الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران

أحمدي نجاد يدعو لتقليل الإعتماد على النفط

TT

وافق الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس على مشروع العقوبات الإضافية على قطاعي النفط والمال الإيرانيين الذي طرحه مفاوضون من مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة والتي تهدف إلى الحد من إيرادات النفط وغيره لإيران والتي تستخدمها لتعميق برنامجها النووي.

وتنص البنود الرئيسية لقانون العقوبات على حث الرئيس باراك أوباما على تحديد ما إذا كانت الشركات الإيرانية الرئيسية للنفط والناقلات لها صلة بالحرس الثوري الإيراني مما سيؤدي إلى فرض عقوبات، وفرض عقوبات على الشركات التي توفر خدمات التأمين وإعادة التأمين لشركات النفط والناقلات الوطنية، وكذلك فرض عقوبات على شركات الشحن التي تنقل النفط الإيراني، ومعاقبة شركات الشحن التي تغير العلم المرفوع على السفن أو تطفئ أنظمة التعقب لمحاولة تجنب العقوبات.

وفرض عقوبات على الشركات المشاركة في شركات مشتركة مع إيران مرتبطة بالطاقة. ومعاقبة الشركات الأميركية الأم التي تتعامل مع الشركات الأجنبية التابعة لها مع إيران.

وتوسيع تعريف «المعاملات المالية» القابلة لفرض عقوبات لتشمل العقود الآجلة وعقود الخيارات وعقود المبادلة والمقايضة وعقود النفط مقابل الذهب.

وكذلك التدقيق أكثر في الخدمات التي تقدمها شبكة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفت) وغيرها من الشركات المقدمة لخدمات التحويلات المالية عبر الرسائل التي تساعد البنوك الإيرانية على تحويل الأموال إلكترونيا. كما تتضمن العقوبات أن تطلب من الشركات المدرجة في البورصة الأميركية الكشف عن المعاملات التي تتم مع إيران في تقارير عامة.

وفرض عقوبات على من يشتري ديونا سيادية إيرانية وسندات حكومية. وتشمل بعض العقوبات أيضا شخصيات سوريا مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان وشركات تبيع لسوريا أسلحة أو معدات الاتصالات التي تستخدم في كبح حرية التعبير.

كما تطلب تقارير إضافية للكونغرس حول المعايير المستخدمة في تحديد ما إذا كان مشترو النفط يقللون من اعتمادهم على الخام الإيراني بشكل كاف واحتمالات لفرض عقوبات إضافية على صادرات الغاز الطبيعي الإيراني وشركات السفن التي تتعامل في الموانئ الإيرانية والاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة الإيراني والحكومات الأجنبية التي تتعامل مع الحرس الثوري الإيراني، حسب «رويترز».

وشمل القرار الأميركي فرض عقوبات على بنك «كونلون الصيني» وبنك «إيلاف الإسلامي العراقي» اللذين سهلا معاملات بقيمة ملايين الدولارات، نيابة عن بنوك إيرانية تفاديا للعقوبات الدولية.

وفي غضون ذلك شكل البنك المركزي الإيراني خلية خاصة في مواجهة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب للضغط على إيران بهدف التخلي عن تخصيب اليورانيوم، كما أفادت وكالة الأنباء الإيرانية أمس.

وقال حاكم المصرف المركزي محمود بهمني في تصريح نقلته الوكالة «شكلنا مركز عمليات في البنك المركزي يجتمع كل يوم»، ومهمته «إدارة العقوبات» التي وصفها بأنها بمثابة «حرب» على إيران.

وأضاف في مواجهة هذه العقوبات «قمنا بشن حرب اقتصادية لأننا من دون ذلك سنواجه صعوبات وعقوبات»، من دون توضيح تركيبة هذه الخلية واستراتيجيتها. وقال بهمني «كل مصارفنا والبنك المركزي تواجه حاليا عقوبات، ولكننا نقوم بعملنا».

وبدأ المسؤولون الإيرانيون مؤخرا يعترفون بأثر العقوبات على الاقتصاد، لكنهم يؤكدون أن إيران قادرة على مواجهة الضغوط. وتشتبه الدول الغربية بسعي إيران لحيازة السلاح النووي رغم تأكيد طهران أن برنامجها النووي مدني بحت.

ومن جهته اعتبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس أن على إيران أن تحد من اعتماد اقتصادها على صادرات النفط الخام وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه صادراتها هذه لعقوبات أميركية وأوروبية.

وقال أحمدي نجاد كما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا): «يجب وقف صادرات النفط الخام. وهذا شيء ممكن القيام به» وذلك في كلمة ألقاها خلال احتفال بافتتاح قسم من مصفاة تكرير طهران يتيح زيادة إنتاج البنزين بنحو ثلاثة ملايين لتر إضافية.

وشدد الرئيس الإيراني على ضرورة قيام إيران ببناء المزيد من مصافي التكرير لتغطية الاستهلاك المحلي من الوقود وأيضا إمكانية تصدير مواد مكررة وهو ما تقوم به حاليا على نطاق صغير مع أفغانستان والعراق ودولة الإمارات وسلطنة عمان وأرمينيا.

وكان المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي وصف منذ يومين اعتماد الاقتصاد الإيراني على الصادرات النفطية بـ«الفخ» الموروث عن الوضع الذي كان قائما قبل 1979 والثورة الإسلامية.

وتنتج إيران حاليا أقل قليلا من ثلاثة ملايين برميل من النفط وتصدر أقل من مليوني برميل بسبب العقوبات التي فرضتها عليها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتي دخلت حيز التنفيذ في أول يوليو (تموز).

وتستهدف هذه العقوبات القطاع النفطي والمصرفي وأيضا عقود التأمين على ناقلات النفط.

وهي تهدف إلى وقف صادرات النفط الإيراني لخفض عائدات هذا البلد من العملات الصعبة في إطار الضغوط التي تمارس عليه لإرغامه على التخلي عن برنامجه النووي المثير الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى إنتاج السلاح النووي.

وبالنسبة للمنتجات المكررة يقدر الإنتاج النفطي الحالي من البنزين بـ60 مليون لتر يوميا ما يغطي تقريبا الاستهلاك المحلي ويتيح لطهران وقف استيراد هذه المادة منذ 2011.

ومنذ انسحاب الشركات الغربية الكبرى من البلاد تحاول إيران إحلالها بأخرى متوجهة خصوصا إلى الشركات الصينية بالإضافة إلى توقيع الكثير من العقود مع شركات إيرانية.

إلى ذلك أظهرت بيانات جمركية أمس أن جنوب أفريقيا لم تستورد أي كميات من النفط الخام الإيراني في يونيو (حزيران) في دلالة على أن «بريتوريا» ربما تخلت عن شحنات الخام الإيرانية لتجنب العقوبات الأميركية والأوروبية. وفي مايو (أيار) بلغت واردات جنوب أفريقيا من إيران 285524 طنا.

وكانت جنوب أفريقيا صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا تستورد ربع احتياجاتها من الخام من إيران لكنها تعرضت لضغوط غربية لخفض الواردات، في إطار عقوبات تهدف لوقف مساعي إيران المزعومة لصنع قنابل نووية.

وزادت واردات الخام من السعودية في يونيو لأكثر من المثلين إلى 1.17 مليون طن مقارنة بالشهر السابق. واستوردت جنوب أفريقيا أيضا إمدادات من نيجيريا والإكوادور وأنغولا. وبلغ إجمالي الواردات 1.95 مليون طن.

كما قال مسؤول بشركة «شوا شل سيكيو» اليابانية لتكرير النفط أمس إن الشركة تستورد كميات أقل من الخام الإيراني مقارنة بالعام الماضي، حين كانت تستورد 100 ألف برميل يوميا في المتوسط، وذلك تمشيا مع العقوبات الأميركية على إيران.

وأقرت «شوا شل» - أكبر مستورد ياباني للخام الإيراني سابقا - لأول مرة بأنها تواصل استيراد الخام الإيراني.

وكانت مصادر ذكرت أن العقد السنوي السابق للشركة انتهى في مارس (آذار) الماضي.

وقال تسوتومو يوشيوكا، مدير عام إدارة التمويل والتحكم في «شوا شل» في مؤتمر صحافي بشأن نتائج الشركة في النصف الأول: «المستويات الحالية أقل مما كنا نحصل عليه في الأساس.. وهو 100 ألف برميل». لكنه رفض الإدلاء بمزيد من التوضيح لأنه ليس مسؤولا بشكل مباشر عن واردات الخام.

وتابع يقول: «من المؤكد أن المشتريات أقل منها قبل عام». وقال مصدر في قطاع النفط لـ«رويترز» الشهر الحالي إن من المرجح أن تكون الشركة خفضت الكميات المتعاقد عليها إلى ما بين 60 و70 ألف برميل يوميا. لكن الشركة رفضت التعليق في ذلك الحين. وفي سياق آخر نصح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس المرشح الرئاسي الأميركي ميت رومني بألا يتملق إسرائيل لأنها لا تستحق تملقه. ونقل موقع الرئيس الإيراني عنه القول في اجتماع مع مسؤولين من قطاع النفط: «الفوز بالانتخابات والوصول إلى الحكم لا يساويان تقبيل أقدام الصهاينة». حسب وكالة الأنباء الألمانية.

وكان رومني قد زار إسرائيل مؤخرا حيث شدد على خطورة امتلاك إيران لأسلحة نووية وأكد دعمه لإسرائيل حتى إن تطلب ذلك مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.

إلى ذلك، هوى الريال الإيراني إلى مستويات متدنية مقابل الدولار في تعاملات أمس، وبلغ سعر صرف العملة الإيرانية 17200 ريال مقابل الدولار، وهو مستوى قياسي منخفض، وكان سعر الدولار في الشهر الماضي عند 10500 ريال.

وكشفت مكاتب للصرافة في طهران أنه لا توجد أي تعاملات في الوقت الحالي، مشيرة إلى ترقب عام لإجراءات رسمية تحدد السياسة التي ستتبعها طهران إزاء تسعير العملة الوطنية.

وستزيد العقوبات من صعوبة تحصيل إيران قيمة صادراتها ولا سيما النفط، الذي يعد مصدرا حيويا للعملة الصعبة في إيران التي تعد خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم.