في شؤون بلاده بعد إعلان وزارة الداخلية اليمنية عن إلقاء القبض على خلية تجسس إيرانية يقودها ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني.

وقال مصدر رسمي يمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن فضل عدم ذكر اسمه «رفض الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لقاء مبعوث الرئيس الإيراني ووجه وزير الخارجية بتسلم رسالته»، وذكر المصدر أن «رفض استقبال الرئيس للمبعوث الإيراني مؤشر على غضب الرئيس من حجم المعلومات التي كشفتها الأجهزة الأمنية حول خلية التجسس الإيرانية، كما يعكس تصميم اليمن على المضي في إجراءات محاكمة أعضاء الخلية». وذكر المصدر أن «الوفد الإيراني أجل مغادرته يوما كاملا على أمل أن يعيد الرئيس هادي النظر في قراره الامتناع عن استقباله، غير أن إصرار الرئيس على عدم استقبال الوفد جعلهم يقررون العودة اليوم (أمس)». وعن هوية زعيم خلية التجسس الإيرانية قال المصدر الرسمي إن «الشخص الذي يقود الخلية إيراني، ويعمل تاجرا ليغطي نشاطه الاستخباراتي في اليمن، وأنه تم القبض عليه في مدينة عدن التي سكن فيها منذ ثلاثة عشر عاما» وفي سؤال للشرق الأوسط عن أسباب سكنه في عدن هذه المدة على الرغم من أن الصراع مع الحوثيين كان في الشمال قال المصدر «اعتمدت مهمته التجسسية على أن يتوارى بعيدا عن مسرح الأحداث في صعدة وتحت غطاء تجاري، وسكنه في عدن نوع من درء الشبهات، حيث لا يتصور أحد أن يسكن جاسوس إيراني في عدن البعيدة عن محافظة صعدة حيث الحوثيين الذين تؤيدهم طهران». وأضاف «قبل أربع سنوات تم الإعلان عن صاحب مطبعة في عدن يعمل لصلاح الاستخبارات الإيرانية».

وفي هذا الخصوص قال راجح بادي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن إن «العلاقات اليمنية الإيرانية تمر بأسوأ مراحلها، وعلى الرغم من أننا نسمع تصريحات من الطرف الإيراني تظهر نوايا حسنة، لكننا نريد من الإيرانيين أفعالا لا أقوالا لإعادة العلاقات اليمنية الإيرانية إلى طبيعتها» وأضاف بادي: «إنه ليس من مصلحة أحد أن تتحول اليمن إلى ساحة صراع، أو تصفية حسابات مع قوى أخرى» وذكر بادي «أن تصريحات رئيس الجمهورية في الكلية الحربية تكشف بجلاء أن التدخلات الإيرانية في اليمن لم تقف عند خلية التجسس الإيرانية التي تم إلقاء القبض عليها مؤخرا، وأن حجم التدخلات أكبر من هذا الحد، ولعل التحقيقات التي تجريها النيابة العامة، ومن ثم المحاكمة تكشف عن حجم هذه التدخلات». الى ذلك لقي قرابة 10 من اليمنيين، أمس، مصرعهم في مواجهات مسلحة حول مبنى وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء، التي هاجمها مسلحون عسكريون ومدنيون موالون للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقام المهاجمون بنهب المبنى، هذا في وقت أعلن عن اعتقال أحد أخطر عناصر تنظيم «القاعدة» في صنعاء.

وللمرة الثانية، خلال 3 أيام، هاجم مسلحون يتبعون قوات النجدة وآخرون بملابس مدنية مبنى الداخلية الواقع في حي الحصبة بشمال شرق العاصمة، وتبادلوا إطلاق النار مع حراسة المبنى، الأمر الذي أسفر عن سقوط قرابة 10 قتلى وعدد غير قليل من الجرحى من الطرفين ومن المواطنين الذين كانوا يستخدمون الطريق.

وقال مصدر يمني مطلع في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط» في لندن: «تمت السيطرة تماما على الوزارة من قبل المهاجمين الذين لا يزالون مسيطرين عليها حتى اللحظة» وأضاف: «تمت مهاجمة الوزارة من معسكر قوات النجدة القريب منها ومن حديقة الثورة وكذا من المباني الخلفية التي تتبع الوزارة» وأضاف المصدر أن «عدد المهاجمين تضاعف والموجودون حاليا في الوزارة يقدرون بأربعمائة شخص» مؤكدا أن المهاجمين نهبوا محتويات الوزارة بشكل كبير، وأن عملية الاقتحام المكثفة التي تمت (أمس) جاءت بعد فشل وساطة كان يقودها فضل القوسي، قائد الأمن المركزي الجديد والمعين من الرئيس هادي مع المهاجمين للنظر في مطالبهم.

وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين تمكنوا من السيطرة على مبنى الوزارة الذي تعرض لعملية نهب واسعة النطاق لمحتوياته ووثائقه، وذكرت مصادر خاصة أن كمية كبيرة من الأسلحة نهبت من مخازن الوزارة، وأبرز المنهوبات مسدسات روسية الصنع، وأخرى أميركية يصل سعر الواحد منها لأكثر من 5 آلاف دولار، وذكر الشهود أن بعض المشاركين في عمليات النهب، قاموا ببيع المسدسات على بعد مسافة من مقر الوزارة بمبالغ زهيدة.

وفي السياق ذاته قالت مصادر إعلامية محلية إن الرئيس عبد ربه منصور هادي، وجه إلى اللجنة الأمنية بالتدخل السريع لوقف الاشتباكات الدائرة في مبنى وزارة الداخلية وسرعة تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة القادة العسكريين الذين يقفون وراء تصعيد الأحداث ورفع التقرير خلال 24 ساعة.

من ناحية أخرى، أعلنت أجهزة الأمن اليمنية (الثلاثاء) عن اعتقال أحد أخطر المطلوبين على ذمة الإرهاب، وقال مصدر مسؤول في اللجنة الأمنية العليا باليمن، إن الأجهزة الأمنية في العاصمة صنعاء تمكنت الاثنين من إلقاء القبض على، من وصفته بالإرهابي عبد الرحمن عبد القادر البيحاني، أحد أخطر عناصر القاعدة المطلوبين أمنيا وأحد العناصر القيادية البارزة التي كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية وتخريبية في أمانة العاصمة.

وذكرت اللجنة الأمنية أن البيحاني يعد من العناصر التي شاركت في القتال ضد القوات المسلحة في محافظة أبين وقام باستقطاب صغار السن وإرسالهم للقتال مع تنظيم القاعدة ضد القوات المسلحة في محافظتي أبين وشبوة ، وأشار مصدر أمني يمني مسؤول إلى أن إلقاء القبض على البيحاني، يأتي في إطار الجهود المستمرة والمتواصلة التي تبذلها الأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب والتصدي لأنشطة عناصر تنظيم القاعدة، من أجل النيل منها وعدم السماح لها بنشر الفوضى والقيام بأعمال التخريب ونشر الخوف والذعر بين المواطنين وإقلاق الأمن والسكينة العامة للمجتمع.

ودعت اللجنة الأمنية المواطنين إلى الإبلاغ بالمعلومات عن أماكن وتحركات العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة، وتؤكد بأن الدعوة لا تزال مفتوحة أمام بقية العناصر المغرر بهم للعودة إلى رشدهم والرجوع عن غيهم والمبادرة بتسليم أنفسهم.

في سياق متصل، أعلنت السلطات اليمنية أن خمسة من عناصر تنظيم القاعدة أو من يطلقون على أنفسهم اسم تنظيم «أنصار الشريعة» سلموا أنفسهم إلى السلطات المحلية في محافظة لحج، وقالت المصادر الحكومية إن الأشخاص الذين سلموا أنفسهم أعلنوا توبتهم ليعودوا مواطنين صالحين لهم كافة الحقوق وعليهم كافة الواجبات، وذكرت السلطات المحلية في لحج أن هؤلاء الأشخاص استجابوا لدعوة من محافظ المحافظة، أحمد عبد الله المجيدي الذي التقاهم وحيا موقفهم الشجاع، حسب وصفه، ودعا باقي من وصفهم بـ«المغرر بهم» إلى تسليم أنفسهم إلى السلطات.

يأتي ذلك، في وقت ذكرت خلاله مصادر في محافظة أبين الجنوبية أن الطيران الحربي اليمني نفذ (الاثنين) عددا من الغارات الجوية على مواقع جبلية يعتقد أن عناصر تنظيم القاعدة يتحصنون فيها، بعد أن جرى دحرهم الشهر الماضي من المدن التي كانوا يسيطرون عليها.