هيثم المالح لـ «الشرق الأوسط»: «المكتب التنفيذي» فشل في تحقيق أي شيء للشعب

النشار: نواة الحكومة هي الحراك الثوري والمجالس العسكرية والمجلس الوطني

هيثم المالح رئيس مجلس أمناء الثورة السورية يتوسط اعضاء المجلس في المؤتمر الصحافي الذي عقد في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

استبعد هيثم المالح رئيس مجلس أمناء الثورة السورية في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن يثير تأسيس مجلس أمناء الثورة السورية أي اعتراضات أو خلافات بين المعارضة السورية أو المجلس الوطني، وكشف عن أنه سيتم التشاور لعقد اجتماع قريب للمعارضة يعقبه إعلان تشكيل الحكومة السورية. بينما برز اعتراض ضمني من المجلس الوطني السوري على هذه الحكومة، بتأكيد عضو المجلس سمير النشار أن ما أعلنه المالح هو مبادرة شخصية منه، مشددا على أن «النواة الصلبة للحكومة تتشكل من الحراك الثوري، والمجالس العسكرية المنضوية تحت قيادة الجيش الحر والمجلس الوطني».

وحول رؤيته، قال المالح: «أعتقد أن الحديث عن معارضة لنا غير صحيح»، وأفاد: لو أن المجلس الوطني قد تمكن من تحقيق أهداف الثورة لما كان هذا المشروع. وتابع قائلا: إن «المجلس الوطني ليس ككيان، وإن المكتب التنفيذي، فشل في تحقيق أي شيء للشعب السوري، والأمر الوحيد الذي حصده هو الاعتراف الدولي فقط».

وردا على سؤال عما إذا كان تشاور مع المجلس الوطني السوري، أجاب المالح «لقد تشاورت مع كل أطياف المعارضة، ورئيس المجلس الوطني الدكتور عبد الباسط سيدا قال منذ أيام سنتوافق على شخصية توافقية تقود الحكومة». وعما إذا كانت هذه الحكومة بديلا عن المجلس الوطني في المرحلة المقبلة، أشار إلى أن «الحكومة هي جهاز تنفيذي على الأرض، أما المجلس الوطني فهو الإطار السياسي والوجه التمثيلي لإرادة كل أطياف المعارضة في المرحلة المقبلة، بحيث يكون أشبه ببرلمان يتولى عملية الرقابة والمحاسبة للحكومة وأدائها».

أما عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير النشار، فلفت إلى أن «موضوع الحكومة لم يجر النقاش فيه بشكل جدي بعد، إنما هناك حديث عن أفكار مماثلة». وأوضح أن «ما أعلنه الأستاذ هيثم المالح بشأن الحكومة هو عبارة عن مبادرة مقدمة منه، وهو يتصل بشخصيات ويطلب منها الانضمام إليه».

وقال النشار لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كمجلس وطني سوري لدينا فكرة أولية توافقنا عليها في مؤتمر (الأمانة العامة للمجلس) الدوحة، وهي نواة صلبة للحكومة، بحيث تتشكل من الحراك الثوري - أي تنسيقيات الثورة، والمجالس العسكرية المنضوية تحت قيادة الجيش السوري الحر والمجلس الوطني السوري، وهؤلاء وحدهم يشكلون نواة صلبة لأي حكومة». وأضاف: «إذا توافقت هذه المكونات على حكومة مؤقتة يمكن حينها تشكيلها على أن تتوسع فيما بعد، لتضم أطياف أخرى سياسية وممثلين عن المجتمع المدني في الداخل والخارج ورجال الأعمال وشخصيات وطنية كبيرة قد يتم التوافق عليها».

وحول ما إذا كان المجلس الوطني يوافق على أن يكون المالح رئيسا لهذه الحكومة، قال نشار «رئيس الحكومة الانتقالية يجب أن يكون شخصية وطنية توافقية معارضة ملتزمة بأهداف الثورة منذ بدايتها، هذا المعيار هو المطلوب والذي يفترض أن يجري النقاش حوله وهذه الصفات قد تنطبق على الكثير من الشخصيات السورية».

من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم المرعي عضو المكتب الإعلامي للمجلس الوطني السوري في اتصال مع «الشرق الأوسط» أمس أنه لم يصدر أي تصريح رسمي حتى ظهر أمس عن المجلس، وقال إن هيثم المالح نفسه أعلن أنه لم يتم التشاور مع أي أطراف في الداخل أو في المجلس الوطني. واعتبر المرعي الإعلان عن الحكومة الانتقالية «مجرد فقاعات»، وأنه تم استغلال تصريح واشنطن وأنقرة بأنهما تحتاجان لحكومة انتقالية. وأضاف: «هناك غموض حول الشخصيات وتضاربات في المواقف».

وفي رد على إعلان المالح عن تأسيس المجلس الحكومي من القاهرة، أعرب عبد الأحد اسطيفو عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري عن اعتقاده بأن «هذه المحاولات غير جدية، وما هي إلا أرانب جديدة تخرج من قبعات من يعادي ثورة الشعب السوري، لأنها تعمينا عن هدفنا الأساسي المتمثل في إسقاط النظام».

ونفى اسطيفو أي علاقة للمجلس الوطني بالتشكيلات الحكومية التي تناقلتها وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية. ووصف اسطيفو هذه التسريبات بأنها «بالونات اختبار وقنابل معدة لتفجير المعارضة السورية» معتبرا إياها «قضايا تلهينا عن الهدف الأساسي المتمثل في محاربة هذا النظام المجرم».

وقال اسطيفو في تصريح لشبكة مراسلي المجلس الوطني السوري إن المجلس «لن يعلن أي تشكيلة حكومية إلا بالتنسيق والتشاور الكامل مع قوى الداخل السوري وفصائل الحراك الثوري، وستضم في حال إعلانها المؤسسة العسكرية التابعة للجيش السوري الحر إضافة إلى القوى السياسية المتمثلة في المجلس الوطني السوري». وأكد اسطيفو في اتصال معه أمس من إسطنبول أن «المجلس الوطني لن يعلن عن تشكيلة حكومية إلا من على الأراضي السورية المحررة».

وأكد فهد المصري، مسؤول الإعلام المركزي للقيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن لا علاقة للقيادة في الداخل بمشروع الحكومة الانتقالية الذي طرح في القاهرة، داعيا هيثم المالح إلى التمعن في مشروع الإنقاذ الوطني الذي تقدمت به القيادة المشتركة في الداخل.

وفي غضون ذلك، أصدر العقيد الطيار الركن قاسم سعد الدين الناطق الرسمي باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل قائد المجلس العسكري في حمص وريفها، بيانا أعلن فيه أن القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل، ومكتب التنسيق والارتباط، وكل المجالس العسكرية في المدن والمحافظات، والكتائب والسرايا التابعة لها، تنفي نفيا قاطعا صحة المزاعم التي تناولتها عدة وسائل إعلامية حول لائحة تتضمن أسماء مقترحة للحكومة الانتقالية السورية المقبلة، وقال مؤكدا: «لا نتبنى هذه اللائحة أو غيرها، ولا علاقة لنا بالمطلق بنشرها، ونعتبره تصرفا غير مسؤول ومصادرة لرأي الآخرين وحق جميع القوى الثورية والوطنية في تطوير مشروع الإنقاذ الوطني الذي اقترحناه، وفي اختيار الشخصيات الوطنية الملائمة، ومحاولة مغرضة من أطراف معينة للتشويش، ومحاولات بائسة لخلق شرخ بين القوى الوطنية والثورية». وأضاف: «نشير إلى أن هذه اللائحة المنشورة من الأسماء كانت واحدة من عشرات اللوائح التي عرضت علينا على أنها مسودات للنقاش والدراسة من أطراف وطنية متعددة، ولم نتبنها، ولن نتبنى أي مشروع أو مقترح لا توافق عليه جميع القوى الثورية على الأرض. ونشدد مرة ثانية على أن أي مشروع أو حكومة يشكل هنا أو هناك لن يرى النور إن لم يتبن كامل مطالب الثورة دون أي نقصان أو مواربة، ولم يحظ بموافقة قوى الثورة الفاعلة على الأرض وموافقة القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل».

واعتبر سعد الدين مشروع المرحلة الانتقالية مشروعا يعلن الهيكلية والمؤسسات في الفترة الانتقالية عقب سقوط الأسد ونظامه، وأن «المشروع المطروح ليس خارطة طريق للبرامج التنفيذية، وإن عدم إعلاننا البرامج التنفيذية والخطط، شيء مقصود؛ احتراما منا لباقي أطياف الثورة السورية المجيدة على الأرض».

وأوضح البيان أن «الثورة السورية قضية داخلية بحتة بين نظام قاتل وشعب ثائر، ونؤكد أن الحكومة السورية الجديدة المقبلة حكومة وطنية بامتياز، ومسؤولة، وتعي التزاماتها الوطنية والإقليمية والدولية».

كما أكد البيان على أن «مشروع المرحلة الانتقالية لا يعني إسقاط الدولة؛ بل إسقاط النظام، لأن المشكلة في بنيته غير القابلة للإصلاح. ومشروع المرحلة الانتقالية لا يعني استثناء أحد من العاملين في الدولة، وبشكل خاص الكفاءات والخبرات، إلا من تلطخت أياديهم بدماء السوريين وبالفساد. ومشروعنا لا يعني تحطيم الدولة؛ بل صيانتها والعمل من خلال المؤسسات الدستورية والشرعية».

من جهة أخرى، وعن مواقف الدول العربية والإقليمية المعنية بالأزمة السورية وما إذا كانت راضية عن الحكومة المقترحة، قال المالح: «بعد انتهاء المشاورات سنستشف الوضع العام.. وأنا أزور بشكل دائم جامعة الدول العربية وأتشاور معها في هذا الأمر».

وحول طبيعة الحلول للخلاص من نظام الأسد، وعما إذا كانوا يعولون على خروج قرار من مجلس الأمن، قال المالح: نحن لن نراهن على الخارج إطلاقا وشهدنا في المرحلة الماضية أن ما يسمى بالمجتمع العربي والدولي دورهم غير فاعل وأعطوا مهلا للنظام للمزيد من القتل والتنكيل بالشعب السوري ولذا نحن نراهن على قوانا الداخلية والجيش السوري الحر وعلى الثوار في الداخل والمعارضة المتواجدة هنا وهناك من أجل المساعدة في إسقاط النظام. وأضاف المالح: سوف يسقط هذا النظام قريبا، وليس ببعيد.. وأنا أعتقد هذا، وسبق أن ذكرت أن نظام بشار الأسد سوف ينال مصير القذافي. وعما إذا كان الأسد سوف يحتمي بالجبل في سوريا ومن ثم تشكيل دولة علوية، قال المالح: لا أعتقد ذلك وليس أمامه فرصة للهرب. وحول دور الجامعة العربية خلال المرحلة القادمة قال: أولا سوف نطالب العالم بالاعتراف بنا كمعارضة ممثلة للشعب. وكشف عن لقاء يعقده اليوم (الأربعاء) مع الدكتور نبيل العربي لعرض نتائج المؤتمر وتأسيس مجلس أمناء الثورة، مشيرا إلى أن لديه اتصالات قديمة مع الدكتور العربي. وأضاف: سوف أسلمه وثائق المجلس وسندعو إلى اجتماع للمعارضة قريبا سوف يعقبه إعلان تشكيل الحكومة.

وكان المالح قال في المؤتمر الصحافي أمس إن المجلس سوف يتواصل مع الجميع في الداخل والخارج سياسيين وعسكريين لإسقاط نظام بشار الأسد. وردا على سؤل لـ«الشرق الأوسط» حول انشقاق مناف طلاس، قال المالح إن الإخوة المنشقين سيكون لهم دور بكل تأكيد، ولكن لم نتواصل مع طلاس بعد، ويمكن التعامل معه من خلال التكتل العسكري وكذلك المجلس العسكري الذي أعلن في حلب.

وردا على سؤال حول الاعتراف بمجلس الأمناء، قال المالح إن «المعترفين بالمجلس الوطني هو اعتراف بحق الشعب السوري في التغيير». وأضاف: «لا خلاف مع المعارضة، والجميع يتفق على الثوابت، وهي إسقاط النظام. والأصل في المعارضة هو الخلاف، ومن ثم نعمل على التوافق من أجل سيادة وصيانة وحدة الشعب السوري والأرض وتحرير كل شبر من العصابة الأسدية».

وردا على سؤال آخر لـ«الشرق الأوسط» حول تعامل المجلس مع المنشقين من حزب البعث السوري، قال المالح إن حزب البعث به انشقاق، وكل من انشق من الجيش والدبلوماسيين هم من حزب البعث، ونرحب بهم، ومبدأ التعاون مع حزب البعث متروك للتعارف على من ارتكب جرائم ضد الشعب السوري وسوف نجد الحلول ونرضي جميع الأطراف ومن ارتكب جرائم سيحال إلى القضاء.

وردا على مسألة التعدد الطائفي، أوضح المالح أن الطائفية حديثة العهد في سوريا، مشيرا إلى أنه منذ فجر الإسلام تعايش الجميع في سلام لأن القاعدة الأساسية في سوريا قائمة على الاعتدال. وقال: لا توجد أي حساسية من القوميات أو حتى الطوائف، وكل تحت مظلة سوريا الموحدة، مؤكدا أن مجلس أمناء الثورة مفتوح لمن يرغب في الانضمام.